في ذكرى تأسيسه الـ 38.. المؤتمر الشعبي العام رصيد حافل بالإنجازات والعطاءات
- ظل المؤتمر وما يزال مرجعية الوطن السياسية في السلم.. وقوته الدفاعية في الحرب
- سيبقى المؤتمر المعطي العام من الطاقات.. والمخزون الاستراتيجي من الكفاءات
- المؤتمر الشعبي العام رائد الإنجازات التنموية والاقتصادية العملاقة.. وحامي حمى الثوابت الوطنية
تقرير -عدد خاص بمناسبة الذكرى ال 38 لتاسيس المؤتمر:
لا يمكننا أن نختزل الحديث عن المؤتمر الشعبي العام ببضعة أسطر نكتبها في هذه المناسبة؛ لأن كل التحولات التي شهدتها اليمن ارتبطت باسمه، فالمؤتمر الشعبي العام رمانة الميزان في الحكم وشوكته في المعارضة، مرجعية الوطن السياسية في السلم، وقوته الدفاعية في الحرب، المعطي العام من الطاقات، والمخزون الاستراتيجي من الكفاءات، صاحب التجربة السياسية العميقة، ورائد الإنجازات التنموية والاقتصادية العملاقة، المحافظ على المشروع اليمني والثوابت الوطنية، المستند إلى القاعدة الجماهيرية العريضة والممتدة بحجم الوطن.
المؤتمر الشعبي العام به عرفت اليمن الديمقراطية، وتعرّف الشعب على حقوقه السياسية، وسع من قاعدة المشاركة الشعبية، وأوصل صوت الشعب إلى مراكز القرار، كسر احتكار السلطة، وحد من سيطرة القوى التقليدية على مؤسسات ومجالس الدولة، أعاد السلطة إلى الشعب وحرص على بقائها، دعا الشعب لإعادة تشكيلها، وفتح مؤسسات الدولة التشريعية والقضائية والتنفيذية لكل أبنائها.
المؤتمر الشعبي العام فطرة العمل السياسي في اليمن، من خلاله عبرت الأحزاب وفي ظله مارست الحياة السياسية، وفي عهده تعلمت الحكم والمشاركة، أشرك الجميع في إعداد وثائق الإجماع الوطني، وأتاح الفرصة أمام القائم منها بالظهور، وشجع على نشأة الجديد، ودعم المتعثر منها، أقر التعددية ونظم الممارسة وقاد التجربة وخاض المنافسة، استلم السلطة لأكثر من دورة انتخابية، وشارك الآخرين فيها رغم الأغلبية، وتحت وطأة الانقسام الداخلي والضغط الخارجي سلمها طوعاً وفقاً لرؤيته الوطنية، سلم السلطة واحتفظ بالوطن.
المؤتمر الشعبي العام منتج وطني بامتياز، ولد من رحم الشعب، واشتق اسمه من الشعب، استقى فكره ورؤيته وأدبياته ومنطلقاته من الشعب، وسخر حياته لخدمة الشعب، أعضاؤه وكوادره وجمهوره ومناصروه من أوساط الشعب، وحد مصيره مع الشعب، وارتبط به والتحم معه في منعطفات عديدة، يتواجد أينما يتواجد الشعب، وسيبقى ما بقي الشعب، انتصر معه على كثير من الصعاب، وتجاوز به كثير من المنزلقات، شرفا معا بتلقي طعنات الغدر، وعادا اليوم ينفضان غبار الغدر والتاريخ معاً.
المؤتمر الشعبي العام محقق الوحدة اليمنية واللحمة الوطنية، ورائد العمل السياسي والوطني، راعي النهضة الاقتصادية والطفرة العمرانية، مؤسس الإصلاح المالي والإداري والبناء المؤسسي، عنوان الدولة المدنية، الرافض لكل دعوات الضلال الطائفي والعنصري والجهوي، والداعي دوماً إلى مبادئ التسامح والتصالح، حكم اليمن بالرؤية السياسية المنفتحة، وبنى الوطن بالموارد الاقتصادية المتاحة، حافظ على نسيج الشعب الاجتماعي، ورفع من مستوى الوعي الثقافي، أوجد الأمن، وأوصل الخدمة، وخلق التنمية، عمر الأرض وبنى الإنسان.
