منذ بداية الأزمة اليمنية، تبنّت السعودية مواقف حازمة تجاه دعم الحكومة اليمنية الشرعية، والتخفيف من معاناة الشعب اليمني، ما يُبرز التزامها الراسخ بدعم استقرار اليمن. هذه المواقف لا تنبع فقط من واجب الجوار، بل هي جزء من رؤية المملكة لتعزيز الأمن الإقليمي وتحقيق التنمية المستدامة في المنطقة.
الدعم الاقتصادي: التزام مستمر
أعلنت السعودية مؤخرًا، في خطوة جديدة، تقديم حزمة دعم اقتصادي لليمن بقيمة 500 مليون دولار. يتضمن هذا الدعم وديعة مالية بقيمة 300 مليون دولار للبنك المركزي اليمني بهدف دعم استقرار العملة المحلية وتوفير السيولة اللازمة لتحسين الاقتصاد. كما خُصصت 200 مليون دولار لتغطية العجز في ميزانية الحكومة اليمنية. هذه المساعدات ليست مجرد أرقام، بل تمثل حبل نجاة اقتصادي لشعب يعاني من أزمة خانقة.
آثار الدعم على الاقتصاد اليمني
الوديعة الأخيرة ستساهم في استقرار الريال اليمني، الذي شهد انهيارات حادة في الفترة الأخيرة، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الأساسية وصعوبة توفير الأجور. الحكومة اليمنية أشارت إلى أن هذا الدعم سيمكنها من صرف مرتبات موظفي الدولة، وتحسين الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء والصحة، التي تدهورت بشكل كبير خلال السنوات الماضية.
دعم متواصل للتنمية والإعمار
الدعم السعودي لليمن لا يتوقف عند المساعدات الاقتصادية المباشرة، بل يمتد إلى مشاريع تنموية مستدامة. عبر البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، تم تنفيذ أكثر من 260 مشروعًا في مجالات حيوية كالتعليم، والصحة، والطاقة، والمياه، والزراعة. هذه المشاريع تسعى إلى بناء قدرات البنية التحتية اليمنية، وخلق فرص عمل للشباب، وتمكين المرأة في المناطق الريفية.
المساعدات الإنسانية: وجهٌ آخر للالتزام السعودي
تعتبر السعودية أكبر مانح للمساعدات الإنسانية لليمن، حيث قدمت خلال السنوات الماضية مليارات الدولارات لدعم الغذاء، والمأوى، والرعاية الصحية لليمنيين المتضررين من الحرب. وكانت المملكة قد أطلقت مبادرات لتزويد اليمن بالمشتقات النفطية اللازمة لتشغيل محطات الكهرباء، ما أدى إلى تحسين مستوى المعيشة في مناطق كثيرة.
أبعاد الموقف السعودي
يُظهر الموقف السعودي تجاه اليمن فهمًا عميقًا لتعقيدات الأزمة اليمنية. فالدعم لا يتوقف على الجانب المادي فقط، بل يمتد إلى الجوانب السياسية والدبلوماسية، حيث لعبت السعودية دور الوسيط في محاولات إنهاء النزاع عبر اتفاق الرياض وغيره من الجهود الرامية إلى تحقيق السلام.
نحو مستقبل مشترك
ما تقدمه السعودية لليمن ليس مجرد مساعدات عابرة، بل هو استثمار في مستقبل مشترك للبلدين والمنطقة ككل. السعودية تدرك أن استقرار اليمن هو مفتاح لاستقرار الجزيرة العربية بأكملها. من هنا، يستمر التزامها بدعم الشعب اليمني وحكومته الشرعية، والعمل على تخفيف المعاناة الإنسانية، وتمكين اليمنيين من بناء وطنهم بأيديهم.
ختامًا
تؤكد المواقف السعودية تجاه اليمن أن العلاقات بين البلدين ليست مجرد علاقة جغرافية، بل هي علاقة ترتكز على قيم الإخاء والمصير الواحد. وفي ظل استمرار التحديات، يبقى الدور السعودي نموذجًا يُحتذى به في تحمل المسؤوليات الإقليمية والإنسانية.
مقبول الرفاعي ..
الأمين العام للمجلس الأعلى للجاليات اليمنية حول العالم .
- المقالات
- حوارات