بعد نحو خمسين عاما في حضن أوروبا، تكتب بريطانيا فصلا جديدا في الأول من يناير المقبل، ويتوقع رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون "مستقبلا رائعا" لبلاده فيما يخشى مناهضون لبريكست من غرق المملكة المتحدة في المجهول.
وغادرت بريطانيا رسميا الاتحاد الأوروبي في 31 يناير 2020، إلا أنها بقيت تطبق قواعده خلال الفترة الانتقالية التي تنتهي في 31 ديسمبر المقبل.
وستُظهر الأيام المقبلة - بعد آخر جولة من مفاوضات الشاقة بين الطرفين- ما إذا كان الانفصال سيحصل مع أو بدون اتفاق شامل مع الاتحاد الأوروبي.
ويتوقع أن يتسبب الخروج بدون اتفاق بإغراق الصادرات والواردات في دوامة عبر إعادة فرض رسوم جمركية على منتجات متنوعة، ما يثير الخشية من نقص في الأغذية والأدوية، لكن حتى في حال تم التوصل إلى اتفاق، سينبغي على المصدّرين البريطانيين ملء الكثير من المستندات لإثبات أن منتجاتهم يُسمح لها بالدخول إلى السوق الموحدة. ومن الممكن أن تثير زيادة الإجراءات، الفوضى إذا تبيّن أن الاستعدادات غير كافية، بحسب تقرير لفرانس برس.
"بريطانيا العالمية"
باسم مبدأ "غلوبال بريتن"(بريطانيا العالمية)، أكدت لندن رغبتها في إعادة إحياء شراكاتها في سائر أنحاء العالم، خصوصا مع الولايات المتحدة "حليفتها الأقرب والأكبر"، وفق قول جونسون. إلا أن هذا الأخير فقد عاملاد مهما مع خسارة، دونالد ترامب، - بحسب وسائل الإعلام – للانتخابات الأميركية، خاصة وأن ترامب كان مؤيدا متحمسا لبريكست.
وضرب فيروس كورونا المستجدّ بشكل كبير بريطانيا وتسبب بتداعيات اقتصادية كبيرة، مهددا المستقبل المشرق الذي وعد به رئيس الوزراء المحافظ.
ويرتكز مبدأ "غلوبل بريتن" على فكرة ألا تنغلق المملكة المتحدة على نفسها وإنما أن تتطلع نحو الخارج، لعقد اتفاقات تبادل حرّ في كافة أنحاء العالم.
وقالت وزيرة التجارة الدولية في بريطانيا، ليز تراس، في أواخر أكتوبر "الآن بعدما عاد مبدأ "غلوبل بريتن" حان الوقت للمصنعين والرجال والنساء العاملين والمبتكرين لمساعدتنا في كتابة فصلنا الأكثر إثارة حتى اليوم".
وتوقعت الوزيرة عمليات تصدير مستقبلية لكل أنواع المنتجات البريطانية، من الكريما إلى الروبوتات.
ووقعت ليز تراس اتفاقا تجاريا لمرحلة ما بعد بريكست مع اليابان وتفاوضت بشأن اتفاقات أخرى مع الولايات المتحدة وأستراليا وكندا ونيوزيلندا.
وتمثل الاتفاقات المبرمة أو قيد التحضير بما فيها الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، 80% من التجارة الخارجية بحلول العام 2022، وفق قول الوزيرة، فيما استعادت الحكومة السيطرة على المساعدة الخارجية والتنمية اللتين بات يديرهما وزير الخارجية.
الوضع في المملكة
في انتخابات ديسمبر 2019 كان برنامج جونسون يتضمن "تنفيذ بريكست" ثم التركيز على أولويات البريطانيين، خصوصاً على الخدمات العامة. وكانت الفكرة من ذلك نقل الجهود والاستثمارات إلى المناطق التي لم تستفد من النمو المالي في لندن.
وخلال فترة تفشي وباء كوفيد-19، وُضع جانبا برنامج "التحديث" هذا الذي كان يرتكز على إقامة استثمارات جديدة على غرار خطّ قطارات سريع "إتش إس 2" يربط وسط انكلترا بشمالها.
لكن الحكومة تؤكد أنها لا تزال تنوي تحقيق أهدافها البعيدة الأمد وأن الأموال التي تدفعها لندن للاتحاد الأوروبي ستُنفق بشكل أفضل على الأراضي البريطانية.
ويطالب بعض المؤيدين لبريكست بإعادة بناء النموذج الاقتصادي البريطاني جذريا، لتحويل البلاد إلى نوع من "سنغافورة على نهر التايمز" أي إلى ملاذ ضريبي للقطاع المالي الأوروبي المتحرر جدا والمنافس على أبواب المملكة المتحدة.
غير أن الحكومة تؤكد أنها لن تتخطى "الخطوط الحمر" وأن إبرام اتفاقات تجارية لن يحصل على حساب خدمة الصحة العامة أو معايير تصنيع الأغذية.
ومن أجل التوصل إلى اتفاق تجاري، قد تُرغم واشنطن لندن على تقديم تنازلات. وتجدر الإشارة أيضا إلى أن جو بايدن وهو من أصل إيرلندي، قد يعرقل خطط جونسون حول إيرلندا الشمالية على الرغم من الترتيبات المبرمة مع بروكسل.
- المقالات
- حوارات