وهي آخر قصيدة قالها الشاعر في حياته، في 5 مايو 1982، في القصر الجمهوري في صنعاء، أمام فخامة الأخ علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية العربية اليمنية(سابقا)، يوم قلده الرئيس وسام الفنون والآداب. وكان ذلك قبل وفاة الشاعر بشهرين.
صديق المجد الرئيس علي عبدالله صالح
فاخراً جئتُ مُزيراً كَلِمِي وجهَ مَنْ صــادقَ مجدَ القلمِ
وجه مَنْ أقنعَ صدقَ الحَرْفِ إنَّ عروشَ الصدقَ لم تنهدمِ
لا يؤاخي عفةَ الحرفِ سوى قَـمَّة يـربض فوق القمم
قَبـَّـلتهُ الغيمُ فيها لم تدعْ جانباً من وجــهه لم يلثم
وأجَلُّ الناسِ في قلبي فتىً لم يلـجْ بي وجـهُ في مــأثمِ
أو تكلِّـفني به الأخـلاق ما أختفــي منه وراء اللثمِ
لم يكن يوماً لنفسي خزيـةٌ أو يُـذقها لحظـةً من ندمِ
لم أهُـن في نفسه بل خالطتْ نفسُه نفسي وآخت شمي
لم يلـوثني من الإفكِ ولا طـرحَ الزورَ سواكاً في فمي
غير هذا ما رآني وإلى غيـرهِ ما سـرحت بي قــدمي
ليس أي الناس قد تأتي إليه حـروفي كالفراشِ الحُــوَّمِ
ليس أي الناس قد يلقاهُ كِـبـرُ يراعي في خشوع المحرِمِ
ما أرى الكثـرة إلاَّ حُـفراً أبـداً فاغـرةًلم تــردم
وبحوري ليس تعطي لؤلوي غير بحرٍ مـلءَ أرض يـرتمي
هـادئ الأعمـاقِ والأفـواق ليس بموارٍ ولا ملتـطمِ
إن شِعْـري مَعْقِـلٌ ساحتهُ حرمٌ ..فيها جـلال الحرمٍ
بعد نفسي لم أبوئ عـرشه غيـر شهمٍ نُـبلُه لم يـأثمِ
أبداً ما هـزمَ الخيـرَ وليـس أمـام السوءِ بالمنهـزمِ
فرقـديٌ تهتدي الناس به إن تمشت في المسـار الأيهمِ
أو وفـيٌّ عايـش الناسَ بلقبٍ حمـي لا بقلبٍ شبـمِ
سارحاً ينمو وجوداً من مزايا نفسه لا سارحاً في العدمِ
ماجـداً ما بهض الجهد به باهـض.. غير جلال القيم
نهمت نفسي إلى الصدق فجاء به الصدق ليكفي نهمي
ذاك من تُلقي عصـا ترحالها عنده نفسي ويأتي مقدمي
ليس يأتي الضخمُ إلاَّ ذورةً تتعالي فوق وكـر القشعمِ
وضئيــلُ النفس يأوي كلَّ منحدرٍ مستروحاً للوخمِ
إنني كل الذي أبقاه من عبق الفــردوسِ سيلُ العرمِ
خبَّـأتني روح أرضي مثلما يخبأ الألماس جوف المنجمِ
بخلت بي أن ترى جوهرها في مكانٍ غير صدر الكرمِ
أو كأني ظلت مذخوراً بها لمضيءٍ روحُهُ لم تُـظْـلِمِ
بأذخٌ أحسبه يوماً أتي الفجـر أو زار مـدار الأنجمِ
لم تقـل زوراً يراعاتي وميزانها قسطاسـه لم يظـلمِ
إنها معصومة أن ترتـئي ورع التقوى بشـدقي أرقمِ
إنها ما ضرغمت عنـزاً ولا وصمت ليثـاً بطبع الغنمِ
كم يكون القبح في الحرف إذا قدر الدنيار قدر الدرهمِ
إن رأى البـومَ طواويساً وإن ألحقَ البازَ بسربِ الرخمِ
أو تمادى في نفـاقٍ لاثماً سبحـة القسِّ ونـصل المجرمِ
كم بيانٍ سقطتْ منه الكـرامةُ في الإفـك .. ولم تقمِ
وسطـورٌ فاجرتٌ لم أجد فوقها غير حــريق الذممِ
ولكم أحزنـني شعرٌ تبيـعُ الخطايـا ضوءَهُ بالظُـلَمِ
ولكم احزنـني شعرٌ به نكهةُ الخبـزِ وريـح اللُّقــمِ
ما أراني أُلبِسُ الشعـرَ سوى شرفَ الصدقِ ونُبلَ الشِّيمِ
إنـه العزُ فلا أكسـو به رأس ذي ظلف ولا ذي منسمِ
ليس في شعري ولا نثري سـوى لبدة أطرحها في ضيغمِ
المصدر- موقع الشاعر الفضول
- المقالات
- حوارات