كشف الدكتور زكي البحيري، أستاذ الدراسات الإفريقية وحوض النيل بجامعة المنصورة في مصر، خطط إثيوبيا لبناء 3 سدود أخرى بخلاف سد النهضة، تقدر سعتها التخزينية بحوالي 200 مليار متر مكعب من المياه، وتهدف من خلالها لتوليد الكهرباء وتوسيع مساحة الاستزراع، لكنها في النهاية تؤثر بالفعل على حصتي دولتي المصب مصر والسودان.
وقال في حديث مع "العربية.نت" إن مصر تعلم بهذه المخططات منذ العام 2008 حيث قرر مجلس الوزراء وقتها برئاسة الدكتور أحمد نظيف عمل دراسة عن السدود التي تعتزم إثيوبيا إنشاءها على النيل الأزرق، وتأثيرها على حصتها المائية، وكلفت مجموعة استشارية كندية بإعداد تقرير عنها وهي سدود "كارداوبة"، و"بيكو أبو"، و"مندايا"، وسد "الحدود" الذي تغير اسمه إلى سد "الألفية" ثم إلى "سد النهضة"، مشيراً إلى أن الدراسة الاستشارية خلصت إلى أن السعة التخزينية للسدود الأربعة ستصل إلى 200 مليار متر مكعب من المياه، أي أكثر من 3 أضعاف الإيراد السنوي الكلي للنيل الأزرق، كما كشفت أن ارتفاعات تلك السدود متفاوتة حيث تصل في سد النهضة إلى 90 متراً تم زيادتها إلى 145 متراً، وتصل في سد "بيكو أبو" إلى 285 متراً.
وقال الخبير المصري إن المجموعة الاستشارية الكندية خلصت إلى أن كميات المياه المخزنة من السدود الأربعة ستكون خصماً من مخزون المياه أمام السد العالي، الذي يستخدم لسد العجز المائي لإيراد النهر في مصر، في سنوات الفيضان الشحيح، ما سيؤدي لجفاف وعجز مائي لمصر بعد إنشاء تلك السدود، مضيفاً أن المياه التي سوف تستخدمها إثيوبيا لري بعض الأراضي الزراعية لديها ستكون خصماً أيضا من الحصة المائية السنوية لمصر والسودان.
وكشف أن مجموعة من خبراء وزارة الري المصرية أعدوا دراسة عن سد "بيكو أبو" وتبين أن السعة التخزينية له ستكون في حدود 38 مليار متر مكعب، وفي حالة إنشائه خلال 10 سنوات سيتسبب في حدوث عجز مائي سنوي قدره 9 مليارات متر مكعب من حصة مصر أثناء سنوات الملء، ومثله في السودان، وستقل الكهرباء المولدة من السد العالي وخزان أسوان بحوالي 500 ميجاوات سنويا، وسيزداد العجز المائي خلال فترات الإنشاء والملء، إذا تم استخدام مياه السد في الأغراض الزراعية في إثيوبيا.
ويوضح البحيري أن من بين تلك السدود التي تخطط إثيوبيا لإنشائها على النيل الأزرق سد "كرادوية"، ويقع بين منطقتي أمهرة وأروميا على مسافة 60 كيلومترا غرب جسر أباي في دجن.
وأظهرت دراسات مصرية على السدود الأربعة أنه في حالة قيام إثيوبيا بإنشائها جميعا وملئها خلال فترة تمتد لـ40 عاما، كما هو مقرر فإن ذلك قد يؤدي لعجز مائي سنوي على مصر خلال فترات الملء والتشغيل بنحو 8 مليارات، ومثلهم من حصة السودان، وستنخفض إزاء ذلك كمية الكهرباء المولدة من السد العالي وخزان أسوان بحوالي 600 ميجاوات، مضيفا أن الدراسات المصرية أكدت أيضا أن في حالة استخدام السدود الإثيوبية بعد انتهاء فترات الملء، فإن العجز المائي لمصر سيتراوح سنويا ما بين 8 إلى 14 مليار متر مكعب.
أما في حالة استخدام مياه السدود الأربعة في الزراعة فسيزيد العجز المائي لمصر ليصل إلى 19 مليار متر مكعب سنويا من حصتها في مياه النيل وسيقل إنتاج الكهرباء المتولدة من السد العالي وخزان أسوان بمقدار 1000 ميجاوات سنويا.
ويضيف أنه، وبحسب دراسة للدكتوراة بجامعة "أوكسفورد"، نشرها المعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية في يونيو من العام 2011، فإن السدود الأربعة تعتبر مكونا رئيسيا لاستراتيجية إثيوبية لها أهداف كبيرة منها إعطاء دور القيادة لإثيوبيا في منطقة القرن الإفريقي ودول حوض النيل، واحتكار توليد وتصدير الطاقة الكهربائية في المنطقة، وهو ما سيمنح أديس أبابا اليد الطولي في تقرير وتقدير كميات المياه المتدفقة نحو دولتي المصب وتوقيتاتها والتصرف فيها، مشيرا إلى أن القاهرة متنبهة لذلك منذ عقود وتسعى بكل السبل لحماية أمنها المائي وحقوقها التاريخية في مياه النيل.
- المقالات
- حوارات