حين تتأمل حجم الخطورة والضرر الواقع على أمتنا من قبل العدو الصهيوني والعدو الفارسي تجد عدة مفارقات لا تزال النٌّخَبُ في بلادنا تضلل أمتنا عن إدراكها ، من تلك المفارقات على كثرتها :
أنّ حجم وعدد الضحايا الذين سقطوا على يد العدو الصهيوني في سبعين عاماً لا يساوي حجم الضحايا الذين سقطوا في عمليات الإبادة الممنهجة على أيدي الإيرانيين وعمالهم في خمس سنوات في العراق وحدها ـ هذا قبل أن نفتح جراح سوريّة .
أنّ الأقطار التي أسقطها الكيان الفارسي أكبر حجماً وسكاناً وثروةً وأهميةً في الصراع من الاقطار التي أسقطها الكيان الصهيوني بشهادة عمر عن العراق مثلاً أنها "جمجمة العرب ورأس حربة الإسلام وحرز الثغور وكنز الرجال ومادة الأمصار ورمح الله في الأرض" ولقد صدّق التاريخ القديم والحديث قول الفاروق عمر عليه سلام الله ورضوانُه وهذا قبل اكتشاف النفط والثروات وبروز حروب المياه ، وكذلك بشهادة التاريخ الذي أكّد أنّ المسلمين لم يفتحوا بيت المقدس إلا بعد أن قوضوا امبراطورية فارس وأن صلاح الدين رحمات الله تغشاه لم يذهب إلى القدس إلا بعد تقويض الدولة الفاطمية ـ إيران عصرها من ناحية النهج العنصري والسُلالي .
أنّ العدوّ الصهيوني لا يمتلك أسُسَاً إختراقية داخل المجتمع العربي والإسلامي يتمكن من خلالها من تفجير الفتن الطائفية والمظلوميات السلالية كما تفعل إيران بواسطة شيعتها العرب ولذلك لم تستطع إسرائيل الوصول إلى النسيج الإجتماعي العربي وتمزيقه بالطائفية كونها ديانة خارج الإسلام ولكن إيران تفضلت وقامت نيابة عنها بهذا الدور .
أنّ إسراييل منذ وجدت كانت وستبقى عامل توحيد للأمّة لكونها عدوّاً واضحاً في حين أنّ إيران عامل تمزيق وتجزئة كونها تفجر الفتنة من داخل جسد الأمة ، وما لم يتعامل العرب والمسلمون مع الكيانين التوأم على هذا الأساس فستظل إيران تمزقهم أصالةً عن مشروعها القومي الشعوبي ونيابة عن حلفاء الواقع الصهاينة سواءً صهاينة تلّ أبيب أو صهاينة اليمين الصليبي في البيت الأبيض .
الأقبح والأوقح في هذا المشهد أن يتناوب على قتلك وذبحك وإخراجك من التاريخ و من الحياة الدنيا عدوٌّ يأتي باسم المُخلّص من عدوٍّ آخر و إذْ بكَ ترى والعالم ـ معك ـ يرى أنّ المخلّص المزعوم [ إيران ] يبيدُ في سنوات أضعاف أضعاف ما فعله العدو الأساس [ إسرائيل ] في عقود ، ومع ذلك لا يزال هذا العدو الهمجي يجد من الداخل العربي من يحاول تلطيف المسألة وامتصاص الغضب الشعبي ضد إيران برغم أن غضب الجماهير هو المكسب الوحيد الذي خرجنا به من جرّاء حروب الإبادة الممنهجة التي تشنها إيران على العرب في ظل غياب دور الانظمة العربية المُحنّطة .
من هنا تدرك أنّ ما كنت تسمع عنه وأنت على مقاعد الدراسة الأولى من مصطلحات فقاعية مثل "إسرائيل الكبرى" ما كان إلّا لحشو الذاكرة بالعلف لأنّ الواقع الذي ليس لنا فضلٌ في اكتشافه اليوم أثبت لنا أنّ إيران هي "إسرائيل الكبرى" و أنّ إسرائيل هي "إيران الصغرى" .
- المقالات
- حوارات