الرئيسية - محافظات وأقاليم - "مخلاف العود".. بوادر ثورة تلوح ضد طغيان مليشيات الحوثي
"مخلاف العود".. بوادر ثورة تلوح ضد طغيان مليشيات الحوثي
اليمن
الساعة 11:36 صباحاً (الميثاق نيوز)

سخط شعبي، وحملة انتقادات واسعة، ضد عمليات الاختطافات والجبايات الواسعة التي تنفذها مليشيا الحوثي الإرهابية في مخلاف العود، على الحد الرابط بين محافظتي الضالع وإب، فضلاً عن نهب ومصادرة الممتلكات الخاصة، تحت مسميات ومزاعم عدة، بعضها وشايات، وأخرى تصفية حسابات.

وفي التفاصيل، انفجرت ثورة سخط مجتمعي واسعة، في مختلف أرياف مخلاف العود، الذي يضم أكثر من (111) قرية تتوزع على قرابة (11) عزلة، تنتشر على شريط حدودي يقطع ثلاث مديريات هي: "دمت- النادرة- وقعطبة"، بمحافظتي الضالع وإب، رداً على حملة اعتقالات مستمرة، يصاحبها عمليات نهب ممتلكات، وجبايات، وتجنيد إجباري، وغيرها من الانتهاكات والجرائم.

وجع السنين

بداية مليئة بالوجع يفتتحها رجل طاعن بالسن، بقوله "ما صدَّقنا انتهى عهد بيت حميد الدين، إلا وظهروا لنا جهال بيت بدر الدين". ويضيف بمرارة أشد "قد كنَّا بدأنا نفرح بجهالنا درسوا وتوظفوا وأصبحوا دكاترة ومهندسين ومدرسين ومدراء وضباط، ورواتب ويدعمونا وذي عليك بالخير، وذلحين احنا وهم مسابقة بالسايلة، طالعين نازلين متحملين المجارف والشراعات - انابيب بلاستيكية لمياه الري"..

وحول تساؤلنا عن: ما الذي عمل بهم "بيت بدر الدين" - حسب تسميته لهم؟!، أجاب، "قل ما الذي لم يعملوه بنا.. أصبحوا الناس إمَّا هاربين أو مسجونين أو غسلوا عقولهم وشلوهم الجبهات يقاتلوا معهم، والبقية قدهم عد يتقارحوا من عروضهم من الباطل"..

يطلق نهدة طويلة، ويضيف "مجهود حربي وادينا، وزكاة وادينا أضعافا، وتبرعات وتبرعنا، يا رجال حتى لو معك عشر نعاج يشتي المندوب حق الحوثي قسمه منهن، احنا راضين ندفع بالزكاة، ولكن كل شيء له معلام -أي وقت-، وهذولا مثل الشريم آكل سارح راجع"..

مداهمات واعتقالات..

البوح لدى سكان مخلاف العود غالباً ما يكون موشَّحا بالكمد، يبرق من بين ثناياه برق ورعد، يوحي بأن سحابة ثورة شعبية لن يطول انتظار مزنها.

وفي تعريج سريع على نماذج من الجرائم والانتهاكات الحوثية، التي طالت أبناء العود خلال العام المنصرم، شنت عناصر مليشا الحوثي بعشرات الأطقم والأسلحة الرشاشة وقذائف الـ(RBG)، هجوما على قرى آل فاضل، شمالي العود، أسفر عن مقتل شخصين وجرح آخرين، بالإضافة إلى إلحاق أضرار بالغة في عدد من المنازل، وإصابة النساء بحالة من الهلع والخوف.

وتبريرا للجريمة، اتهمت المليشيا، أبناء القبيلة، بإيواء أحد أبنائها الذي سبق وشارك ضدها مع القوات الحكومية في معارك جبهة مريس مطلع العام 2019م، وهي الحقيقة التي يقرون بها، إلا انه عاد إلى وسط قبيلته بعد إصدار قيادات مليشيا الحوثي قرار العفو العام، عقب سقوط مخلاف "العود" في مارس 2018م، ودعوة جميع ابنائه الملتحقين بالقوات الحكومية او المدنيين المناوئين للمليشيا، العودة الى منازلهم ومنحهم وجه الامان، ولكنها خانت شرف قرار العفو، وهو ما يعتبر عيبا في الاعراف القبلية، فضلا عن كونه مخالفة قانونية - حسب مصدر قبلي.

