كشفت دراسة أمريكية تفاصيل جديدة عن صراع أجنحة وفصائل ميليشيا الحوثي المتمردة المدعومة من إيران، بسبب تداعيات عدة، منها تفشي الفساد وطلب الزيادة في النفوذ والسلطة على حساب بعضها البعض، لتصل إلى رأس الهرم في السلالة الانقلابية.
وصدرت بدعم من مكتب وزارة الدفاع الأمريكية، صدرت مؤخراً دراسة بحثية عن اليمن, وكيف استثمر النظام الإيراني المليشيا الحوثية من أجل تحقيق مصالحه, في علاقة يمكن تسميتها "الراعي والوكيل"
وقد ترجمت صحيفة 26 سبتمبر وموقع سبتمبر نت الدراسة التي تتناول العلاقة القائمة بين إيران كدولة راعية، ومليشيا الحوثي كمليشيا مسلحة إرهابية، تمارس الحرب بالوكالة نيابة عنها مثلها مثل المليشيات المسلحة الأخرى في العراق ولبنان وسوريا وغيرها, وجاءت الدراسة تحت عنوان "هل سيتحول الحوثيون إلى حزب الله جديد في اليمن".
وأوضحت الدراسة بأن مليشيا الحوثي تضم فرقاً وأجنحة داخلية تتصارع فيما بينها على النفوذ، واعتمادا على هذه الصراعات، هناك تنشيط لاستمرار تصاعد العنف، هذه المسارات المختلفة لها آثار مهمة ليس فقط داخل مليشيا واحدة متصارعة اقتربت نهايتها، ولكن أيضا لمطالب مليشيا الحوثي بزيادة الدعم الإيراني.
ويمثل رأس المليشيا عبد الملك الحوثي السلطة المطلقة، فهو القائد السياسي والعسكري والملهم للمليشيا، ومع ذلك، ومهما كان شخصيته قوية، فإنه لا يتحكم بإدارة الانقلاب بشكل فردي، لكنه يعتمد على مجموعة متنوعة من أفراد أسرته الآخرين، والمنتسبين، وحتى بعض النخب السابقة تشاركه في المساعدة وإدارة الانقلاب وشن الحرب.
وأكدت الدراسة إلى أن مليشيا الحوثي تتكون من ثلاثة أجنحة وظيفية وهي الجناح الإداري، والجناح السياسي، والجناح العسكري.
الجناح الإداري الذي هو أساساً المسؤول عن إدارة الانقلاب بشكل يومي. ويعد هذا الجناح هو الأكثر تشددا وارتباطا بزعيم المليشيا.
وعلى النقيض من ذلك، يلعب الجناح السياسي، حيث يشكل استراتيجية الإعلام والدبلوماسية لمليشيا الحوثي، وأخيراً، يشرف الجناح العسكري على المجهود الحربي ويحكم القبضة على الأمن الداخلي في مناطق سيطرة وانقلاب المليشيا، مع ذلك فإن غالبية الجناحين السياسي والعسكري تشغله شخصيات انضمت للمليشيا بعد أن كانت جزءا من النظام السابق، سواء كانت عسكرية او سياسية.
وأضافت الدراسة بأنه مع مرور الوقت، يحتمل أن يقوم الحوثيون بتطهير بعض هذه الجهات الفاعلة داخل هذه الأجنحة الوظيفية في الوقت الذي يطورون فيه قاعدتهم التكنوقراطية الأصلية الخاصة بهم.
وترى بأن الأجنحة التي تثبت أنها صاعدة ستشكل أيضاً حسابات إيران المستقبلية وسيادة إيران مع مليشيا الحوثي، ولن يعتمد استثمار إيران على قدرات وكيلها المحتمل فحسب، بل سيعتمد أيضاً على نوع العلاقة التي تريد طهران أن تزرعها.
وأوضحت بأن العلاقة مع إيران غير مضمونة، مع ما تريده الأخيرة من الاستثمار في شريك طويل الأجل، هل مثل حزب الله في لبنان، والذي قد يحقق عائداً مرتفعاً على الاستثمار ولكنه ينطوي أيضاً على تكاليف كبيرة ومخاطر محتملة.. وبدلاً من ذلك، هل تفضل إيران علاقة أكثر تعاملاً، كما تفعل مع بعض مليشيا الحشد الشعبي التي تقدم فوائد قصيرة الأجل بتكلفة صغيرة نسبياً، ومع ذلك، فإن مثل هذه العلاقة ليست مضمونة دائما، ويمكن أن تكون أكثر تعقيدا بالنسبة لبعض الشخصيات.
