قالت الحكومة اليمنية “أن الميليشيات الحوثية الإرهابية التي اختارت إشعال الصراع الذي تشهده بلادنا، هي اليوم تختار استمراره دون الاكتراث بمعاناة اليمنيين وآمالهم في السلام، والأمن، والاستقرار، والحرية”.
وأكد مندوب بلادنا الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبدالله علي السعدي في بيان اليمن أمام مجلس الأمن الدولي في الجلسة المفتوحة حول الحالة في الشرق الأوسط (اليمن) التي عقدت اليوم في مدينة نيويورك، أن أفعال هذه الميليشيات تثبت لنا يوماً بعد يوم عدم جديتها في التعامل المسؤول مع جهود السلام، إذ لازالت تهدد بالعودة الى الحرب واستئناف الصراع وإراقة المزيد من دماء اليمنيين ومفاقمة الازمة الإنسانية..لافتاً إلى إستمرار إنتهاكات الميليشيات لقواعد ومعايير القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الانسان، وتقييد الحقوق والحريات، بما في ذلك فرض نظام المحرم وحرمان النساء اليمنيات من حقوقهن الأساسية في المشاركة الفاعلة في بناء المجتمع، واعتقال الصحفيين واستهداف التجمعات السكنية المدنية، والتي نتج عنها وفاة العديد من المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال، وموجة نزوح داخلي.
واضاف “كما تقوم هذه الميليشيات بحشد مقاتليها في الجبهات، وتعمل على إنشاء المراكز العسكرية الصيفية لاستقطاب وتجنيد مئات الآلاف من الأطفال والزج بهم في الخطوط الامامية في أكبر عملية تجنيد تشهدها البشرية، وتواصل تفخيخ الأراضي اليمنية بزراعة الألغام والمتفجرات التي تحصد أرواح اليمنيين بشكل يومي، كما تعمل على تجويع وإفقار المجتمع والتضييق على الاعمال الخيرية والتجارية، الامر الذي ترتب عليه الجريمة البشعة التي راح ضحيتها أكثر من ثمانين قتيلاً وعشرات الجرحى في صنعاء في الشهر الماضي” .
وجدد السفير السعدي، التأكيد على أن الحكومة اليمنية تثمن كل الجهود والمساعي الإقليمية والدولية وجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الى اليمن، بما في ذلك جهود الوساطة التي يبذلها الاشقاء في المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان الهادفة الى تجديد الهدنة وإنهاء الصراع وتحقيق السلام الشامل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرارات هذا المجلس ذات الصلة وعلى رأسها القرار 2216، وتؤكد مجدداً التزامها بخيار السلام وحرصها على التعاطي الإيجابي والبنّاء مع كل الجهود التي تصب في اتجاه الوقف الشامل لإطلاق النار وإطلاق عملية سياسية شاملة تقودها الأمم المتحدة، وتحقيق التطلعات المشروعة للشعب اليمني في الامن والاستقرار والتنمية.
وقال “لأكثر من 8 سنوات، تقبع مدينة تعز، و4 مليون من ساكنيها، تحت رحمة الحصار الحوثي الخانق، الذي لايزال مستمراً ليومنا هذا بعد ان تنصّلت الميليشيات الحوثية عن التزاماتها وفقاً لاتفاق الهدنة واتفاق ستوكهولم قبل ذلك، بل ان هذه الميليشيات توغل في اعتداءاتها ومحاولاتها لإحكام هذ الحصار الغاشم أكثر وأكثر، بما في ذلك عبر استهدافها للبنى التحتية بشكل متكرر، واخرها استهداف طريق الكدحة الحيوي، بتاريخ 5 مايو من هذا العام بالقذائف والطائرات المسيرة، والذي تستمر فيه الاعمال الانشائية بهدف والتخفيف من معاناة السكان”..
داعياً بهذا الصدد المجتمع الدولي ومجلس الأمن الى الاضطلاع بدوره ومسؤولياته وممارسة المزيد من الضغوط على الميلشيات الحوثية، ومن خلفها إيران، للجنوح للسلام والتعاطي بإيجابية مع مساعي السلام وإنهاء المعاناة الإنسانية التي طال أمدها..مشدداً على أهمية مراقبة سلوك هذه الميليشيات حرصاً على نجاح الجهود الرامية الى إنهاء الصراع.
