الرئيسية - إقتصاد - العالم يحتاج لعملة موحدة حقيقية غير الدولار (تحليل )
العالم يحتاج لعملة موحدة حقيقية غير الدولار (تحليل )
الساعة 03:10 مساءاً (عيون)

تحليل.. العالم يحتاج لعملة موحدة حقيقية
 الميثاق نيوز - متابعات -  يستعد العالم هذا العام للاحتفال بالذكرى السنوية لاثنين من الأحداث الرئيسية في تطوير النظام النقدي العالمي.

الأولى، هي إنشاء صندوق النقد الدولي في مؤتمر بريتون وودز قبل 75 عاماً مضت، والثانية هي ظهور حق السحب الخاص وهي الأصول الاحتياطية العالمية التي استحدثها صندوق النقد منذ 50 عاماً.

ويرى الاقتصادي في جامعة كولومبيا "خوسيه أنطونيو أوكامبو" أن الوقت قد حان لتدشين عملة عالمية حقيقية من خلال استغلال فرصة الذكرى السنوية هذا العام، بحسب التحليل الذي نشره موقع "بروجيكيت سينديكيت".

وعندما تم إطلاق حقوق السحب الخاصة، فإن صندوق النقد كان يأمل في جعله الأصل الاحتياطي الأساسي في النظام النقدي الدولي.

ويظل هذا الأمر بمثابة طموح لم يتحقق، رغم أن حق السحب الخاص بالفعل يعتبر واحداً من أدوات التعاون الدولي الأكثر استخداماً.

ومع ذلك، أن تأتي متأخراً أفضل من ألا تأتي أبداً: فمن شأن تحويل حق السحب الخاص إلى عملة عالمية حقيقية أن يحقق فوائد عديدة للاقتصاد العالمي والنظام النقدي.

وفكرة تدشين عملة عالمية ليست جديدة، ففي الفترة السابقة لمفاوضات بريتون وودز اقترح جون مينارد كينز عملة جديدة أسماها "بنكور" كوحدة لحساب اقتراحه بشأن إنشاء اتحاد المقاصة الدولي.

وفي الستينيات، ظهرت مقترحات أخرى لمعالجة المشاكل المتنامية الناجمة عن نظام ارتباط الدولار بالذهب المزدوج الذي تم إنشاؤه في بريتون وودز، وذلك تحت قيادة الاقتصادي البلجيكي الأمريكي "روبرت تريفين".

لكن هذا النظام (ارتباط الدولار بالذهب) قد انهار أخيراً في عام 1971.

ونتيجة لتلك المناقشات، وافق صندوق النقد على إنشاء حق السحب الخاص في عام 1967 كما أدرجه ضمن مواد اتفاقيته بعد عامين من ذلك التاريخ.

وعلى الرغم من أن إصدار صندوق النقد الدولي لحقوق السحب الخاصة يشبه إنشاء أموال وطنية من قبل البنوك المركزية، إلا أنها لا تلبي سوى بعض وظائف النقود.

وفي حين أن حقوق السحب الخاصة هي أصل احتياطي وبالتالي مخزن للقيمة كما أنها وحدة حساب صندوق النقد الدولي، لكن البنوك المركزية فقط وبشكل أساسي في الدول النامية وبعض الاقتصادات المتقدمة وعدد قليل من المؤسسات المالية تستخدم حقوق السحب الخاصة كوسائل دفع متبادلة بينهما.

وتتمتع حقوق السحب الخاصة بعدد من المزايا الأساسية، وخاصة أن صندوق النقد يمكنه استخدامها كأداة للسياسة النقدية الدولية في أزمة اقتصادية عالمية.

وفي عام 2009 على سبيل المثال، أصدر صندوق النقد 250 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة من أجل المساعدة في مكافحة الركود الاقتصادي، وذلك في أعقاب مقترح قدمته مجموعة الدول العشرين.

والأكثر أهمية، أن حقوق السحب الخاصة يمكن أن تصبح كذلك أداة أساسية لتمويل برامج صندوق النقد الدولي.

وحتى الآن، اعتمد صندوق النقد بشكل أساسي على زيادة الحصص (رأس المال) والاقتراض من الدول الأعضاء، لكن الحصص تميل للتخلف عن النمو الاقتصادي العالمي.