وأوردت الدراسة عن القيادي الحوثي "يوسف حسن إسماعيل المداني"، الذي كان من المتابعين لفترة طويلة لبدر الدين الحوثي، لكنه قام مراراً وتكراراً بتصفية الرؤوس مع عبد الملك الحوثي، وأكدت أنه حاول تولي قيادة المليشيا في أعقاب شائعات قالت بأن عبد الملك قد قُتل في غارة جوية سعودية في عام 2009.
تضم الجهات الفاعلة في الجناح العسكري في الغالب عناصر نشطة في الجانب القتالي، لكن ليس لها سلطة ولا سيطرة على الوحدات البرية، بل تدير بدلاً من ذلك جهاز الأمن الداخلي الذي يخشى كثيراً منه الحوثيون، بحسب الدراسة.
ودللت بالقيادي الحوثي "عبد الرب صالح جرفان"، رغم أنه لا يسيطر مباشرة على أي وحدات، لكنه شغل رئيساً لجهاز الأمن القومي، وقد تدرب على أيدي الحرس الثوري الإيراني، مما يجعله جسراً حاسماً بين إيران وعبد الملك الحوثي.
ومنذ انشقاق صالح في كانون الأول/ديسمبر 2017، كانت الأجنحة الأكثر تشدداً في مليشيا الحوثي تصاعدية، وعلى الرغم من بروز هذه الأجنحة الفاعلة، إلا أنها ليست دائماً منحازة، ويمكن أن تندلع الانقسامات داخلها بسرعة.
وفي بعض الحالات، قد تتصاعد النزاعات أو الخلافات البسيطة، الأمر الذي يحرض قادة الأجنحة على بعضهم البعض، ومن الأمثلة على ذلك ما ورد في الاشتباكات التي أُبلغ عنها بين "أبو علي الكحلاني، مسؤول أمن عبد الملك الحوثي، ومحمد حمدين، المدير السابق للتحقيقات الجنائية في الحديدة"، وتنافس الكحلاني وحمدين على السيطرة على تجارة المخدرات، وفي نهاية المطاف، انتصر الكحلاني، بعد أن اعتقل حمدين وأرسل إلى السجن.
وقالت الدراسة بأنه يمكن رؤية هذه الانقسامات على أعلى المستويات، مما يمثل رؤية الانقسامات المحتملة في المستقبل، ووثقت مصادر مؤكدة أن عبد الله يحيى أبو الحاكم، وهو قائد حوثي بارز، اشتبك مع حوثيين كبار آخرين، بمن فيهم عبد الله الرزامي ويحيى بدر الدين الحوثي. وفي عام 2016، اتهم قيادي حوثي مقرب لرأس المليشيا علي أبو الحاكم بزراعة الشقاق داخل صفوف المليشيا الحوثية بناء على طلب من علي عبد الله صالح.
ويبدو أن أبو علي الحاكم اختار بوضوح وقوفه إلى جانب رأس المليشيا، بعد أن حسم الموقف في حملة مليشيا الحوثي على المؤتمر الشعبي العام في أواخر عام 2017. ويبقى أن مثل هذه الحلقات من الخلافات تقدم لمحة نادرة عن الانقسامات الداخلية المحتملة بين الصقور البارزين في الأجنحة العسكرية والسياسية للمليشيا الحوثية.
وفي حين لا توجد "حمائم سلام" حقيقية داخل أجنحة مليشيا الحوثي، هناك بالتأكيد بعض الشخصيات والعناصر الأكثر اعتدالاً التي تُظهر استعداداً أو انفتاحاً أكبر للتفاوض أو المصالحة، ويمكن تداركها ضمن العناصر التي تؤلف الجناح الإداري، وهو ما يجعلها بعيدة مما يجري داخل أجنحة المليشيا الأخرى العاصفة بالصراعات.
ولسوء الحظ، هناك عدد قليل نسبياً من العناصر الفاعلة في الجناح الإداري التي تربطها علاقات عميقة أو طويلة الأمد برأس المليشيا، مما يجعل موقفها ضعيفاً نسبياً داخل صفوف المليشيا الأوسع نطاقاً، علما أن العديد من هذه العناصر الفاعلة لديها خبرة سابقة في الحكم والعلاقات كما بينت الدراسة.
وخلصت الدراسة إن المليشيا الحوثية منذ انقلابها على الدولة، لم تنضج لتصبح جهة فاعلة، مما أثر على عدم النمو للعناصر الأكثر اعتدالاً داخل الجناح الإداري، التي من المفترض أن يعتمد موقفها ونفوذها على إدارتها الفعالة للانقلاب، وهو ما يؤكد استمرارية تصاعد نفوذ الأجنحة السياسية والعسكرية، الأول أثبت دوام التصدير للخطاب المتطرف للمليشيا، والثاني أثبت دوام الركض وراء جمع الأموال والجبايات فيما يُسمى بالمجهود الحربي.
- المقالات
- حوارات