الرئيسية - تحقيقات - تفاصيل مرعبة عن الفيروس الذكي.. كيف يقتل كورونا الإنسان المصاب؟
تفاصيل مرعبة عن الفيروس الذكي.. كيف يقتل كورونا الإنسان المصاب؟
كيف يقتل كورونا الانسان وعلاقة الجهاز المناعي بذلك
الساعة 04:42 مساءاً (وكالات)

كيف يقتل كورونا الإنسان؟ سؤال يحير العلماء الذين يواجهون مشكلة في تحديد طريقة التعامل المثلى مع خطر الفيروس الذي حصد أرواح أكثر من 114 ألف شخص في العالم.

فعدم اليقين بشأن ما إذا كان الفيروس نفسه أو استجابة الجهاز المناعي للشخص،  هو ما يربك أعضاء المريض في نهاية المطاف ويؤدي إلى وفاته، يجعل من الصعب على الأطباء تحديد أفضل طريقة لعلاج المصابين بكوفيد-19.

تشير البيانات السريرية إلى أن جهاز المناعة يلعب دورا في تردي الوضع الصحي ووفاة الأشخاص المصابين بالفيروس المستجد، وحفز ذلك على دفع العلاجات مثل الستيرويدات التي تكبح جماح الاستجابة المناعية.

لكن بعضا من تلك العلاجات تعمل على نقاط واسعة لقمع جهاز المناعة ما يثير مخاوف من أن تعيق قدرة الجسم على إبقاء العدوى الفيروسية تحت السيطرة.

وقال الأخصائي في علم المناعة والمدير الطبي في شركة IGM للعلوم الحيوية في كاليفورنيا،  دانيال تْشَن لموقع نيتشر "أكبر مخاوفي أن يتم نقل هذا إلى أقصى حد، حيث يستخدم الناس كل ما يمكنهم وضع أيديهم عليهم لوقف الاستجابة المناعية"، وتابع محذرا "لا يمكنك إسقاط جهاز المناعة في وقت يقاوم فيه العدوى".

السباق من أجل العلاج
وبينما يغمر مرضى كوفيد-19 المستشفيات حول العالم، يسبح الأطباء في الكثير من البيانات غير المكتملة التي تتدفق عليهم والطبعات المسبقة التي لم تتم مراجعتها من قبل الأقران، ويكافحون من أجل إيجاد طرق لمساعدة مرضاهم ويشاركون تجاربهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

ويجرب بعض الأطباء أنواعا مختلفة من العلاجات غير المؤكدة فعاليتها في محاولة يائسة لإنقاذ الأرواح.

طبيب التخدير في قسم العناية المركزة في جامعة إندبرة البريطانية، كينيث بيلي، قال وفق ما أورده موقع نيتشر "ينظر الناس إلى وضع المرضى يتدهور أمام أعينهم، وهناك حافز قوي جدا للوصول إلى أي علاج يرون أنه قد يكون فعالا".

وقال "عندما أحس بالعجز عند سرير أحد المرضى، ينتابني الشعور ذاته".

وتشير بعض التحليلات المبكرة لمرضى كورونا في الصين إلى أن من المرجح أن الفيروس ليس وحده ما يدمر الرئتين ويقتل المريض، وإنما يمكن لاستجابة مناعية مفرطة أن تسبب في الإصابة بمرض حاد أو الموت.

وكان لدى بعض من هم في وضع خطير بسبب كوفيد-19 مستويات مرتفعة من بروتينات تسمى سيتوكاين في الدم، ويمكن لبعضها زيادة الاستجابة المناعية.

وتضم هذه البروتينات إشارات صغير لكن قوي اسمه إنترلوكين-6 (IL-6) الذي يدعو إلى تفعيل بعض مكونات جهاز المناعة، بما في ذلك الخلايا البالعة أو البلاعم (macrophages).

وتعمل البلاعم على تأجيج الالتهاب وقد تضر بخلايا الرئة الطبيعية أيضا. وإفراز بروتينات السيتوكينات (cytokines) المعروف بعاصفة سيتوكين، يحدث أيضا مع فيروسات أخرى مثل فيروس نقص المناعة البشرية (HIV).

