بعد أكثر من شهر من تكتم مليشيا الحوثي على مصير الانقلابي يحيي الشامي، خرج زعيم الانقلاب عبد الملك الحوثي، معترفا بوفاته متأثرا بفيروس كورونا.
ونعت مليشيات الحوثي على لسان كبار قيادتها تقدمهم زعيم المليشيا الإرهابي، عبدالملك الحوثي، الإثنين، وفاة مهندس الانقلاب وأبرز رجال إيران في اليمن المدعو “اللواء ركن يحيى الشامي”، المعين مساعد لـ”القائد الأعلى” في الانقلاب الحوثي.
وأعلنت المليشيات عن وفاة “الشامي” عقب يومين فقط من تشييع نجله الأكبر اللواء “زكريا يحيى الشامي” المقلب بـ” الجاسوس” وهو أحد أخطر قيادات المليشيا الذين تغلغلوا داخل الجيش اليمني سابقا وعمدوا لتفكيكه لصالح تمدد المشروع الإيراني.
ويعود تكتم مليشيا الحوثي عن وفاة كبير قيادتها إثر مطالب أسرة الشامي المنافسة سلاليا بشدة لـ “أسر الحوثي” وتدير ما يسمى بـ”الجناح الهاشمي” المناهض لجناح صعدة المتطرف، بتشريح جثته مع نجله لشكوك حول تصفيته من قبل القيادات الأكثر التصاقا بمليشيا الحرس الثوري الإيراني.
وفاة يحيى الشامي مهندس الانقلاب الحوثي بكورونا
وأواخر مارس /آذار الماضي، كشف مصدر مسؤول لـ”العين الإخبارية”، عن أن المدعو “يحيى الشامي”، المصنف رقم 11 على قائمة الـ40 مطلوبا للتحالف العربي، لقي حتفه متأثرا بكورونا بعد وفاة زوجته بأيام وذلك إثر تدهور حالته منذ سماعه مصرع نجله وذراعه الأخطر ” زكريا”.
مشوار التأمر
ويعتبر يحيى محمد الشامي، الذي وضع التحالف مبلغ مكافأة لمن يحدد موقع ومكان تواجده 20 مليون دولار أمريكي هو كبير مهندسي الانقلاب الحوثي ومفكك الجيش اليمني وعدو الجمهورية اليمنية الأول.
ويمتد مشوار الخراب للرجل لنحو 50 عاما من حياته العملية داخل الجيش اليمني منذ عام 1966 أي بعد 4 أعوام من قيام ثورة اليمن 26 سبتمبر التي وضعت أسس النظام الجمهوري وقد وصل إلى مكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة في نهاية الثمانينات حين عمل مديرا لدائرة الجيش في مكتب الرئيس الراحل “علي صالح”.
كما استغل في ذات الفترة أطماع الإخوان للقضاء على قوى اليسار شمال اليمن وقادهم في حرب ضد الجبهة الوطنية العسكرية المدعومة من دولة الجنوب قبل الوحدة حتى تم القضاء عليها.
وتعلم “الشامي” المولود 1946 بمديرية السدة بمحافظة إب (وسط) في محافظتي حجة وصنعاء ثم التحق بالكلية الحربية والأكاديمية العسكرية في القاهرة وعين في مناصب عسكرية عديدة.
كما عمل محافظا لـ3 محافظات هي مأرب والبيضاء وأخيرا صعدة والتي كشفت المخابرات اليمنية تعاونه السري من خلال نجله “زكريا الشامي” مع مليشيا الحوثي إبان الحروب الست (2004-2009).
وتمت إقالة “الأب” حينها من منصبه وإيداع نجله “زكريا” السجن ليتم العفو عنه لاحقا، ليتحول الرجل للعمل السياسي في المؤتمر الشعبي العام الحزب الحاكم الذي كان يقوده الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، لكنه اعتبر تنصيبه الحزبي إقصاء مباشر له من مراكز النفوذ للجيش والأمن.
المؤامرات المنسية
شارك يحيى الشامي مع اللواء “يحيى المتوكل” الذي توفي في انقلاب سيارته عام 2003، في عملية عدت تصفيه له حينها، في بناء ما يوصف بـ”الخلايا السلالية” داخل الجيش والأمن لتشكل بعد ذلك البنية التحتية للحوثيين والذراع العسكرية الطولى لهم داخل الدفاع والداخلية اليمنية.
حيث زرع القيادات والعناصر السلالية الأمامية داخل المؤسسات العسكرية والأمنية مستغلا نفوذه الكبير وعلاقاته الواسعة بكل قيادات الدولة الكبرى.
والشامي هو صاحب مقترح تفكيك قوات الحرس الجمهوري، القوة الضاربة للنظام السابق خلال فوضى 2011، حيث عمل على استثمار انقضاء الود بين تنظيم الإخوان الإرهابي والرئيس الراحل علي عبد الله صالح لإسقاط النظام والتمهيد لاجتياح مليشيا الحوثي صنعاء.
وحسب مصادر خاصة لـ”العين الإخبارية”، فقد فتح الشامي نقاشا سريا مع القيادي الإخواني البارز المقيم حاليا بتركيا “حميد الأحمر” والذي كان 2011 الرجل النافذ في ملف فوضى الإخوان وذلك لإشراك الحوثيين في ساحات الاعتصامات وهو ما حصل فعليا لتبدأ أولى خطوات الانقلاب الحوثي من داخل ساحات الاعتصام.
وخلال مؤتمر الحوار الوطني 2013، شغل الشامي إدارة فريق الجيش والأمن لكنه سعى لإكمال مشروع تفكيك القوات اليمنية المسلحة والأمنية باقتراح مصفوفة قرارات للسلطات وكانت نتائجها بعد ذلك كارثية.
بعد الانقلاب الحوثي
منذ الانقلاب الحوثي واجتياح صنعاء أواخر 2014، ظهر الشامي كقائدا عسكريا للحوثيين بصورة غير معلنة ليعيش طيلة 6 أعوام متخفيا خوفا من استهدافه.
وعين الشامي 2016 نائبا للقائد العام لقوات الحوثيين لأن الرئيس السابق “صالح” وقيادات الجيش الموالية له كانت لا تزال حينها تشكل عائقا أمام انفراد المليشيات بالسلطة والنفوذ الكامل في مناطق شمال اليمن.
وشن الشامي حربا شعواء ضد من تبقى من القيادات المقربة من “صالح” وكان هدفه الرئيسي هو القضاء على الرئيس السابق والذي شكل وجوده في صنعاء عظمة في حلق مليشيا الحوثي لإبتلاع كل مؤسسات الدولة.
لكن ورغم اغتيال المليشيات الحوثية لـ”صالح” وسيطرتها على المؤسسات وإخضاع القبائل ومن تبقى من قيادات الجيش والدولة في صنعاء إلا أن “الشامي” وجد نفسه في صراع جديد مع جناح أكثر تطرفا قادم من صعدة تخرجت غالبية قيادته على يد الحرس الثوري الإيراني وحزب الله الإرهابي.
كما شكل الشامي ما يشبه بـ”التيار” داخل المليشيات عرف بـ”جناح صنعاء” لتحقيق توازن ضد “جناح صعدة” المنفرد بالسلطة والقرار.
لكنه كان قد تأخر كثيرا إثر بات القرار الأعلى لإيران وأدواتها ليقضي مقتل نجله “زكريا” الذراع القوية على أحلام مخططاته، حيث توفيت بعد ذلك زوجته متأثرة بكورنا ويموت هو بذات الفيروس بعدها أيام معدودة.
- المقالات
- حوارات