انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورة يقال إنّها ليد قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ويظهر فيها الخاتم المصنوع من العقيق اليماني الذي عرف به.
كانت الخواتم في اليد اليمنى من الملامح البارزة على الدوام في مظهر سليماني. ويمكن تمييزها في كلّ صوره التي تنشر في الإعلام، سواء أثناء إلقائه الخطب، أو خلال أدائه للصلاة، أو خلال ما يرشح من جولاته العسكريّة.
هناك عدّة خواتم تظهر في صور سليماني، من بينها الخاتم الشهير الذي كان يرتديه وقت قتله، وآخر منقوش بلفظ الجلالة ويقال بانه حصل عليه هدية من زعيم الميليشا في اليمن عبد الملك الحوثي
يعدّ تخَتُّم الرجال بالفضّة والأحجار الكريمة من العادات المتوارثة لدى الشيعة، ومن المظاهر المستحبة الشائعة للدلالة على إيمان من يتزيّن بها. في أغلب الأحيان يوضع الخاتم في خنصر اليد اليمنى، وأحياناً في البنصر، ومنهم من يجمع بين الاثنين.
يقول محمد باقر عودة، خبير الأحجار الكريمة وصاحب متجر لبيع الأحجار الكريمة في الضاحية الجنوبية لبيروت، إنّ "الأحجار المشهورة للزينة بناءً على الروايات الإسلامية ستة، وهي الفيروز والحديد الصيني والدرّ النجفي والعقيق والياقوت والزمرد".
بحسب عودة، فإنّ خاتم سليماني الذي شوهد في الصورة المنتشرة، مصنوع من العقيق اليماني، "وهو أكثر حجر مستحب عند المسلمين، ويرجّح أن يكون هدية له من مرشد الثورة الإسلامية علي الخامنئي، ما يجلعه ذا رمزيّة".
يقول عالم الدين اللبناني جعفر فضل الله لـ"بي بي سي" : "للخواتم لدى الشيعة جانبان، الأوّل ديني، يرتبط ببعض الأحاديث المروية عن الأئمة والصحابة وارتدائهم للخواتم، والثاني اجتماعي يرتبط بتراث البلاد العربية والإسلامية والزينة التقليدية فيها". لكنه يلفت إلى عدم وجود أيّ "جانب شرعي للخواتم أو الأحجار الكريمة، إذ لا يجوز للإنسان أن يرتبط بالحجر باعتقاد أنّه يضرّ وينفع، وحده الله يضرّ وينفع".
وبحسب فضل الله، "فإنّ الخواتم تحوّلت مع الزمن إلى شعار إيمانيّ لدى المسلمين من السنة والشيعة، وإن كان منتشراً عند الشيعة أكثر، إذ يتزيّن المتديّن في يومنا هذا بالأحجار التي كانت متوافرة في البلاد الإسلامية، مثل الفيروز والعقيق. أمّا ما ورد عن بعض الأحاديث حول خواتم النبيّ والصحابة، فيحتاج شرحه إلى دراسة وتعمّق، إذ يمكن أن يكون المقصود به شأن اجتماعي، وليس شأناً تعبدياً. ولكن من المتعارف عليه شيوع التزيّن بالخواتم في زمن الرسول محمد، وهناك الكثير من الروايات حول النقوش عليها، لكن الكلام عن آداب وضع الخواتم أو الأحجار هو بالمبدأ مجرد أقاويل لا يمكن أن نركن إليها".
يعزو فضل الله انتشار الخواتم إلى بعدين جغرافي وتاريخي، "إذ كانت رائجة في إيران، موطن الفيروز المستخرج من جبال نيسابور. وفي اليمن موطن العقيق. وربما يكون تحوّلها إلى شعار إيمانيّ في بيئة معيّنة ناتجاً عن طفرة تمازجت فيها الحالة الجهادية بالحالة الإيمانية. البعض يحكون عن تفسيرات مرتبطة بعلم الطاقة للأحجار الكريمة، لا نعرف إن كان ذلك مثبتا علمياً، لكن ربما تريح بعض الأحجار الناس عند النظر إليها. ومن جانب آخر، ربما يساعد ربطها بألغازٍ ما في ترويج تجارتها".
بعيداً عن الجانب الفقهي، لكلّ حجر دلالاته في التراث الشعبي، بحسب عودة. "يرتبط الفيروز بالظفر والنجاح والسفر والحماية من الحسد، والعقيق يرتبط بالحماية، والصلاة، والدعاء، ويعتبر حرزاً". هناك أيضاً "الحديد الصيني (ينقش بالجلالات السبع)، وهو حجر القوة ويلبس في المهمات والمعارك؛ كذلك الدرّ النجفي ويعدّ حجراً مباركاً عند المسلمين، ويعطي الأمان والاطمئنان. أمّا الياقوت فيلبس لنبله، وللرزق، والمقام الاجتماعي، ويلبس الزمرّد لتيسير الأمور العالقة".
- المقالات
- حوارات