الرد المثالي، إذن، سيكون بدواء يمنع نشاط إنترلوكين-6 ويقلل تدفق البلاعن إلى الرئتين.

هذه الأدوية، تعرف باسم مثبطات إنترلوكين-6 وهي موجودة بالفعل كعلاجات لالتهاب المفاصل الروماتويدي واضطرابات أخرى. 

وفي الصين تمت الموافقة على استخدام عقار أكتمرا (Actemra) الذي تنتجه شركة روش السويسرية، لعلاج مرضى كوفيد-19 ويعمل الباحثون حول العالم على تجربته إلى جانب عقارات أخرى من هذا النوع.

تحديات مناعية
لكن لا يوجد على الصعيد العالمي ما يكفي من هذا الدواء، ما يجعل الكثير من الأطباء يلجأون إلى الستيرويدات التي تضعف جهاز المناعة على نطاق أوسع، وفق الأخصائي في الأورام المناعية في المعهد الوطني للسرطان في ولاية ميريلند، جيمس غولي.

وقد تكبح مثبطات إنترلوكين-6 الاستجابات المناعية التي يحكمها إنترلوكين-6 فقط، ما يسمح بالاستجابات المناعية الأخرى التي قد تساعد الجسم على محاربة كوفيد-19 في الاستمرار.

لكن الستيرويدات وبعض العلاجات الأخرى التي تعمل بشكل عام قد تقلل بشكل كبير قدرة الجسم على مكافحة العدوى بشكل عام.

ولن تعمل هذه الأدوية على قمع البلاعم فحسب، بل ستقوم أيضا بمنع نشاط خلايا المناعة المسماة خلايا CD4 T، وهي ضرورية لبدء الاستجابات المناعية، وأيضا خلايا CD8 T، التي تعتبر السفاح بين مضادات الفيروسات في الجسم، تستطيع تدمير الخلايا المصابة بدقة أكبر من البلاعم.

وبحسب غولي "عندما تسوء الأمور حقا، سيستخدمون الستيرويدات"، مضيفا "أنا قلق قليلا بشأن ما يلجأ إليه بعض الناس".

تشن بدوره يشير إلى أنه على الرغم من ارتفاع مستويات إنترلوكين-6 لدى بعض المرضى في وضع خطير، إلا أن كمية الفيروس الموجودة في الجسم عالية أيضا، ما يشير إلى أن الجسم لا يزال يقاوم عدوى فيروسية نشطة.

ويقول: "عليك أن تفترض أن هناك استجابة مناعية مستمرة مضادة للفيروسات مهمة لهؤلاء المرضى. إذا كان الأمر كذلك، فإن تقليل خلايا CD4 وCD8 يمكن أن يقوض هذه الاستجابة".

ويتم بالفعل اختبار الستيرويدات والمثبطات المناعية الأخرى ضد فيروس كورونا في التجارب السريرية.  وفي مارس، أطلق باحثون في المملكة المتحدة دراسة ِركَفْري (RECOVERY)، وهي تجربة سريرية عشوائية ستقيم الستيرويد ديكساميثازون وعلاجات محتملة أخرى لكوفيد-19.

ويثير ذلك قلق أخصائية الروماتيزم جيسيكا مانسون في مستشفى يونيفرسيتي كوليدج في لندن، التي قالت لمجلة نيتشر إن أدلة من أوبئة سابقة سببتها فيروسات من عائلة كورونا تشير إلى أن الستيرويدات لها فائدة قليلة، وقد تطوّل الوقت الذي يستغرقه المرضى للتخلص من الفيروس. 

وتدعو تجربة "ِركَفْري" إلى إعطاء العلاجات قبل أن يصبح المرضى في حالة حرجة وليس لديهم ملاذ آخر.

لكن بيتر هوربي، الذي يدرس الأمراض المعدية في جامعة أكسفورد في المملكة المتحدة وقائد تجربة ركفري، يشير إلى أن التجربة ستستخدم جرعات منخفضة نسبيا من الستيرويد. وأوضح للموقع "لا يوصى بالجرعات العالية بشكل روتيني".

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص