لم يكن غريبا على الرئيس رشاد العليمي أن يعيد للدولة هيبتها وأن يسعى جاهدا لتثبيت ركائز العدالة الاقتصادية والاجتماعية والمساواة وإصلاح مؤسسات الدولة من الداخل وحماية المال العام، لم يكن غريبا حقا أن يحارب الفساد وتهريب الأموال الذي تفشى بشكل مرعب في أوساط الوزارات والسفارات والقنصليات اليمنية، وأن يحيل كل من له ارتباطات أو صلات بولبي الفساد إلى التحقيق ومن ثم إلى المحاكمة، ليعيد بذلك هيبة الدولة اليمنية وقدرتها على استئصال الفساد من جذوره، وإعادة ثقة الشعب بالحكومة و قياداتها الشرعية، هذا الإجراء وهذا القرار الحازم الذي لاقى ارتياحا كبيرا في أوساط الشعب و جعل الكثيرون يعيدون حساباتهم وثقتهم بقدرة الحكومة على معالجة الأوضاع و تعزيز الاستقرار ومعرفة أسباب تفشي الفساد و حرمان الكثير من حقوقه بعد أن كان لوبي الفساد يستثمر ويعبث ويستفيد و يرتزق من حقوقه المشروعة و يرسخها لصالحه ولخدمة اهدافه الشخصية.
البداية الأولى لكشف لوبي الفساد:
أشار تقرير النيابة العامة في إطار محاربة الفساد داخل مؤسسات الدولة إلى تحريك دعوى جزائية في أكثر من 20 قضية تتعلق بالفساد ، حيث تم الكشف عن مخالفات مالية وإدارية أضرت بخزينة الدولة بمئات ملايين الدولارات، شملت فساداً في العقود النفطية، والاستيلاء على أراضي الدولة، ومخالفات في قطاع الكهرباء، بالإضافة إلى قضايا فساد في مشاريع بناء السفن العائمة.
واضاف التقرير ان القضايا التي تم تحريكها ذات صلة بمشاريع حيوية، وإهدار المال العام، وتهريب الأموال وتمويل الإرهاب. كما تم إحالة بعض القضايا إلى محاكم الأموال العامة التي أصدرت أحكاماً بإدانة عدد من البنوك وشركات الصرافة، وفرض غرامات مالية ضخمة.
تحركات الرئيس رشاد العليمي والإجراءات والقرارات التي تم إصدارها لإيقاف لوبي الفساد
في ال 12 يناير من العام الجاري، التقى رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، برئيس الجهاز المركزي للرقابة، والمحاسبة القاضي أبوبكر حسين السقاف، الذي سلمه عددا من تقارير نتائج مراجعة اعمال بعض المؤسسات، والمصالح الحكومية، اضافة الى رؤية الجهاز لمعالجة الاختلالات المؤسسية، بما في ذلك السياسة النقدية، والحد من الانهيار المالي، وتحسين الاوعية الايرادية للدولة. واستمع العليمي من القاضي السقاف، الى احاطة عن النشاط الرقابي والمحاسبي للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة على الاداء المالي والاداري والتنظيمي لمؤسسات الدولة، والصعوبات والتحديات التي يواجهها، والاجراءات المطلوبة لتعزيز ادائه ومهامه، واختصاصاته القانونية، والدستورية لتحقيق رقابة فعالة على الاموال العامة والتأكد من حسن ادارتها من حيث الاقتصاد، والكفاءة، والفعالية.
و خلال اللقاء أكد العليمي مضي مجلس القيادة الرئاسي في مسار الإصلاحات الشاملة لتحسين كفاءة مؤسسات الدولة واستكمال الإجراءات اللازمة لتعزيز دور آليات مكافحة الفساد بما في ذلك إعادة تشكيل الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، ودعم الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بالقدرات والكفاءات، وتشكيل اللجنة العليا للمناقصات والمزايدات، والهيئة العليا للرقابة على المناقصات والمزايدات الحكومية، إضافة إلى إحالة كافة القضايا المنظورة امام الأجهزة الرقابية الى السلطة القضائية لاتخاذ إجراءاتها وفقا للقوانين النافذة.
وفي 13 يناير من العام الجاري التقى الرئيس العليمي، برئيس مجلس الشورى التابع للحكومة المعترف بها دوليًا، أحمد عبيد بن دغر، لمناقشة الترتيبات المتعلقة بانعقاد مجلس الشورى، وإعادة تشكيل الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، إنفاذًا لقرارات وتوصيات مجلس القيادة الرئاسي.
وتطرق اللقاء للدعم الاستشاري المطلوب لتحسين أداء مؤسسات الدولة، ودعم جهود السلطة التنفيذية لتسريع إنفاذ خطة الإنقاذ الاقتصادي والسياسات والتدابير المتخذة للتخفيف من المعاناة الإنسانية.
وأقرّت الحكومة المعترف بها دوليًا في ديسمبر/ كانون الأول الماضي مشروع خطة الإنقاذ الاقتصادي، التي تستهدف رفع مستوى الإيرادات، وتحسين وصول الدولة إلى مواردها، ومكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية والمساءلة، والرقابة على أسعار الخدمات.
وفي 23 ديسمبر/كانون الأول 2024، أصدر رئيس مجلس القيادة الرئاسي “رشاد العليمي” توجيهات للجهات المعنية باتخاذ الإجراءات الدستورية والقانونية لإعادة تشكيل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، التي انتهت مدتها القانونية.
هذا و كان مجلس القيادة الرئاسي قد كشف في الآونة الأخيرة عن أرقام صادمة لقضايا مخالفات ونهب لأموال الدولة، كنماذج لحجم الفساد في أداء مؤسسات حكومية، في ظل ما تعانيه الدولة من محدودية الموارد وعجز عن دفع المرتبات، وهو ما أثار ردود فعل مختلفة تتساءل عن مدى الجدية وأسباب المحدودية والانتقائية وتأخر فتح جبهة كاملة مع مراكز نفوذ الفساد، حيث رفع السرية مؤخرًا عن بعض تفاصيل تقارير الرقابة والمحاسبة والنيابة العامة والمتعلقة بقضايا فساد بمليارات الدولارات منسوبة لمسؤولين وقطاعات حكومية من بينها أراضي وعقارات الدولة، والقنصلية في جدة والسفارة في الرياض، إضافة إلى مصافي عدن والمؤسسة العامة للكهرباء، وشركة بترومسيلة في حضرموت، وجهات أخرى، نشرتها الوكالة الحكومية.
هذا الإجراء كما صرحت به الحكومة اليمنية قد يسهم في تعزيز الشفافية وحماية المال العام من خلال تفعيل دور المؤسسات الرقابية والقضائية، مع تكثيف التعاون بين مختلف الجهات لمواصلة إجراءات مكافحة الفساد، إضافة إلى تحسين الخدمات العامة، و تعزيز الاقتصاد الوطني، وتحقيق التنمية المستدامة، وذلك في سبيل بناء مستقبل مشرق لليمن.
- المقالات
- حوارات