شيخ قبلي، طلب عدم الكشف عن اسمه وهو يتحدث لوكالة "خبر"، أكد -بمرارة- أن "مليشيا الحوثي نفذت عشرات الاعتقالات"، وبالرغم من ذلك "نحثَّ الاهالي دوما على الصبر، وعدم التصعيد الاعلامي، خشية على المعتقلين وأبناء المنطقة من التعنّت الحوثي الذي يعتبر الكشف عن جرائمه، جريمة يشدد بعقوبتها على المعتقل، فيما جرائمه التي هي سبب هذا النشر يراها من وجهة نظره الكهنوتية أمرا طبيعيا".

وعلى ذات الحد الشمالي شهدت عدة قرى في العود، حملة اختطافات واسعة وبمراحل متفاوتة، طالت تربويين وشبابا، من قبائل آل بابكر وآل فاضل وآل الصيادي وآل الحالمي وغيرهم.

نكاية ومكايدة

مصادر محلية، أكدت أن آخر جرائم المليشيا التي شهدها العود، هي اقتياد مسلحيها لعدد من المشايخ والمواطنين الى مديرية النادرة، وإيقافهم بادراة الامن عدة مرات، إثر خلافات على حفر آبار مياه، بعزلة حدة، وانتهت بمكايدات ونكايات بين ابناء المنطقة وتلفيق تهمة كيدية ضد "خليل محمد الصيادي"، أحد العناصر الذين سبق ايقافهم، حيث داهم طقم عسكري مدجج بالمسلحين، وقام باعتقاله مجددا، ونقله الى سجن ادارة البحث بمديرية النادرة، ومن ثم تم نقله الى سجن مباحث محافظة إب، واحتجازه حتى اللحظة، متجاوزا بذلك يومه العاشر.

وفي فترة سابقة، بإحدى ليالي العشر الأواخر من رمضان المنصرم، اعتقل مسلحون حوثيون اكثر من (10) اطفال، كانوا يقتنون ملابس للعيد، في مدينة الفاخر، جنوبي العود.

وبحسب مصادر خبر، جلهم من قرية مارش، بعزلة حدة، واعمار جميعهم لا تتجاوز الخامسة عشر، باستثناء سائق السيارة التي تقلهم، كان قد تجاوز الثامنة عشرة.

وفي عزلة الأعشور، جنوبي العود، داهم مسلحون حوثيون بعدد من الاطقم العسكرية، قرية عزاب، واختطفوا مواطنا من قبيلة آل عميران ونجله، دونما احترام لحرمة يوم الجمعة الذي شهد العملية، او مراعاة لحالة الترويع والهلع التي تصيب النساء والاطفال، في مثل هكذا قرى ريفية تقبع في معزل عن ضجيج الحرب والآليات العسكرية، الامر الذي يترك أثرا نفسيا بالغا لدى الطفل والمرأة، وهو ما يعد جريمة تضاف الى جرائم الاعتقال والترويع - حد قول مصدر قبلي.

تلفيق تهم

وفي وقت لاحق، اعتقل، المشرف الحوثي بقطاع الاعشور، المدعو "ابوحسن القحيف"، المواطن "نجران الشوكي"، احد شباب منطقة بيت الشوكي، واستوقفه لايام في سجن كان قد استحدثه في منطقة عزاب، المشرف الحوثي السابق المدعو "ابو مصطفى".

وكشف حينها "الشوكي"، في منشور على حائطه الرسمي في منصة "فيسبوك"، ان المدعو "القحيف"، حاول الضغط عليه وتلفيق تهم كيدية ضده، بعد ان وجه له تُهمة تفجير قنبلة يدوية في منطقة النقطة، على الحد الرابط بين منطقتي، عزاب وبيت الشوكي، وهي التهمة التي نفاها "الشوكي" قطعيا.

الشوكي، كشف أيضا، ان المشرف المدعو "القحيف"، وجه اتهامات كاذبة لمشايخ قبليين ينحدرون من منطقتي بيت الشوكي وعزاب، مستخدما التهديد غير المباشر بالسلاح، من خلال قيام مرافق المشرف الحوثي برفعه عدة مرات اثناء التحقيق معه، بهدف الضغط عليه للادلاء باعترافات كاذبة ضدهم، يقوم خلالها المدعو "القحيف" بممارسة اذلالهم وابتزازهم، فضلا عن تهديده بالتصدير الى سجن المحافظة، وهو ما يعني ان فترة بقائه في السجن ستمتد لاشهر حال نقله إليه.

جرائم الانتهاكات تجسّدت اكثر وطفت على السطح بعد خروج الشوكي من معتقل عزاب، حينما كتب على حائطه في فيسبوك تفاصيل الحادثة، ولقي تفاعلا كبيرا من ابناء المنطقة، وادانات واسعة، ولكنه سرعان ما قام بحذفه بعد اقل من 24 ساعة، ما يشير الى مدى الصلف الذي يسود قيادات الحوثي وقمعها الحريات لمجرد كشفها ما قد تتعرض له شخصيا.

تهجير..

وفي منطقة النبيجات، داهمت المليشيا قرى النبيجات وهجرت العشرات، واعتقلت آخرين، وحولت منازلهم الى ثكنات عسكرية لعناصرها. ذلك هو حال عشرات المدنيين في قرى بيت الشرجي وحبيل العبدي وغيرها من قرى الحد الجنوبي بالعود.

وعلى الحد الغربي من العود، داهمت المليشيا قرية المحجر، واعتقلت الشقيقين ياسر وصالح الدودحي، بتهم كيدية، لتقوم بالافراج عنهما لاحقا بضمانات قبلية.

ويؤكد مصدر قبلي أن عشرات الاعتقالات تمت لأشهر، وسط تكتيم شديد من اهاليهم تجنبا للمضايقات التي تزداد حدتها في ظل اي تسريب عنهم، في مشاهد اذلال وتركيع لم يشهدها اليمن الا في حقب حكم بيت حميد الدين.

دورات طائفية

مصادر تربوية أكدت أن المليشيا أخضعت العشرات من عدول وعقال القرى ومدراء المدارس والمعلمين واوائل الطلبة، لدورات طائفية وعقائدية تنظمها بين الحين والآخر في مراكز المديريات، ومن ثم تختار عينات من بين المشاركين لنقلهم الى العاصمة صنعاء.

مصدر محلي، أوضح أن عملية واحدة، شهدت اختطاف قرابة (30) شابا، من منطقة بيت الشوكي، واقتادتهم إلى مديرية النادرة، وأخضعتهم لدورات عقائدية وطائفية في المديرية، فيما نقلت لاحقا بعضاً منهم إلى العاصمة صنعاء، تمهيدا لاختيار عينة من بينهم لنقلها الى محافظة صعدة، الا ان معظمهم لاذ بالفرار، رافضا ذلك، وهي اولى شرارات الممانعة الشبابية والشعبية التي تكررت في مناطق عدة من العود.

نهب ممتلكات

الممتلكات الخاصة هي الأخرى صارت عرضة للمصادرة من قبل الجناح الاستخباراتي، حيث تقول مصادر محلية إن مليشيا الحوثي الارهابية استولت على منزل الشيخ عبدالله الشرجي، في منطقة بيت الشرجي، بعزلة الاعشور، 5 كيلومترات شمالي الفاخر، ونهبت اسلحة خاصة تعود ملكيتها للقبيلة، اسوة كالكثير من القبائل اليمنية التي يعرف عنها امتلاك الاسلحة لاستخدامها في معاركم القباية التي غالبا ما تخوضها القبائل.

كما احتلت عشرات المنازل بعد تهجير أصحابها، أبرزها منزل الشيخ الصعتور، في منطقة الخبت، في محيط منطقة بيت الشرجي، شمالي الفاخر، محولة إياه ثكنة عسكرية، وهدفا لنيران مقاتلات التحالف والقوات المشتركة.

وفي عزلة حدة، نهبت المليشيا سيارة المواطن "على مسعد الصيادي"، اثناء توقفها في وادي السهيل، بجوار مزرعته التي كان يقوم بريها، وسط وادي السهيل.

شهود عيان، شهدوا حادثة السرقة، وسارعوا بابلاغ مالكها بمشاهدة المليشيا تتجه بها نحو منطقة الفاخر، ليسارع باللحاق بهم، وهناك تفاجأ بمطالبته اوراق الملكية، ما لم سيتم مصادرتها، بمشهد يعكس التحدي لحقوق واملاك المواطنين دون مسوغ قانوني، وبعد ان وفَّر اوراق الملكية، إلا ان ذلك ما زال بحاجة إلى وساطة قبلية، وتحديدا ممن ينحدرون من ذات السلالة، وتم استعادتها.

مشهد نهب مشابه، ولكنه أشد جرماً، حيث قامت عناصر حوثية تنحدر من منطقة "شليل"، بمديرية قعطبة، بعدد من الاطقم العسكرية وعشرات المسلحين، بمداهمة قرية خربة الصباري، عزلة "حدة"، ونهبت سيارة خاصة باحد المواطنين، تحت مبرر ان مالكها احد المنتمين إلى الوية الساحل الغربي.

وعلى الحد الغربي من العود، داهمت المليشيا قرية المحجر، ونهبت "سيارة" تعود ملكيتها للمرحوم عبده مسعد الدودحي، تحت مبرر ان السيارة ملك للدولة، وبعد تدخل وساطات قبلية اثبتوا خلالها ملكية صاحبها، تم استعادتها.

مصدر من آل الدودحي، أكد لوكالة "خبر"، أن الأسباب تعود إلى مواقف وتضحيات ابناء قبيلتهم المناهض للمليشيا، فضلا عن الموقف المشهود للبطلة الشهيدة اصيلة الدودحي التي قتلت اربعة عناصر حوثية ببندقية والدها الذي سقط شهيدا بجوارها، في معركة سقوط العود.

مصادر قبلية في مناطق عزلتي الشرنمة العليا والسفلى أكدت أن عدد عمليات نهب مشابهة شهدتها قراهم، لمجرد وشايات لا صحة لها، ناهيك عن ان المليشيا غالبا لا تنتظر لدس اي وشاية، خصوصا فيما يخص ممتلكات خصومها او اقاربهم.

جبــايــات

لم تتورع المليشيا عن ارتكاب أية جريمة، فالانتهاكات والجرائم بالنسبة لها هواية، وفي انتزاعها لقمة العيش من افواه اصحابها، تجد لذة.

وذكرت وسائل إعلام محلية، أن حملة جبايات واسعة ومستمرة تنفذها مليشيا الحوثي في عزلتي الشرنمة العليا والسفلى، حيث اوكلت للمتحوث "محسن يحيى المالكي" فرض جبايات مالية من المزارعين والمواطنين، بلغت قرابة (100) ألف ريال، على كل مزارع.

كما كلفت المليشيا المتحوثين "عبده الحاج الضوراني، وعزيز الحميقاني" بفرض جبايات في منطقة شذان، وعزت الأسباب لما أسمته ب"المجهود الحربي".

وفي وقت سابق، أفادت مصادر محلية لوكالة خبر، بفرص جبايات مشابهة في مختلف مناطق مديرية الحُشا، جنوب شرقي عُزل الشرنمة، واستقطاع مبالغ مالية من مرتبات الموظفين عبر مكتب بريد المديرية، التابع إداريا لمحافظة الضالع.

وفي بيت الشرجي، شكا العشرات من مزارعي القات، فرض جبايات مالية لا تقل عن (100) ألف ريال على كل محصول، وهو ما تسبب بخلاف مع عدد منهم بعد ان شكوا عجزهم عن الدفع، لانفاق اكثر من 50 بالمئة من قيمة المحصول، مقابل قيمة مياه الري ومبيدات واسمدة، فيما يذهب الباقي من حصة المالك والاياد العاملة في قطف المحصول.

الأمر ذاته، في مختلف قرى العود التي تربو عن الـ(111) قرية، شكا أبناؤها من فرض جبايات واسعة تحت مسميات "مجهود حربي- يوم الشهيد- قوافل غذائية- اقامة انشطة وفعاليات.."، فضلا عن الزامهم مؤخرا، دفع مبالغ كبيرة تحت مزاعم زكاة خمس سنوات مضت كانت المنطقة - حينها- في نطاق المحافظات المحررة.

بوادر ثورة

مخلاف العود، كغيره من مناطق عدة في اليمن، يخضع لسيطرة مليشيا الحوثي، ويتعرض أبناؤه لمختلف صنوف القمع، مع فارق ان شريحة واسعة تتزايد باستمرار اصبحت تلفظ الضيم، وما ان يقبلوا بتمرير مطلب حوثي، الا سرعان ما يقذفون بآخر في وجوه قيادات المليشيا، ابرزها محاولات فرض التجنيد الاجباري الذي سعت اليه مؤخرا المليشيا وسط خسائرها البشرية الفادحة في جبهات الضالع.

مراقبون يقرأون من هذه المقارعة ثورة شعبية تلوح في الأفق، شرارتها الأولى توشك أن تتفجَّر، فيما آخرون يرون في أبناء العود صبراً وشجاعة تمتد إلى أجدادهم الحميريين الذين طوعوا من الجبال والصخور مساكن، ومن الأشجار غذاء، وهو ما يكفل بأن يحطموا تلك الأصنام في الساعة التي يختارونها دونما خوف..

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص