معادة السامية في العالم الإسلامي مستوردة من الغرب
الميثاق نوز- واشنطن - تركز الاهتمام خلال الأسابيع الأخيرة على عضوي الكونغرس الديمقراطيتين الجديدتين إلهان عمر ورشيدة طليب، وكلتاهما مسلمتان، أطلقتا تصريحات تنتقدان فيها إسرائيل ومؤازريها الرئيسيين في الولايات المتحدة.
وصوّر البعض تغريداتهما وتعليقاتهما على أنها ليست مجرد انتقادات لإسرائيل، بل دليل على موجة متصاعدة من معاداة السامية في معسكر اليسار الجديد.
المسلمون يتصدرون
في هذا الشأن كتب الصحافي والمحلل السياسي الأميركي ذو الأصل الهندي فريد زكريا في صحيفة "واشنطن بوست"، داعيًا المسلمين إلى الحذر، عندما يتحدثون عن هذه القضايا، لأن معاداة السامية، برأيه، "انتشرت في عموم العالم الإسلامي كالسرطان".
أشار زكريا إلى أن رابطة مكافحة التشهير أجرت في عام 2014 استطلاعًا في أكثر من 100 بلد أظهر أن انتشار معاداة السامية يزيد بين المسلمين مرتين على انتشاره بين المسيحيين، وأنها أكثر انتشارًا في الشرق الأوسط منها في الأميركيتين.
علاقات صداقة واختلاط
أعاد زكريا التذكير بأن الشرق الأوسط فتح أحضانه لليهود عندما كانت أوروبا المسيحية تقتلتهم أو تهجّرهم، ناقلًا عن المؤرخ الراحل برنارد لويس قوله إن أشخاصًا يلاحظون في أحيان كثيرة بأن مئات آلاف اليهود هربوا من بلدان عربية في الأربعينات والخمسينات، وهم نادرًا ما يسألون لماذا كانت هذه الأعداد الكبيرة من اليهود تعيش أصلًا في هذه البلاد".
يقول لويس في كتابه "يهود الإسلام" إنه في القرون الوسطى عندما كانت السجالات ضد اليهود شائعة في العالم المسيحي، فإنها كانت نادرة في العالم الإسلامي. وفي القرون الأولى من الدولة الإسلامية "كان هناك نوع من التكافل بين اليهود وجيرانهم، لا مثيل له في العالم الغربي، بين العصر الهيليني والعصر الحديث. وكانت هناك اتصالات واسعة وحميمة بين اليهود والمسلمين امتدت إلى الارتباط الاجتماعي والفكري ـ تعاون وتخالط وحتى صداقة شخصية"، بحسب لويس.
قلب المعادلة
يعلق زكريا في مقاله في صحيفة "واشنطن بوست" قائلًا إن الأمور لم تتغير في العالم الإسلامي إلا في أواخر القرن التاسع عشر عندما أخذت "تظهر، كنتيجة مباشرة للنفوذ الأوروبي، حركات يمكن أن يصفها المرء للمرة الأولى بأنها معادية للسامية"، على حد تعبير برنارد لويس.
شعر المسلمون بالقلق، لأن البريطانيين الذين أصبحوا يسيطرون على الكثير من الشرق الأوسط، كانوا يحابون طوائف صغيرة غير مسلمة، وخاصة اليهود. وبدأ المسلمون يستوردون روايات معادية للسامية من أوروبا، مثل اتهام اليهود بخطف الأطفال وقتلهم، وبدأت أعمال معادية للسامية تُترجم إلى العربية، بما فيها "بروتوكولات حكماء صهيون".
يتابع زكريا قائلًا إن ما ألهب هذه المواقف كان تأسيس إسرائيل في عام 1948، حينها أصبحت البلدان العربية ماكنة دعائية كبيرة لمعاداة السامية، غسلت عقول أجيال من شعوبها بأفكار مقيتة عن اليهود. ولاحظ زكريا أن الرئيس السوري العلماني، على ما يُفترض، بشار الأسد، أعلن في عام 2001 أن الإسرائيليين يحاولون أن يقتلوا كل قيم الأديان السماوية بالعقلية نفسها التي أدت إلى خيانة المسيح وتعذيبه، وبالطريقة نفسها التي حاولوا بها أن يغدروا بالنبي محمد.
تراجع متأخر
يذهب زكريا إلى أن معاداة السامية الآن خطاب اعتيادي بين المسلمين في الشرق الأوسط، بعد عقود من تأثير الدعاية الرسمية. وفي حين أن بعض الحكومات العربية تراجع عن تشجيع الكراهية، فإن الضرر حدث، برأي زكريا.
ويؤكد زكريا في ختام مقاله أن انتقاد إسرائيل يجب أن يكون ممكنًا. ونوه بما قاله بيتر بينارت حين كتب إن "إقامة نظامين قانونيين على أرض واحدة ـ قانون لليهود وقانون للفلسطينيين كما تفعل إسرائيل في الضفة الغربية ـ إنما هو تعصب... مستمر منذ أكثر من نصف قرن". كما ينبغي أن يكون من الممكن الحديث عن النفوذ الهائل للجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية "إيباك"، لأن هذه قضايا مشروعة لمناقشتها والسجال حولها في الولايات المتحدة كما في إسرائيل.
- المقالات
- حوارات