اسهمت قرارات البنك المركزي في زيادة الالتحام بين الحكومة الشرعية والشعب اليمني الذي عبر عن سخطه من التواطؤ الأممي مع الحوثيين ، فقد لاقت ضغوط مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، حول قرارات البنك المركزي اليمني، ردود فعل غاضبة، وأثارت تساؤلات حول الموقف الدولي المتساهل من الحرب الاقتصادية الحوثية، والممارسات التي أضرّت بالقطاع المصرفي اليمني، في حين شهدت مدينة مأرب مظاهرات مؤيدة لتلك القرارات.
وكان مجلس القيادة الرئاسي اليمني شدّد على تمسّكه بجدول أعمال واضح لأي حوار حول الملف الاقتصادي، بما في ذلك استئناف تصدير النفط، وتوحيد العملة الوطنية، وإلغاء الإجراءات التعسفية الحوثية بحق القطاع المصرفي، منوهاً بالإصلاحات التي تقودها الحكومة والبنك المركزي اليمنيين، من أجل تحسين الظروف المعيشية، واحتواء تدهور العملة الوطنية.
وشهدت مدينة مأرب شرق صنعاء، السبت، مظاهرة واسعة، شارك فيها آلاف السكان، تأييداً لقرارات البنك المركزي، ورفضاً للتدخل الأممي في هذا الشأن، ودعوات لمجلس القيادة الرئاسي لرفض ذلك التدخل.
ورفع المتظاهرون لافتات تعبّر عن رفض الضغوط الدولية على الحكومة، التي تهدف لتأجيل قرارات البنك أو التراجع عنها.
ويرى فياض النعمان وكيل وزارة الإعلام اليمنية، أن قرارات البنك المركزي اليمني لا تزال نافذة، وفق القانون المنظّم لعمل البنك والصلاحيات المخوّلة له، وأن رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي لم يُعلنوا أي تراجع عنها، واتخذوا قراراً بتأجيل تنفيذ القرار رقم (20) لسنة 2024، الخاص بالبنوك الستة التي رفضت نقل مقرّاتها إلى العاصمة المؤقتة عدن.
وكانت الجهات المصرفية والمالية الدولية المعنية بالسويفت الدولي الخاص بالتحويلات الخارجيّة، خاطبت البنك المركزي اليمني في عدن بإيقاف أكواد البنوك الستة المشمولين بقرار البنك المركزي رقم (20) الخاصة بهم.
ووفقاً لحديث النعمان لـ«الشرق الأوسط»، فإن تأجيل أو تعليق العمل بالقرارات، إن حدث، سيكون وفق الطلب المقدم من المبعوث الأممي لليمن، برسالته الموجّهة لرئيس مجلس القيادة الرئاسي، وفق الشروط التي حددها المجلس، ولا يوجد إيقاف أو إلغاء لأي قرارات صادرة عن البنك المركزي اليمني في عدن.
استحالة التراجع
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلات واسعة مع رسالة المبعوث الأممي، التي تضمّنت طلبات بتأجيل قرار البنك المركزي اليمني، الخاصة بإلغاء تراخيص البنوك التي رفضت نقل مقراتها إلى عدن، وما تبعه من تواصل مع البنوك المراسلة، ونظام «سويفت»، الذي سيُفضي إلى وقف وصول تلك البنوك إلى البنوك المراسلة ونظام «سويفت».
ويصف الباحث الاقتصادي اليمني نجيب العدوفي طلبات المبعوث الأممي، بمحاولة إنقاذ الجماعة الحوثية، وسعياً أممياً لإنجاح خارطة الطريق التي تتبناها الأمم المتحدة بأي طريقة، دون الاكتراث بأهمية الإجراءات الإصلاحية التي يقوم بها البنك المركزي في عدن؛ لإنقاذ القطاع المصرفي المنهار، وإنهاء عبث الجماعة وإدارة السياسة النقدية.
ويرجّح العدوفي، في إفادته لـ«الشرق الأوسط»، استحالة التراجع عن هذه القرارات، مستدلاً بتمسّك مجلس القيادة الرئاسي باستئناف تصدير النفط، وتوحيد العملة الوطنية، وإلغاء كافة الإجراءات الحوثية بحق القطاع المصرفي.
ومما يعزّز من قوة موقف الحكومة الشرعية وفقاً للعدوفي الإرادة الشعبية، التي تطالب بوضع الحكومة يدها على القطاعات الاقتصادية كافة، وإنهاء استغلالها من طرف جماعة خارجة عن القانون، مبيناً أن تأجيل تنفيذ القرارات يسمح للحكومة بالدخول في مفاوضات اقتصادية وفي يدها كافة أوراق الضغط وفرض شروطها، بخلاف المفاوضات السياسية التي كان الحوثيون هم من يضعون شروطهم فيها.
المحافظ بطلاً
تحوّلت التفاعلات مع ضغوط المبعوث الأممي على مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية، إلى حملة تأييد واسعة لقرارات البنك المركزي اليمني، ومحافظه أحمد أحمد غالب، الذي تعاطى المتفاعلون معه قائداً محنكاً في مواجهة الانقلابيين الحوثيين، وأعلنوا مساندتهم له، مطالبين باحترام قراراته وعدم العدول عنها.
وسارع الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، إلى تغيير صور ملفاتهم الشخصية في تلك المواقع، وهم يرتدون الطاقية التي اشتهر المعبقي بارتدائها، وهي طاقية من مكونات الزي الشعبي اليمني، في عدد من المحافظات الوسطى والجنوبية، وتعرف باسم «الكوفية الزنجباري».
- المقالات
- حوارات