المؤتمر الشعبي العام عينة المجتمع الشاملة في دراسات الوعي السياسي، والتنوع الثقافي والاجتماعي، ممثل الوسطية الفكرية والدينية، والجزء الأصيل في الإجماع الوطني، مقدم المبادرات وراعي التوافقات، الممتص لكل صدمات الصراع وعثرات النزاع، الملاذ الآمن لمن بعثرتهم صراعات القوى واختلافات الرفاق، وأخرجتهم مضايقات الفكر ومحرمات الانفتاح، لا يفتش في الماضي السياسي لأعضائه وكوادره وقياداته، ولا يقيد حرية الاختيار في البقاء أو المغادرة.
المؤتمر الشعبي العام أدار الحكم في شقه الاقتصادي والتنموي بموارد النفط والغاز والضرائب والجمارك والواجبات والرسوم والصادرات والمساعدات والتحويلات، وأعادها إلى الشعب في سجل خالد من الإنجازات العظيمة، من المشاريع العملاقة والخدمات المتكاملة والحياة الكريمة، فحكم وساد وكسب قلوب الملايين، وأوصل الخير والعطاء والأمن والاستقرار إلى كل بيت وحي وقرية ومدينة في ربوع الوطن، وما زلنا اليوم نسحب وننهش من هذا الرصيد.
المؤتمر الشعبي العام وفي حقبة زمنية نادرة لم تشهد لها اليمن مثيلاً، كتبت تاريخها وأمهرت صفحاتها حروف تمتد بطول تلك الطرقات والجسور، وإعداد الجامعات والمعاهد والمدارس، وحجم المستشفيات والمستوصفات والمراكز الصحية، وسعة الموانئ والمطارات والمنشآت، وقدرة المحطات والشبكات، وشهد عليها ربيع الصناعة والإنتاج، وصيف السياحة والثقافة، وخريف الزراعة، وأمطرت الأرض شتاء من نفط وغاز، وحل الخير، فأعرض البعض، ولوثها الجحود والنكران.
المؤتمر الشعبي العام شخص مشكلة الوطن وثأره التاريخي مع ثالوث الفقر والجهل والمرض ومخلفات الإمامة وسلطنات الاستعمار التي نهشت في جسم الإنسان اليمني لقرون، فقاد نهضة تنموية وتعليمية وصحية، وواصل ورسم ونفذ خططاً تنموية سنوية وخمسية ساهمت بقدر كبير في انتشال الوطن والمواطن من الوضع المعيشي السيئ، والمستوى التعليمي والثقافي المتردي، والحال الصحي المخيف، وانتصر في كثير من تلك القضايا رغم الإمكانات البسيطة، والموروث المتجذر لتلك المشكلات والمعضلات كماً ونوعاً.
المؤتمر الشعبي العام عمل مع حكوماته المتعاقبة وبرامجها المكملة على تحسين دخل المواطن، والرفع من مستوى حياته وخدماته، افتتح المشاريع الخدمية الصغيرة والمتوسطة والعملاقة، ومنح التسهيلات الكبيرة للقطاع الخاص والاستثمار المحلي والأجنبي، وأوجد فرص العمل الجديدة، ومصادر الدخل المتنوعة والبديلة، وحد من الاعتماد على الوظيفة العامة، ولم يتخلّ عن مسؤولياته الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية تجاه طبقات المجتمع المعدومة الدخل، والمحدودة والمتوسطة.
المؤتمر الشعبي العام استمر في دعم أسعار القوت الضروري من المواد الغذائية الأساسية، ولم يتنصل من دعم المشتقات النفطية، ورفض محاولات تحريرها أو تعويمها، وأحكم السيطرة على مستويات الأسعار في الأسواق المحلية، واهتم بمواصفات التصنيع والإنتاج، وأقر آليات الاستيراد والتصدير، وكسر احتكار السوق بالشركات الحكومية المنافسة، وحدد الفئات الجمركية والضريبية، وجمد ضريبة المبيعات والضريبة العقارية لأكثر من مرة، ولم يوافق على الأسعار الضريبية للسلع الكمالية، واستبدلها بحصص الصناديق.
المؤتمر الشعبي العام التزم بمجانية التعليم الأساسي والجامعي والفني، وبرامج إعداد المعلم وتعليم الفتاة ومحو الأمية والمنح الدراسية، ومجانية العلاج في المؤسسات والمرافق الحكومية، وبرامج التثقيف الصحي والأمومة والطفولة والتأمين الصحي للعاملين والمنح العلاجية، ووسع من قاعدة الضمان الاجتماعي، وشجع عمل الجمعيات الخيرية، واهتم بمؤسسات الرعاية الاجتماعية، ودعم الجمعيات التعاونية، وأنشأ البنوك الخاصة بذلك، ومنح القروض والتسهيلات للمزارعين والصيادين والحرفيين، وأصحاب المشروعات الصغيرة والأصغر، وبرامج التنمية والأسر المنتجة.
المؤتمر الشعبي العام مدرسة التنظيم والإدارة، أوجد نخبة إدارية متمكنة، ومكنها من إدارة مؤسسات الدولة، واستفاد من تجارب الآخرين المحلية والدولية، واستقدمها على هيئة برامج مالية وإدارية واقتصادية، شذبها وفقاً للخصوصية، واسقطها على مؤسسات وهيئات ومصالح الدولة، وسع في الهيكل التنظيمي، واستحدث الوظائف اللازمة، ونظم الوظيفة العامة في إطار مشروع الإصلاح المالي والإداري الشامل.
المؤتمر الشعبي العام فقه النظام، وروح القانون، ميزان الحقوق، وإحسان الواجبات، الأعرف في تقدير كل مرحلة، والأقدر في معرفة أسبابها وظروفها وملابساتها وأحكامها، بعمومية الحال، وخصوصية الظرف، أوجد التشريعات، وسن اللوائح والأنظمة والقوانين، تعامل مع الممكن، وتوازن مع النافذ، لم يتشدق بالقانون، ولم يستخدمه سوطاً على رقاب الناس.
المؤتمر الشعبي العام حافظ على أساس النظام الجمهوري، وعزز من مفهوم التطبيق لثوابت الدولة الجمهورية، نشأ وترعرع في كنف الدستور والنظام والقانون، ولم يعش إلا في ظل الدولة الرسمية، ولا يقدر على التعامل إلا مع مؤسساتها الدستورية، ولا تقوم قراراته إلا في أطرها النظامية والقانونية، وفقاً لسياسات وبرامج ولوائح الهيكل التنظيمي والتراتبي العام لمؤسسات ووحدات الأساس.
المؤتمر الشعبي العام استعد ومنذ وقت مبكر لأي حراك مجتمعي يدعو إلى تعزيز الحريات والحقوق والانفتاح والمشاركة، وتفعيل مبادئ حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية وحرية الفكر والرأي، فكان سباقاً إلى الاستجابة لتلك الدعوات وتحويلها إلى واقع، أقر القوانين المنظمة، وأنشأ المؤسسات الرسمية الإشرافية والرقابية، وسمح وشجع على قيام منظمات المجتمع المدني، ودعا إلى تفعيل أدوارها الإنسانية والحقوقية، والاضطلاع بمسؤولياتها الاجتماعية والفكرية.
المؤتمر الشعبي العام وفي منطقة عربية لا تتصف بالاستقرار، قاد حراكاً سياسياً ونشاطاً دبلوماسياً اتسم بالهدوء، حافظ على كيانه الجغرافي، ولم يخل بمواقفه القومية وقضاياه الإسلامية، أقام علاقات متزنة مع الآخر، ولم يتدخل في شؤون الغير، تواجد في كل المحافل الدولية، وتحدث باسم الشعوب المغلوبة، تجنب الصراعات الدولية، وأُقحِم في بعضها، تعامل في كثير من قضايا الأمن القومي بحكمة، وانتهج طرق القانون والتحكيم الدولي لحلها.
المؤتمر الشعبي العام قرين الدولة والمؤسسات، حليف السلطة، ورديف الحكم لما يقارب الثلاثة العقود، سلم السلطة طوعاً، وخرج من الحكم تداركا للموقف وكرهاً، غاب فغابت الدولة، وانهارت المؤسسات، وسقط النظام، وتعطلت القوانين، وتبعثرت الثروة وتهالكت السلطة، تلقفها الرفاق، وتقاسمتها الأيديولوجيات، وانجر الخصوم لأجندات الخارج والطامعين، ونزعات السيطرة والتفرد والانتقام، جروا البلاد إلى الحرب، تجزأت الأرض وتشرد الإنسان.
- المقالات
- حوارات