وكانت الزيادة الأخيرة تم الموافقة عليها في عام 2010 لكن الكونجرس الأمريكي وافق عليها فقط في عام 2015.

كما أن القروض من الدول الأعضاء، والتي تعتبر المصدر الرئيسي للأموال الجديدة للصندوق (وخاصة في اوقات الأزمات) ليست أدوات حقيقية متعددة الأطراف.

والبديل الأفضل هو تحويل صندوق النقد الدولي إلى مؤسسة ممولة وتدار بالكامل بعملة عالمية خاصة بها، وهو الاقتراح الذي قدمه "جاك بولاك" قبل عدة عقود مضت، والذي كان آنذاك كبير الاقتصاديين بالصندوق.

وقد يتمثل أحد الخيارات البسيطة في اعتبار حقوق السحب الخاصة التي بحوزة الدول لكنها لا تستخدمها كـ"ودائع" في الصندوق الدولي، الذي يمكنه استخدامها لتمويل قروضه إلى الدول.

ومن شأن ذلك أن يتطلب تغييراً في مواد اتفاقية صندوق النقد، وذلك نظراً لأن حقوق السحب الخاصة لا يتم الاحتفاظ بها حالياً في حسابات صندوق النقد الدولي العادية.

ويمكن للصندوق بعد ذلك إصدار حقوق السحب الخاصة بانتظام أو خلال الأزمات (وهو الخيار الذي لا يزال الأفضل) كما حدث في عام 2009.

وعلى المدى الطويل، ينبغي أن تكون الكمية المصدرة ذات صلة بالطلب على احتياطيات النقد الأجنبي.

ويقدر بعض الاقتصاديين وصندوق النقد نفسه أنه بإمكان الصندوق إصدار ما يتراوح بين 200 إلى 300 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة بشكل سنوي.

وعلاوة على ذلك، من شأن هذا أن يساهم في نشر الفوائد المالية من إصدار عملة عالمية في كافة الدول.

وفي الوقت الحالي، فإن هذه الفوائد لا تعود بالنفع إلا على مصدري العملات الوطنية أو الإقليمية المستخدمة دولياً وخاصة الدولار الأمريكي واليورو.

ومن شأن استخدام أوسع لحقوق السحب الخاصة أن يجعل النظام النقدي العالمي أكثر استقلالاً عن السياسة النقدية الأمريكية، مع حقيقة أن أحد أكبر مشاكل النظام النقدي العالمي حالياً تتمثل في أن أهداف السياسة الأمريكية باعتبارها صاحبة عملة الاحتياط الأولى في العالم لا تتوافق دائماً مع الاستقرار العام للسياسة.

وعلى أي حال، يمكن أن تستمر العملات الوطنية والإقليمية المختلفة في التداول جنباً إلى جنب مع احتياطيات حقوق السحب الخاصة الآخذة في الزيادة.

كما أن "حساب الاستبدال" الجديد التابع لصندوق النقدالدولي من شأنه أن يسمح للبنوك المركزية بتبادل احتياطياتهم مقابل حقوق السحب الخاصة، كما اقترحت الولايات المتحدة أولاً في فترة السبعينيات.

ويمكن كذلك أن تستخدم حقوق السحب الخاصة في المعاملات الخاصة والسندات المقومة بالعملة الوطنية.

ولكن، كما أشار صندوق النقد في تقريره لمجلس الإدارة خلال عام 2018، فإن هذه "حقوق السحب الخاصة في السوق" والتي قد تحول الوحدة إلى أموال كاملة الوظائف، ليست ضرورية للإصلاحات المقترحة هنا.

كما أننا لن نحتاج حقوق السحب الخاصة لاستخدامها مثل وحدة حساب خارج صندوق النقد الدولي.

وتعتبر الذكرى السنوية لصندوق النقد الدولي وحقوق السحب الخاصة في عام 2019 بمثابة أسباب للاحتفال، لكنها كذلك تمثل فرصة مثالية لتحويل حقوق السحب الخاصة إلى عملة عالمية حقيقية من شأنها أن تعزز النظام النقدي الدولي، وينبغي على صناع السياسة استغلالها.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص