
واشنطن - في خطوة تعيد صياغة السياسة الأميركية تجاه اليمن، دخل قرار تصنيف جماعة الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية حيز التنفيذ رسميًا يوم الاثنين 3 مارس 2025، بموجب أمر تنفيذي أصدره الرئيس دونالد ترامب. يأتي هذا القرار بعد أشهر من تصاعد الهجمات التي نفذتها الجماعة ضد السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، واستهدافها القوات الأميركية وشركاء واشنطن الإقليميين.
تستهدف قرارات إدارة ترامب شخصيات حوثية رفيعة المستوى، بينهم مهدي المشاط (رئيس المجلس السياسي للحوثيين) والمتحدث الرسمي محمد عبدالسلام، متهمة إياهم بـ"تقويض الأمن الإقليمي" عبر هجمات على الممرات البحرية وانتشار أسلحة إيرانية. يُعكس هذا القرار سياسة سابقة للرئيس جو بايدن ألغى خلالها عام 2021 التصنيف الإرهابي للحوثيين لتسهيل وصول المساعدات وسط مجاعة طاحنة.
تهديد مباشر للمصالح الأميركية والدولية
أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن "أنشطة الحوثيين تمثل تهديدًا كبيرًا لأمن المدنيين والموظفين الأميركيين في الشرق الأوسط، كما تعرض سلامة شركائنا الإقليميين وأمن الملاحة البحرية العالمية للخطر." وأشارت الوزارة إلى أن الجماعة نفذت منذ عام 2023 مئات الهجمات ضد السفن التجارية، مع استهداف واضح للسفن الأميركية والحليفة، بينما امتنعت عن استهداف السفن التي ترفع العلم الصيني.
ووفقًا للأمر التنفيذي 14175، الذي وقعه ترامب، فإن هذه الخطوة تهدف إلى "حرمان الحوثيين من الموارد المالية والعسكرية التي تمكنهم من تنفيذ هجماتهم الإرهابية." كما أكدت الإدارة الأميركية أنها لن تتسامح مع أي دولة أو كيان يتعامل مع الحوثيين تحت غطاء الأنشطة التجارية المشروعة.
إلغاء قرار سابق لإدارة بايدن
كان الرئيس ترامب قد ألغى في 22 يناير الماضي قرار إدارة جو بايدن، الذي أزال الحوثيين من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية. يُذكر أن إدارة ترامب كانت قد أدرجت الجماعة ضمن القائمة في يناير 2021، لكن إدارة بايدن ألغت هذا التصنيف بعد توليها السلطة، وهو ما اعتبرته الحكومة اليمنية وقتها "تنازلاً خطيرًا." ومع ذلك، أدى هذا القرار إلى تصعيد الحوثيين لهجماتهم، حيث استهدفوا السفن الحربية الأميركية عشرات المرات، وهددوا البنية التحتية المدنية في دول حليفة.
ردود الفعل اليمنية والإقليمية
رحبت الحكومة اليمنية بقرار الإدارة الأميركية، واصفة إياه بأنه "خطوة مهمة لمواجهة التهديدات الإرهابية التي تشكلها الجماعة المدعومة من إيران." وقالت وزارة الخارجية اليمنية في بيان إن "هذا القرار يعزز الشراكة مع الولايات المتحدة وحلفائها في مواجهة الإرهاب، ويقطع الطريق أمام الأنشطة التي تهدد أمن مواطني اليمن والمنطقة والتجارة البحرية العالمية."
وفي السياق ذاته، أعربت الحكومة اليمنية عن شكرها للولايات المتحدة على التزامها الدعم المستمر لمجلس القيادة الرئاسي والشعب اليمني، مؤكدة استعدادها للتعاون الكامل مع الشركاء الدوليين لضمان تنفيذ القرار بما يخدم مصالح الشعب اليمني ويحقق السلام والاستقرار في المنطقة.
إجراءات إضافية لضمان التنفيذ
بموجب الأمر التنفيذي الجديد، تم تكليف وزير الخارجية الأميركي بالتشاور مع جهات أخرى برفع توصية نهائية بشأن إعادة إدراج الحوثيين خلال 30 يومًا. كما وجه القرار الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) ووزارة الخارجية بإجراء مراجعة شاملة لشراكات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية العاملة في اليمن. سيتم إنهاء العلاقات مع أي كيان يثبت تورطه في تحويل الأموال للحوثيين أو تغاضيه عن ممارساتهم الإرهابية.
لماذا الآن؟
يأتي هذا القرار في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، خاصة مع استمرار إيران في تقديم الدعم العسكري والمالي للحوثيين. وتؤكد الخطوة التزام إدارة ترامب بحماية المصالح الأمنية الأميركية وتعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط، حيث تعتبر حرية الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب ضرورة استراتيجية للتجارة العالمية.
ختامًا
تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية ليس مجرد خطوة رمزية؛ بل يعكس استراتيجية أميركية واضحة لمواجهة التهديدات الإقليمية والدولية. ومع تعزيز الضغوط الاقتصادية والسياسية على الجماعة، يبدو أن واشنطن تسعى إلى تحقيق توازن جديد في المنطقة، يعتمد على التعاون الوثيق مع حلفائها الإقليميين والدوليين.

- المقالات
- حوارات