تواجه دول الخليج العربية تحديا كبيرا تفرضه عليها المواجهة المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، وعلى هذه الدول أن تختار وفق قاعدة "إما أن تكون معنا أو ضدنا"، وفق ما كشف تقرير لمجلة ناشونال إنترست.
وفق تحليل للمجلة المختصصة، فإن الولايات المتحدة لم تلب طلبات حلفائها الخليجيين، الأمر الذي دفع الصين إلى استغلال ذلك، عبر محاولة جذب هذه الدول إلى صفها.
ويؤكد تقرير المجلة أن الإدارة الأميركية التي ستتشكل بعد انتخابات نوفمبر، مطالبة بتقديم بدائل لدول الخليج، تغنيهم عن الحاجة لبكين.
لكن في الوقت ذاته، يتوجب على دول الخليج أن تتفهم تكلفة الحفاظ على تحالفها الدائم مع الولايات المتحدة، وحتى اللحظة لا يزال عمق العلاقات العسكرية والسياسية مع أميركا أكبر منه بكثير مع الصين.
وعلى صعيد العلاقات الاقتصادية، استطاعت دول الخليج تطوير علاقات جيدة مع الصين من دون الإضرار بالولايات المتحدة، بحيث أبقت على علاقة متوازنة والبقاء على الحياد فيما يتعلق بالخلافات ما بين الطرفين.
لكن المجلة حذرت من أن السماح بوجود سياسي أو أمني للصين في منطقة الخليج، سيضر بالتوازن الحالي، ويجعل المهمة أمام هذه الدول أصعب.
في مطلع مايو الماضي، قال مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، "إنه يتعين على دول الخليج النظر في علاقاتها مع الولايات المتحدة عند التعامل مع الصين".
وقال إن على هذه الدول وضع قيمة شراكاتها مع الطرفين في ميزان، وذلك من أجل بذل العناية المطلوبة لشراكتها مع واشنطن.
هذا التصريح كشف عن توترات بين الرياض وأبوظبي من جهة، وواشنطن بمن جهة أخرى بشأن علاقة دول المنطقة مع الصين، إذ أصبحت هذه الدول تقف على الخطوط الأمامية لنفوذ بكين المتزايد، خاصة فيما يتعلق ببناء شبكات الجيل الخامس بتقنيات صينية، ناهيك عن مشترياتهم من النفط الخام الخليجي.
وتصاعد قلق الولايات المتحدة في الخليج كما هو في العديد من المناطق من نفوذ هواوي بشبكات الجيل الخامس في هذه الدول التي تستضيف بعضها قواعد أميركية وحتى الأسطول الخامس للبحرية الأميركية، ومقر القيادة المركزية العسكرية للمنطقة.
الرياض وأبو ظبي تسعيان للتحوط بالرهان على أن العلاقات مع الصين ستكمل العلاقة مع الولايات المتحدة، إلا أن رصيدهم بدأ ينفد مع واشنطن، وأصبحوا أمام لعبة صفرية، فإما أنت معنا أو ضدنا.
ويقول التقرير إن دول الخليج تخاطر بتمزيق علاقاتها الاستراتيجية الطويلة مع الولايات المتحدة، حيث ترى الصين هذه الدول سوقا استثماريا محتملا للبنية التحتية والموانئ والسكك الحديدية، ووجهة للتكنولوجيا الصينية.
وكل هذا يحقق الأهداف السياسية لبكين، بحسب المجلة، فيما أصبح قادة هذه الدول أكثر تعاطفا مع النموذج الصيني للانفتاح الاقتصادي مع تجاهل حقوق الإنسان، هكذا وصف مسؤول أميركي كبير لصحيفة فايننشال تايمز في يونيو الماضي ما يحدث في المنطقة.
ورغم التطورات الإقليمية، فإن الصين تبقى على هامش الملعب السياسي في الشرق الأوسط والخليج، حيث لا تحظى مساهمتها بالاهتمام ذاته الذي تحظى به روسيا، ولكن التعقيد في سياسية الصين بأنها تتبع مسارا على المدى الطويل تستخدم فيه أدوات اقتصادية وقوى ناعمة.
ويقول التقرير إن دول الخليج من جانبها تسعى إلى البقاء على الحياد في الخلاف ما بين الولايات المتحدة والصين، فهم يفهمون الحساسيات بشكل جيد، خاصة تلك التي تتعلق ببكين وحقوق الإنسان، حتى أنهم يمتنعون عن انتقادها بطريقة تعامل بكين مع أقلية الأويغور المسلمة.
وتقول المجلة "حتى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، عندما زار بكين في 2019، برر تعامل السلطات الصينية مع الأقلية المسلمة لديهم بأن لهم الحق في اتخاذا إجراءات مكافحة الإرهاب والتطرف".
وتشهد العلاقات الصينية الأميركية توترا غير مسبوق سببه الحرب التجارية بين البلدين، إضافة إلى اتهام واشنطن لبكين بإخفاء معلومات حول فيروس كورونا ما أدى إلى انتشاره في العالم والإضرار بالاقتصاد الأميركي.
- المقالات
- حوارات