في فبراير من عام 2014م، كان رئيس الهيئة العليا لحزب الإصلاح محمد اليدومي يشتاط غضباً من الاتهامات بغياب دور حزبه في وقف زحف جحافل الحوثي نحو العاصمة صنعاء.
خرج زعيم إخوان اليمن، حينها، بمنشور انفعالي على صفحته الرسمية في الفيسبوك، من تحميل الناس لحزبه بما لا يحتمله، وأن يقوم مقام الدولة، مذكراً إياهم بأن حزبه هو تنظيم سياسي.
رفض اليدومي، في منشوره، دعوات تطالب بدور لحزبه في وقف تمدد الحوثي باعتبارها رغبة "في جرِّه إلى التعاطي مع أساليب لم يتعود الانجرار إليها أو التعامل معها"، خاتماً منشوره بمخاطبة اليمنيين بشكل ساخر بأن عليهم "أن يتذكروا دائماً أنه ليس دواء (أبو فاس)".
ما أعاد التذكير بحديث اليدومي هذا، هو ما نشره بالأمس على صفحته الرسمية حول الأحداث المتسارعة التي تشهدها أفغانستان بتساقط الولايات والمحافظات بيد عناصر طالبان واقترابهم من العاصمة كابول بعد الإعلان الأمريكي عن سحب قواتها من البلد، ومقارنتها بزحف مليشيات الحوثي نحو العاصمة صنعاء عام 2014م.
حاول اليدومي، من خلال مقارنته هذه، النيل من السعودية ودول التحالف وخصومه السياسيين في الداخل، وتكرار الأسطوانة القديمة بأنهم من صنعوا الحوثي وأوصلوه إلى صنعاء للقضاء على الإصلاح، وأن "السحر انقلب على الساحر" لاحقاً، بحسب الرواية الإخوانية.
يلمح اليدومي في حديثه بأن جماعته وحدها من حاولت التصدي لزحف الحوثي "إلا أن هذه المحاولات ارتطمت بخيانة لم تكن تخطر على بال أي وطني شريف"، كما يقول، متناسياً سخريته السابقة بأن حزبه ليس "أبو فاس" ليقوم مقام الدولة في التصدي لزحف الحوثي.
الخيانة التي يتحدث عنها زعيم الإخوان هي إعلان وزير الدفاع حينها محمد ناصر أحمد حياد قوات الجيش في التصدي لمليشيات الحوثي، متناسياً النصف الآخر من المشهد وهو الإعلان الصادر عن وزارة الداخلية يوم سقوط العاصمة صنعاء بيد الحوثي في 21 سبتمبر 2014م.
وزارة الداخلية التي كان على رأسها اللواء عبده الترب وهو من عناصر الإخوان، لم تعلن يومها الحياد كما وزارة الدفاع، بل أعلنت في بيان لها تعاونها الكامل مع مليشيات الحوثي التي أسمتهم اللجان الشعبية، وأكدت بأنهم أصدقاء الشرطة.
يلمز اليدومي في منشوره إلى تواطؤ خصوم الإخوان السياسيين في تسهيل دخول الحوثي إلى صنعاء، على الرغم من أن التواجد الحقيقي لهم في صنعاء كان في اعتصامات 2011م بتسهيل من الإخوان، وحينها اعتبر القيادي الإخواني البارز حميد الأحمر بأن صعدة عادت إلى حضن الدولة بعد أن سيطرت عليها جماعة الحوثي.
بعد عام بالضبط من حديث اليدومي الساخر عن أن حزبه ليس "أبو فاس"، خرج الرجل مدافعاً بشدة عن استمرار الحوار مع جماعة الحوثي في فندق موفمبيك رغم وضع الجماعة للرئيس هادي والحكومة تحت الإقامة الجبرية، مبرراً بأن ذلك "حتى لا نقع في فخ الاقتتال الأهلي الذي لن يشاركنا في معاركه أحد من الأشقاء أو الأصدقاء"، بحسب منشوره على حائطه في فبراير 2015م.
كان دفاع اليدومي عن الحوار حينها، مع التسريبات عن خطورة هذه المفاوضات والصفقة التي يعد لها الإصلاح مع جماعة الحوثي برعاية المبعوث الأممي السابق جمال بن عمر، وكانت تهدف إلى الإطاحة بالرئيس هادي عبر التوافق على مجلس رئاسي يتقاسم فيه الطرفان السلطة بدلاً من المواجهة، إلا أن ذلك تبخر بعد فرار هادي من صنعاء وانتقاله إلى عدن.
اليوم يرى اليدومي بأن فشل أمريكا في هزيمة طالبان يشبه فشل التحالف في القضاء على جماعة الحوثي، ويقول: ها نحن في السنة السابعة للوجود الإيراني الصريح في اليمن..! فهل تكفي هذه السنوات السبع العجاف، أم أن هناك سنوات أخرى قابعة لنا في الطريق تنتظر دورها في أكل ما تبقى من الأخضر واليابس..؟؟!!
خلاصة منشور اليدومي تحمل رسالة ابتزاز للتحالف أو السعودية تحديداً بأن محاولتها التخلي عن الإخوان في اليمن أو الضغط عليهم، يعني تسليم اليمن بأكملها للحوثي، وأن المتهم في الأخير هو التحالف (السعودية)، وأن الطريق لهزيمة الحوثي لا يمكن أن يمر إلا عبر الإخوان، وإن مر بطريق الآخر غير الإخوان فالتحالف سيبقى متهماً عبر الأسطوانة الإخوانية بأنه من صنع الحوثي.
- المقالات
- حوارات