وتطرق السفير السعدي إلى التحديات الاقتصادية والانسانية الراهنة، والاثر الاقتصادي لاعتداءات الميليشيات الحوثية على قطاع النفط واستمرارها في نهب الإيرادات الضريبية ورفضها دفع الرواتب وتعميق معاناة المواطنين في مناطق سيطرتها، وممارسة الصلف والتعنت تجاه جهود التهدئة .. مضيفاً أن الحكومة اليمنية تبذل جهوداً كبيرة للتخفيف من معاناة شعبها وتلبية الحد الادنى من الخدمات الأساسية رغم شحة الامكانيات والموارد والظروف الاقتصادية العصيبة، وتواصل، بتوجيه من مجلس القيادة الرئاسي، العمل على تنفيذ برنامج الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية في القطاعات الحكومية بالتنسيق مع الاشقاء في تحالف دعم الشرعية، بهدف إنهاء حالة الضعف في أداء المؤسسات سواء على المستوى المركزي او المحلي نتيجة الظروف والتحديات الحالية المتعددة.
وفي هذا الصدد، ثمن السفير السعدي عالياً الدور الريادي للأشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة في تنفيذ العديد من المشاريع التنموية، والتدخلات الإنسانية الحاسمة ونقلها الى مرحلة التنمية المستدامة، في دور أضحى شاهداً على الشراكة الاستراتيجية والروابط الأخوية بين الشعبين الشقيقين..داعياً في الوقت نفسه الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية المانحة لتعزيز أوجه الدعم الاقتصادي والتنموي والإنساني لليمن، للمساهمة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتجاوز التحديات الراهنة وتخفيف معاناة الشعب اليمني.
وأشاد السفير السعودي بجهود الفريق الحكومي المفاوض والاشقاء في المملكة العربية السعودية ومكتب المبعوث الأممي الخاص للأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر ودورهم في إنجاح عملية تبادل المحتجزين الأخيرة..مجدداً التأكيد على موقف الحكومة الثابت إزاء إنهاء معاناة كافة المعتقلين والأسرى والمختطفين وإغلاق هذا الملف الإنساني بشكل كامل من خلال استكمال تنفيذ اتفاق تبادل الاسرى وفقاً لمبدأ “الكل مقابل الكل” كما هو منصوص عليه في اتفاق ستوكهولم.
ودعا بهذا الصدد لمضاعفة الضغوط على الميليشيات الحوثية لوقف استخدام هذا الملف الإنساني كورقة للابتزاز السياسي، وحثها على الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاق ستوكهولم والتفاهمات الأخيرة التي تشدد على تبادل الزيارات لمرافق الاحتجاز والكشف عن مصير آلاف المختطفين والمخفيين في سجون الميليشيات، وفي المقدمة محمد قحطان المشمول بقرار مجلس الامن.
كما ثمن السفير السعدي باسم الحكومة التقدم المحرز في عملية الإنقاذ الآمن للناقلة صافر، وأثنى على جهود المملكة المتحدة ومملكة هولندا لسد فجوة التمويل لبدء تنفيذ خطة الإنقاذ العاجلة التي تقودها الأمم المتحدة، ودعا بهذا الشأن الدول والمنظمات المانحة وأصدقاء البيئة والقطاع الخاص للمساهمة في سد هذه الفجوة التي تقدّر بحوالي “24” مليون دولار.
كما دعا الجهات المُنفِّذَة للالتزام بالإطار الزمني والاشتراطات البيئية الصارمة لعملية الإنقاذ بما يتوافق مع القوانيين والتشريعات المحلية والدولية، وأن تكون الحلول المُنفَّذَة حلولا دائمة تجنب اليمن والمنطقة وطرق التجارة الدولية أي أخطار مستقبلية..مؤكداً حرص الحكومة اليمنية على تقديم كافة التسهيلات اللازمة لتنفيذ خطة الانقاذ لتفادي التداعيات الخطيرة لكارثة بيئية، واقتصادية، وإنسانية وشيكة.
وأكد السفير السعدي في ختام البيان، إن الشعب اليمني يتوق الى السلام ويتطلّع الى مستقبلٍ مُفعمٍ بالحياة يسوده الامن والاستقرار والتنمية، ولا يريد مزيداً من المعاناة واستمرار الصراع وإرسال المزيد من الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية وزراعة الألغام.
- المقالات
- حوارات