الرئيسية - إقتصاد - أمريكا و الصين: من سيحكم الإنترنت في العالم؟ ولمَ الـ 5G بهذه الأهمية؟
أمريكا و الصين: من سيحكم الإنترنت في العالم؟ ولمَ الـ 5G بهذه الأهمية؟
الساعة 09:15 صباحاً (رويترز)

أمريكا و الصين: من سيحكم الإنترنت في العالم؟ ولمَ الـ 5G بهذه الأهمية؟

الميثاق نيوز - تقرير -النزاع بين الولايات المتحدة الأميركيةوالصين في مجال الإنترنت ليس فقط تكنولوجياً أو تجارياً أو أمنياً، بل الثلاثة في آن معاً. إن المواجهة الحالية بين العملاقين الرقمييْن الأكبر في العالم، تنطوي على رؤيتين مختلفتين كلياً للإنترنت ولطريقة إدارة الشبكة العالمية. كلّ نموذج من بين الاثنين يطمح في واقع الأمر إلى فرض رؤيته على الآخر وتثبيت نفسه كسيد عالمي على الشبكة في العقود المقبلة.

رؤيتان سياسيتان للمجتمع
من جهة الصين، نجحت الحكومة الصينية، بمساعدة الشركات المحلية، بتصميم نموذج اقتصادي واجتماعي للإنترنت، وفرضه على الصينيين. في بلاد السور العظيم، استبدلت التحويلات المالية النقود. ويمثل الهاتف الذكي مفتاحاً في حياة الإنترنت الصينية.

ثمة تطبيق صيني اسمه "وي تشات"، حمّله نحو مليار مستخدم، وهو يسمح بالقيام بعمليات شراء وبيع سريعة، تفوق تلك المتاحة في الغرب. ففي فرنسا مثلاً، يجب عليك الذهاب إلى المصرف أحياناً لقضاء حاجة معينة. بغير ذلك لن تصل إلى نتيجة مهما حاولت.

بينما في الصين، عبر "وي تشات"، يمكن أيضاً تصفح المواقع الإلكترونية وإرسال الرسائل وفعل "كل ما تريد... أو بالأحرى كل ما تسمح به الحكومة". كأن الإنترنت الصيني كلّه في تطبيق واحد.

ويبدو هذا الأمر عملياً إلى حد ما، ولكن النقطة السلبية الوحيدة فيه هي أن الدولة قادرة على الاطلاع على كل التحركات الرقمية، لا بل أنها تراقب تحركاتك كلها.

ويقول خبراء وصحافيون عملوا في الصين سابقاً إنه من الحري بك أن تمتلك شيفرة معينة إذا ما كنت تريد التحدث مع أصدقائك عن شيء قد لا يعجب الحكومة.

وإضافة إلى ذلك كله، يمكنك نسيان "غوغل" و"فيسبوك"، فهما ممنوعان في بلاد الراية الحمراء.

في الجهة الأخرى، لا يبدو عالم الإنترنت منظماً إلى هذه الدرجة، كما في الصين. هو عالم مفتوح، كما في الغرب وغيره، حيث يمكن لأي مستخدم أي يقول ما يشاء، إلى حد ما، ولأي مطوّر برامج وتطبيقات أن يطور ما يشاء، ولأي صحافي أن يؤسس موقعاً جديداً أو صحيفة جديدة.

والمساحة هذه، على الرغم من أنها مساحة حرية قبل كل شيء آخر، تبدو "ثقيلة" بعض الشيء، أي أقل مرونة، بحسب تعبير صحيفة "وول ستريت جرنال". لماذا؟ لأنه عليك أن تنتقل من تطبيق إلى آخر، بعكس الصين، حيث كل شيء يتم عبر تطبيق واحد.

لمَ تقنية الـ 5G مهمة جداً جداً في المواجهة؟
تعد تقنية الجيل الخامس بسرعة إنترنت خارقة بحيث يقول التقنيون إنها ستغير عالم الإنترنت اليوم، والطريقة التي نستخدم عبرها الشبكة بشكل جذري، وإنها ستدخل تغييرات كبيرة على عوالم صناعة السيارات ذاتية الدفع، والصناعة بشكل عام والطب.

أمّا بالنسبة للمستخدم العادي، فيقول الخبراء، على سبيل المثال، إنه سيتمكن من تحميل فيلم خلال ثوان إذا كان متصلاً بهذه الشبكة.

وسيتم زرع التكنولوجيا هذه في كل البنى التحتية الموجودة حالياً في أي مجتمع، بما فيها البنى التحتية المهمة، مثل المستشفيات والمواصلات ومحطات إنتاج الطاقة، وأي يد صينية فيها تخيف الغرب لا بل ترعبه.

وهكذا، فيما الجيل الخامس من تكنولوجيا الاتصالات الرقمية (5G) صار على الأبواب، تتجهز كلّ من الولايات المتحدة الأميركية والصين من أجل فرض رؤيتهما الخاصة لنظام الإنترنت على العالم.

وتمتلك الصين، بحسب مراقبين ومختصين، الأفضلية في هذا المجال، لسبب تقني بحت، بحسب ما يمكن استخلاصه من الملف الذي حضرته "وول ستريت جورنال" عن الموضوع.

لا تعتبر الهوائيات من المواد اللوجستية المركزية
في الواقع تأمل الصين في أن تصبح المورّد الرئيسي لتكنولوجيا الجيل الخامس، وكل المواد اللوجستية المتعلقة بهذه التكنولوجيا، وهي تحث زبائنها على اعتماد رؤية للشبكة تقارب رؤيتها، وتدعوهم إلى استخدام "السور الرقمي العظيم" الذي يخولهم من السيطرة على الإنترنت.

تلك دعوة لا شك أنها مغرية بالنسبة للبلدان والأنظمة التي تنحو إلى الديكتاتورية والسلطوية، وخير تجربة على ذلك تجربة الربيع العربي حيث أسهمت الإنترنت بخض الشارع في بلدان عدة، من دون أن تقوى الأنظمة القمعية عليها.

والحقيقة أن الصين متفوقة على الولايات المتحدة في "السيليكون فالي" في هذا المجال لأن الحكومة معنية بدرجة أقل بحرية التعبير وخصوصية مستخدمي الشبكة.

الشركات الصينية أيضاً، وعلى رأسها هواوي، لا تواجه عوائق خلال تصنيع أي تكنولوجيا مرتبطة بالإنترنت لأنها غير معنية بالحفاظ على سرية البيانات الشخصية.

وربما يكون نائب رئيس الوزراء البريطاني السابق، نيك كليغ، خير من لخص ذلك عندما قال "الصينيون يمكن أن يحرزوا قفزة كبيرة إلى الأمام في مجالات الطب والصحة لأنهم يجمعون بيانات المستخدمين بطريقة شاملة ويدرسونها. ولكن ذلك قد يخدم مصالح سياسات التجسس الخطيرة".

خسارة أول وأكبر الحلفاء؟
هناك عدة دول تحترم إلى حد ما النموذج الصيني للإنترنت، منها تنزانيا على سبيل المثال، ولكن تكنولوجيا الجيل الخامس من الاتصالات اللاسلكية تثير قلقاً واسعاً في الاتحاد الأوروبي.

وفي آخر المستجدات، أعلنت الحكومة البريطانية، اليوم الخميس، عن تلزيم شركة هواوي الصينية مشاريع تركيب معدات لوجستية تابعة للتكنولوجيا الرقمية من الجيل الخامس، في بريطانيا.

وترى مجلة فوربس الأميركية إن "توترات جدية قد تبدأ" بين واشنطن ولندن على خلفية القرار البريطاني. ذلك أن قرار حكومة تيريزا ماي يتجاهل تحذيرات وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية التي قالت إن هواوي تمّ تمويلها من قبل جهات عسكرية واستخبارية صينية.

بقول آخر، حاولت "السي أي آي" أن تحذر لندن من تسليم عنقها لبكين دون أن تجد آذاناً صاغية.

وكانت بريطانيا قد أعلنت سابقاً عن عزمها السماح لشركة هواوي بتركيب قطع "غير مركزية" في شبكة الاتصالات من الجيل الخامس. والقطع المركزية هي القطع "كور" (Core) حيث يتم حفظ بيانات المستخدمين والبيانات التي تتميز بأهمية معينة، بحسب ما جاء على لسان وكالة رويترز للأنباء.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص