الرئيسية - عربي ودولي - 2019 عام عودة "الحراك العربي" ..ضد الفساد و الطائفية
2019 عام عودة "الحراك العربي" ..ضد الفساد و الطائفية
الحراك العربي ضد الفساد والطائفية في العاك 2019
الساعة 09:40 مساءاً (الحرة)

عادت الانتفاضات إلى المنطقة العربية في 2019، فبعد سنوات من توقف الاحتجاجات في المنطقة، استقال الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة تحت ضغط الشارع، وعزل الرئيس السوداني عمر البشير، وانفجر الغضب الشعبي في العراق ولبنان حيث يطالب المحتجون في البلدين بإسقاط الطبقة الحاكمة، وشهدت مصر حراكا نادرا.

في الجزائر.. حراك مستمر

أطلق إعلان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 10 فبراير السعي لولاية خامسة، حركة احتجاجية لم تشهد مثلها الجزائر منذ سنوات، لا سيما بالنسبة إلى انتشارها وشعاراتها التي استهدفت الرئيس مباشرة والدائرة المحيطة له.

نزل عشرات الآلاف من الجزائريين إلى الشوارع تلبية لدعوات على مواقع التواصل الاجتماعي لرفض ترشح بوتفليقة، الذي بلغ من العمر 81 عاما والذي أضعفته جلطة دماغية في 2013. شارك في الاحتجاجات الأسبوعية آلاف طلاب الجامعات ومحامين وغيرهم من الفئات الذين نظموا وقفات احتجاجية استمرت أسابيع.

واعتبر عدد من الجزائريين سعي بوتفليقة الترشح مجددا استهتارا بالشعب، بالنظر إلى أن وضعه الصحي لا يسمح له برئاسة البلاد، كذلك انتقدوا غياب الديمقراطية والفشل في بناء قاعدة اقتصادية خلال سنوات الوفرة عندما كانت أسعار النفط مرتفعة، إذ بقي اقتصاد الجزائر معتمدا كليا على النفط والغاز، وعندما انخفضت أسعار هذه السلع في السنوات الأخيرة، أضر ذلك باحتياطيات الجزائر من العملة الصعبة، وردت الحكومة على ذلك بخفض الإنفاق المخصص لبرامج الرعاية الاجتماعية.

أثار الفساد الكثير من الغضب الذي فجر احتجاجات هذا العام لأن كثيرا من الجزائريين رأوا أن الوضع تفاقم في السنوات الأخيرة، بينما كان أعضاء النخبة الحاكمة وأقربائهم ورجال أعمالهم المقربين منهم يزدادون ثراء.

وتحت ضغط الشارع والجيش، استقال بوتفليقة في 2 أبريل الماضي، بعد عقدين في السلطة، وأُلقي القبض على كثيرين من أفراد الحاشية المقربين بتهمة الفساد، لكن المتظاهرين استمروا في النزول إلى الشارع بأعداد غفيرة كل يوم جمعة مصرين على رحيل كافة رموز "النظام" الموروث من عهود بوتفليقة المتعاقبة، وبينهم رئيس الأركان الفريق أحمد قايد صالح الذي أصبح الرجل القوي في البلاد.

حددت السلطات موعد الانتخابات الرئاسية في 12 ديسمبر بعد إلغاء اقتراع يوليو لعدم توفر مرشحين، متجاهلة رفض الحراك تنظيم هذه الانتخابات طالما لم ترحل رموز النظام السابق.

ورغم أن الجيش، الذي ظل لفترة طويلة وسيطا سياسيا ذا نفوذ، قال إنه لن يدعم مرشحا بعينه في مسعى لإقناع الناخبين بأن الانتخابات ستكون نزيهة، لا يعتقد المتظاهرون أن إجراء انتخابات في ديسمبر سيغير أي شيء طالما بقيت النخبة الحاكمة في سدة الحكم.

وللمرشحين الخمسة في هذه الانتخابات صلات وثيقة بالمؤسسة الحاكمة. ورغم سعي بعضهم لإجراء إصلاحات إلا أن كثيرين يرونهم جزءا من النخبة المتشبثة بالسلطة منذ فترة طويلة.

ويأمل الحرس القديم، الذي يعرفه الجزائريون باسم "لو بوفوار" أو "السلطة"، أن تنهي الانتخابات الرئاسية حالة الجمود الدستوري وتفرز حكومة تتمتع بشرعية كافية لإضعاف المتظاهرين، لكن مع بقاء ستة أسابيع فقط على الانتخابات، ينظر الجانبان إليها باعتبارها اختبار قوة على نحو متزايد.

ورفضت حركة المعارضة، المعروفة باسم "الحراك"، الانتخابات، قائلة إنها لن تكون حرة أو نزيهة في ظل هرم السلطة القائم وتأمل أن يرغم ضعف الإقبال السلطات على القبول بإجراء تغييرات أكبر.

البشير.. رحل تحت ضغط الشارع
بدأت احتجاجات السودان في 19 ديسمبر 2018 بعد أن رفعت الحكومة أسعار الخبز، وسط أزمة اقتصادية وارتفاع معدلات التضخم، ثم تحولت لاحقا للمطالبة بإسقاط البشير وكانت التظاهرات الأكبر منذ وصوله إلى السلطة في 1989.

واجهت قوات الأمن المحتجين بقمع مفرط، أما البشير فرد بأن الانتخابات وحدها يمكن أن تؤدي إلى تغيير في الحكم، وأعلن رغبته الترشح لولاية ثالثة في 2020.

أغلق المتظاهرون شوارع رئيسية في العاصمة ورددوا هتافات بينها "الشعب يريد إسقاط النظام"، وأشعلوا النار في مبنى الحزب الحاكم "المؤتمر الوطني" وفي مقرات للحكومة المحلية. ولبت عدة قطاعات دعوات إلى إضراب عام.

التظاهرات المستمرة التي سرعان ما طالبت برحيل عمر البشير الذي حكم طيلة 30 عاما، استخدمت قوات الأمن العنف المفرط ضدها والرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع لكن ذلك لم يجد نفعا في وقف زحف الجموع الثائرة ضد نظام البشير.

رفع الثوار في السودان شعارات وطنية تحدوا بها كل النعرات الإقصائية والعنصرية، ومن أهم تلك الشعارات 'تسقط تسقط تسقط بس'.

'تسقط تسقط تسقط بس'

ولم تشفع محاولات البشير إنقاذ نظامه عندما أعلن "استمرار الدولة في إجراء إصلاحات اقتصادية توفر للمواطنين حياة كريمة" وتفويض صلاحياته رئيسا للحزب الحاكم، وإعلان حالة الطوارئ وإقالة حكام ولايات سودانية.

وفي السادس من أبريل 2019 تحولت حركة الاحتجاج إلى اعتصام في الخرطوم أمام مقر القيادة العامة للجيش. حاولت قوات الأمن فضه بإطلاق قنابل الغاز والرصاص الحي، لكن العسكريين الذين وسعوا قاعدة انتشارهم بالمنطقة تصدوا لهم، وبدا حينها أن الجيش السوداني كان منقسما حيال ما يحدث.

وفي 11 من ذلك الشهر، عزل الجيش بقيادة وزير الدفاع عوض بن عوف البشير وأعلن تعطيل الدستور وإعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر وحل المجلس الوطني ومجالس الولايات ومؤسسة الرئاسة ومجلس الوزراء، وأصبح عوف "رئيسا للمجلس العسكري الانتقالي"، وتم نقل الرئيس السوداني المخلوع نقل إلى سجن كوبر واعتقال قياديين في الحزب الحاكم السابق.

لكن آلاف المتظاهرين واصلوا اعتصامهم أمام المقر العام للجيش واصفين ما جرى بأنه "انقلاب" وإعادة "إنتاج ذات الوجوه والمؤسسات" القديمة، وطالبوا بحل المجلس العسكري الانتقالي واستبداله بمجلس مدني. واصل المحتجون اعتصامهم على الرغم من تنحى بن عوف من رئاسة المجلس وتعيين الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان بدلا منه.

وبعد مفاوضات، تم في منتصف أغسطس الماضي التوقيع على اتفاق بين الجيش وقادة الاحتجاج بوساطة من إثيوبيا والاتحاد الافريقي، أفضى إلى تشكيل المجلس السيادي الذي يضم غالبية من المدنيين ويتولى عسكري قيادته للإشراف على مرحلة انتقالية لأكثر من ثلاث سنوات يفترض أن تؤول إلى إجراء انتخابات.

أفضت انتفاضة السودانيين أيضا إلى الإعلان مؤخرا عن حل حزب المؤتمر الوطني، والذي كان أحد مطالب الثورة، وتضمن القرار محاسبة مسؤولي الحزب الذي تزعمه الرئيس المخلوع، ومنع رموز نظام البشير أو الحزب ممارسة العمل السياسي ومصادرة ممتلكات وأصول الحزب.

حراك نادر في مصر

في 20 سبتمبر 2019، الذي وافق يوم جمعة، تظاهر المئات في القاهرة ومدن أخرى للمطالبة برحيل الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يحكم البلاد منذ عام 2014.

انطلقت التظاهرات غير المتوقعة في ظل حالة من "القمع" بحسب ما يرى ناشطون، وجاءت بعد أن نشر المقاول المصري المقيم في إسبانيا محمد علي أشرطة فيديو يتهم فيها السيسي ومسؤولين في الجيش بالفساد.

كانت بداية يوم الجمعة عادية وهادئة لم تكن تحمل ما ينذر باستجابة المصريين لدعوات للتظاهر، لكن متظاهرين قصدوا الشوارع والميادين في عدة مناطق بعد مباراة كأس السوبر بين النادي الأهلي والزمالك.

الاستجابة الأكبر في بداية الجمعة وقبله، كانت عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين وسوم على تويتر بينها "الشعب يريد إسقاط النظام" و"جمعة الغضب"، ووسوم أخرى سخرت من دعوات للثورة وإسقاط النظام مثل وسم "محدش نزل".

لكن المشهد تغير بعد المباراة، حوالي الساعة التاسعة مساء بتوقيت القاهرة، إذ خرجت مظاهرات محدودة رغم التشديدات الأمنية.

وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق ما يصل إلى ألف متظاهر في جزيرة الوراق بالقاهرة وكانوا يرددون "ارحل يا سيسي".


وبعد أسبوع، أطلقت دعوات لتظاهرات جديدة، لكن قوبلت بحشد ضخم لقوات الأمن في وسط القاهرة وفي مدن أخرى، وبتجمع كبير لمؤيدي السيسي في القاهرة.

لم يستطع المتظاهرون الوصول إلى ميدان التحرير وسط القاهرة، بعد إغلاق كل الطرق المؤدية إليه. وكثفت الشرطة وجودها في الميادين الرئيسية بالمدن الكبرى وفحص رجال شرطة في ملابس مدنية الهواتف المحمولة لركاب السيارات والمارة بحثا عن محتوى سياسي.

أوقفت السلطات بحسب منظمات حقوقية حوالي أربعة آلاف شخص، خلال هذا "الحراك" المحدود، باتهامات باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي لبث أخبار كاذبة والانضمام لجماعة إرهابية محظورة والتظاهر دون ترخيص.

احتجاجات في العراق

بعد دعوات على شبكات التواصل الاجتماعي، تظاهر العراقيون في بغداد وفي جنوب البلاد في الفترة من 1 إلى 6 أكتوبر الماضي ضد الفساد والبطالة وتردي الخدمات العامة.

لم تنظم الاحتجاجات جماعة سياسية بعينها، وبدا أن الإقبال على المشاركة فيها كان مفاجأة لقوات الأمن.


خرجت هذه التظاهرات بعد أن نفد صبر العراقيين، فبعد عامين من هزيمة تنظيم داعش، يعيش قطاع كبير من سكان البلاد في أوضاع متدهورة رغم ما يملكه العراق من ثروة نفطية.

تحسن الوضع الأمني عما كان عليه منذ سنوات، غير أن البنية التحتية التي حاق بها الدمار لم تمتد إليها يد الإصلاح بالإضافة إلى ندرة الوظائف.

ساهمت في هذا الغضب سلسلة من الخطوات الحكومية لا سيما إعفاء رتبة قائد عسكري يحظى بشعبية كبيرة من منصبه لأسباب لم تشرح بشكل كاف.

واجهت قوات الأمن الاحتجاجات، فسقط أكثر من 150 قتيلا، ووجهت أصابع الاتهام لمليشيات تابعة لإيران بالمسؤولية عن سقوط العدد الأكبر من القتلى.

توقفت الاحتجاجات في فترة أربعينية الحسين، ثم استؤنفت مساء 24 أكتوبر، عشية الذكرى الأولى لتنصيب حكومة عادل عبد المهدي.

اكتسبت التظاهرات زخما مع مسيرات ضخمة في بغداد والجنوب دعت إلى "إسقاط النظام" والطبقة السياسية "الفاسدة والأسيرة للمصالح الأجنبية".

أغلق المحتجون طرقا ومصافي نفط وأعاقوا العمل في ميناء أم قصر في البصرة، ونطموا اعتصامات، وتسببت هذا الاحتجاجات في إغلاق المدارس والإدارات، وتعرض المتظاهرون لإيران لأول مرة وأشعلوا النار في قنصليتها، في حين استمر قمع قوات الأمن للمتظاهرين،

سعى أغلب العراقيين لتحاشي الشعارات الطائفية بعد تجربة تنظيم داعش المريرة، وبدا أن الغضب كان موجها لطبقة سياسية لا لطائفة بعينها، حتى المحافظات الشيعية خرجت أيضا ضد النظام.

رفض المحتجون خطة الرئيس العراقي برهم صالح صياغة قانون انتخابي جديد ورأوا فيها مجرد تغييرات شكلية تهدف إلى دعم النظام السياسي.

وبعد أسابيع من أزمة تراوح مكانها، واستمرار سقوط القتلى، أعلن مجلس النواب في الأول من ديسمبر قبوله استقالة الحكومة، بعد أن بلغت حصيلة قمع الاحتجاجات وأعمال العنف أكثر من 420 قتيلا معظمهم، وآلاف الجرحى في بغداد ومدن الجنوب الشيعية.

لبنان ينتفض

بعد أيام قليلة من انطلاق تظاهرات العراق، بدأت الاحتجاجات في لبنان يوم 17 أكتوبر، مع إعلان الحكومة فرض ضريبة على المكالمات التي تتم عبر تطبيقات المراسلة عبر الإنترنت. أدى هذا الإجراء، على الرغم من سحبه لاحقا، إلى إثارة غضب اللبنانيين الذين نزلوا على الفور إلى الشارع.


خرج اللبنانيون للاحتجاج على سياسيين يعتبرونهم مسؤولين عن الفساد وإهدار المال العام في دولة مثقلة بالديون وتئن تحت وطأة أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية وترجع جذورها إلى سنوات من فساد الدولة. وامتدت الأزمة للقطاع المالي حيث ضعف أداء الليرة اللبنانية، وشحت الدولارات وفرضت البنوك قيودا على سحب النقود.

تجمع عشرات الآلاف من اللبنانيين في بيروت وطرابلس في الشمال وأيضا في صور في الجنوب وبعلبك في الشرق وأغلق طرقا رئيسية بالسيارات والمتاريس المؤقتة للمطالبة برحيل الطبقة الحاكمة "الفاسدة".

وأعلنت حكومة رئيس الوزراء سعد الحريري مجموعة إصلاحات عاجلة منها تقليص مرتبات الوزراء والمشرعين إلى النصف، في محاولة لتهدئة غضب المحتجين وكذلك لتفادي دخول البلاد في أزمة مالية وشيكة.

لكن ذلك لم يهدأ من الثورة، ففي أثناء كلمة الحريري، ردد المتظاهرون في ساحات بيروت، ومدينة طرابلس شمالا، ومدينتي صور والنبطية معقلي حزب الله وحركة أمل جنوبا، وفي منطقة كسروان ذات الغالبية المسيحية شمال بيروت، الهتاف ذاته على ألسنة الجميع صغارا وكبارا "ثورة، ثورة" و"الشعب يريد إسقاط النظام".

وفي 29 أكتوبر، استقال الحريري، لكن التظاهرات استمرت مطالبة بتشكيل حكومة تكنوقراط ومستقلين، وعندما اقترح الرئيس ميشال عون تشكيل حكومة مؤلفة مناصفة من اختصاصيين ووجوه سياسية، استشاط المحتجون غضبا من تصريحات اعتبروها "مستفزة"، وقطعوا طرقا رئيسية في عدة مناطق لبنانية.

ظلت الاحتجاجات سلمية إلى حد كبير، على الرغم من توقيف عدد من المتظاهرين ومن تعرض أنصار حركة أمل وحزب الله الشيعيين لبعض تجمعات المتظاهرين ومهاجمتها، مثلما حدث عندما وصل عشرات الشبان جسر الرينغ حيث كان متظاهرون يقطعون الطريق، وأطلقوا هتافات مؤيدة للأمين العام للحزب حسن نصر الله وحليفه رئيس حركة أمل ورئيس البرلمان نبيه بري، ورد المتظاهرون بهتافاتهم المعتادة "ثورة" و"سلمية" ورددوا النشيد الوطني.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص