يتجه البنك المركزي اليمني لطباعة تريليون ريال (5 مليارات دولار) من الأوراق النقدية خلال العام 2018، بغرض استبدال النقود التالفة من جهة، ومواجهة أزمة السيولة ودفع رواتب موظفي الدولة في مناطق الحكومة الشرعية من جهة أخرى، في خطوة من المتوقع أن تلقي بتداعيات خطيرة على قيمة العملة المحلية.
وأوضح البنك اليمني في التقرير السنوي الصادر مؤخرا، أن النقود التالفة تمثل ما نسبته 90% من حجم النقد المتداول، وأنه يجري الترتيب لاستبدال التالف بنقود جديدة من خلال طباعة النقود الجديدة على مراحل بواسطة شركة جوزناك الروسية.
ويواجه الاقتصاد اليمني انكماشاً حاداً بفعل أزمة السيولة التي حرمت 1.25 مليون موظف حكومي وأسرهم من مصدر دخلهم الرئيسي. وساهم تجميد صادرات النفط والغاز وتقليص دعم المانحين بدرجة رئيسة في اتساع عجز الموازنة العامة الذي بلغ 1.59 ترليون ريال (نحو 7 مليارات دولار) خلال الفترة من يناير/كانون الثاني 2015 وأغسطس/آب 2016.
ولجأ البنك المركزي اليمني إلى طباعة النقود بشكل متزايد، حيث بلغ إجمالي قيمة العملات المطبوعة خلال العام الحالي، 600 مليار ريال، وصل منها 420 مليار ريال إلى العاصمة المؤقتة عدن (جنوب البلاد)، ويتوقع أن تصل إلى 180 مليار ريال خلال نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، بحسب التقرير السنوي للمصرف المركزي.
ولا يزال البنك المركزي معطلاً، منذ قرار نقل مقره الرئيس وإدارة عملياته في 18 سبتمبر/ أيلول من العام الماضي من العاصمة صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن، إذ تعثّر في دفع رواتب موظفي الدولة وتوفير خطوط ائتمان لمستوردي الأغذية والوقود من القطاع الخاص، ولا يمارس البنك أيا من مهامه سوى إصدار النقود (الطباعة) بمعدلات مرتفعة.
واعتبر طارق عبد الرشيد، أستاذ في المعهد الحكومي للعلوم الإدارية، أن ضخ ترليون ريال في السوق من شأنه إنعاش المصارف التجارية تحديدا؛ كما سيتيح للمصرف المركزي القيام بواجباته ولو بحدودها الدنيا.
وقال عبد الرشيد لـ "العربي الجديد": "حاجة الحكومة ملحة لإعادة تفعيل دور المصارف للقيام بدورها كمجال أساسي لتطبيق السياسة النقدية، وليس لها من سبيل إلى ذلك غير طباعة نقود جديدة".
وتوقع الخبير اليمني أن تتسبب الطباعة في تخفيض قيمة الريال في حدود 33% ليصل إلى (530 ريالاً للدولار)، وذلك نتيجة ضخ ترليون ريال إلى السوق، وهو حجم النقود المتداولة حالياً، معتبرا أن حالة التضخم الاقتصادي التي ستنتجها هذه العملية أخف تأثيراً في معيشة الناس من عدم حصولهم على المرتبات، وعدم قدرتهم على تشغيل منشآتهم الاقتصادية.
وتعاني مالية اليمن من التآكل السريع لاحتياطيات البنك المركزي اليمني من النقد الأجنبي من 4.7 مليارات دولار في 2014 إلى 600 مليون دولار في 2016.من جانبه أوضح يوسف سعيد أستاذ الاقتصاد في جامعة عدن، أن عرض النقود يعد أحد أهم أدوات السياسة النقدية التي لها تأثير مباشر على أسعار الصرف، وأن المتوقع أن تؤدي زيارة المعروض من النقد إلى زيادة مستويات الأسعار المحلية، وبالتالي إلى انخفاض قيمة العملة الوطنية.
وقال سعيد لـ "العربي الجديد" إن "زيادة المعروض النقدي من خلال التمويل بالعجز (الإصدار التضخمي) سيكون له آثار كارثية، وسيؤدي إلى تآكل الدخول الحقيقة للمواطنين نتيجة تدهور القوة الشرائية للعملة الوطنية، خاصة وأن البلد تراجع ناتجه المحلي بنحو الثلث تقريباً وانخفضت قيمة صادراته بنسبة 40% تقريباً، وفوق ذلك يعيش اليمن أوضاعاً سياسية واقتصادية معقدة".
وأشار سعيد إلى أن إجمالي النقود التالفة للأعوام 2010 -2014، يبلغ 123 مليار ريال، وأن النقود التالفة المتداولة حالياً قد لا تصل إلى مبلغ تريليون ريال. وقدرت وزارة التخطيط اليمنية، حجم النقود المتداولة بمبلغ 3200 مليار ريال نهاية عام 2015، منها 1034 مليار ريال متداولة خارج القطاع المصرفي.
وأكد الخبير المصرفي محمد العراسي، عدم الحاجة إلى التمويل التضخمي الذي يؤدي إلى زيادة العرض النقدي بطريقة لا تتناسب مع حجم الناتج الحقيقي.
وقال العراسي إنه "بحسب الأرقام الرسمية فإن نمو العرض النقدي على سبيل المثال عام 2015 كان 4.2% في نفس الوقت فإن انكماش الناتج تجاوز معدل 29%، وهذا يدل على أن حجم الإفراط النقدي كان كبيراً، ولم يلب متطلبات النمو الاقتصادي، وإنما جاء لتلبية احتياجات تمويل العجز، ما أدى من جهة ثانية إلى تفاقم التضخم والتدهور الكبير في قيمة الريال اليمني
شبكة الحدث نت الأخبارية
- المقالات
- حوارات