وضعت الحكومة اليمنية المجتمع الدولي امام الواقع المنتظر من التصعيد الحوث ي المخاطر المتوقعة على المنطقة برمتها مؤكدة أن اختيار ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران التصعيد على نحو غير مسبوق برفض تجديد الهدنة يؤكد عرقلتها الواضحة لجهود السلام ومواصلتها لعملياتها الإرهابية داخل اليمن وخارجه وغياب رغبة المليشيات في تحقيق السلام واستخفافها بمعاناة اليمنيين وإنهاء الأزمة الإنسانية الكارثية.. مشيرة إلى أن هذا الرفض يعرض الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة للخطر علاوة على نسف جهود السلام برمتها.
جاء ذلك في بيان الجمهورية اليمنية في الجلسة المفتوحة لمجلس الأمن الدولي، التي عقدت اليوم حول الحالة في الشرق الأوسط (اليمن) والذي ألقاه مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبدالله السعدي.
السعدي جدد التأكيد على التزام مجلس القيادة الرئاسي بنهج السلام الشامل المبني على مرجعيات الحل السياس المتفق عليها والمتمثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات هذا المجلس وعلى رأسها القرار2216.. لافتاً إلى أن مجلس القيادة أكد التزامه بكافة بنود الهدنة، وما يزال ملتزما بها حتى اليوم برغم رفض المليشيات الحوثية تجديدها وعدم الوفاء بالتزاماتها بفتح الطرق الرئيسية في مدينة تعز المحاصرة منذ ثمان سنوات.
وقال "كانت آمال اليمنيين تتطلع إلى خطوة أخرى في مسار السلام لتعود بمزيد من الفوائد للشعب اليمني، من خلال تجديد الهدنة الإنسانية لمدة ستة أشهر إضافية، متضمنة وجهات سفر جديدة، ودفع مرتبات الموظفين وفقاً لكشوفات العام 2014 في المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات الحوثية".
وأضاف "ورغم الاستجابة الكاملة لبنود الهدنة، ودعمها من قبل مجلس القيادة الرئاسي والانتقال من حالة الحرب إلى حالة السلم وحرًصا على تحقيق تطلعات الشعب اليمني، إلا ان تلك الميلشيات تسعى لإفشال كل ما تم تحقيقه من فوائد للشعب اليمني خلال الستة أشهر الماضية، وتهربت من استحقاقات السلام واستهداف المقومات الاقتصادية والبنى التحتية في جريمة حرب متعمدة، بما في ذلك استهداف موانئ الضبة والنشيمة وقنا بمحافظتي حضرموت وشبوة خلال الاسابيع الماضية وتكرار ذلك الإثنين الموافق 21 نوفمبر 2022 في هجوم إرهابي جديد بالطائرات الإيرانية المسيرة مستهدفة ميناء الضبة النفطي بحضرموت أثناء رسو إحدى السفن النفطية التجاًرية في الميناء".
وأشار السعدي إلى أن تلك الأعمال الإرهابية قادت إلى وقف صادرات الموانئ الحيوية، سعيا منها لإغراق البلاد في أزمة اقتصادية وإنسانية شاملة، وإعاقة عملية الإصلاحات الخدمية والاقتصادية التي بدأها مجلس القيادة الرئاسي والحكومة خلال الأشهر الماضية.. لافتا إلى تطوير الميليشيات أساليب لتهديد الملاحة البحرية بزراعة الألغام العشوائية في الممرات الملاحية الدولية، ومهاجمة الناقلات التجارية بالطائرات المسيرة والقوارب المفخخة، والصواريخ الموجهة، وصولا الى أعمال القرصنة واختطاف السفن، ورعاية الأسواق السوداء للمشتقات النفطية رغم السماح بتدفق مئات آلاف الأطنان من الوقود. بالإضافة إلى فرض القيود على الحقوق والحريات ومنع النساء من السفر عبر الرحلات الجوية واستحداث نقاط أمنية لمنعهن من التنقل بين المحافظات.
ولفت إلى أن الميليشيات فرضت مؤخرا ما يعرف بمسودة السلوك الوظيفي التي تسعى لإلزام كل الكادر الوظيفي المدني بتبني الفكر الايدلوجي المتطرف للمليشيات الحوثية مالم فسيكون الموظف معرض للفصل.
وأكد السفير السعدي أن الأمر يستدعي تحمل المجتمع الدولي ومجلس الأمن مسؤولياته واتخاذ إجراءات صارمة إزاء هذا التصعيد الخطير ووقف هذه التهديدات والأعمال الإرهابية بهدف إطالة أمد الصراع في اليمن وتهديد الأمن والسلم الإقليمي والدولي، وندعو المجتمع الدولي إلى إيجاد مقاربة واقعية في التعامل مع ميليشيات الحوثي بالانتقال من الادانة لهذه الأعمال الإرهابية إلى العمل الجماعي لمواجهة هذه التهديدات الإرهابية بتصنيف المليشيات الحوثية كمنظمة إرهابية بعد ما أظهرت طبيعتها العدوانية والإرهابية التي تهدد السلام في اليمن والاقليم والعالم.
وحذر من أن تؤدي هذه الهجمات الإرهابية على المنشئات الاقتصادية والبنية التحتية إلى عرقلة جهود الحكومة وتدمير مقومات الاقتصاد الوطني ومقدرات الشعب اليمني وتفاقم من الأزمة الإنسانية الكارثية وتقود إلى عجز الحكومة عن دفع مرتبات الموظفين والوفاء بالتزاماتها في توفير الخدمات الأساسية لمواطنيها، فضًلا عن نسف مساعي وجهود السلام.. مثمناً في هذا الصدد دور المبعوث الخاص وفريقه من أجل إحلال السلام والاستقرار في اليمن .
ولفت إلى أن ميليشيات الحوثي تسببت في مقتل ووفاة نحو نصف مليون يمني، بينهم نساء وأطفال، وشردت حوالي خمسة ملايين آخرين في نزوح داخلي وخارجي، وزرعت ملايين الألغام، والعبوات والمتفجرات المحرمة دوليا، ودفعت بآلاف الأطفال والشباب جنودا إلى محارق الموت، وشرعت في تجريف الهوية الوطنية اليمنية، وسحقت الحقوق والمكاسب المجتمعية، وقضت على مناخ التعايش والتعدد الذي ساد اليمن على مر التاريخ. بالإضافة إلى أن أكثر من 80%، من أبناء شعبنا ينتظرون اليوم المساعدات من الوكالات الإغاثية، في ظل تعنت المليشيات الحوثية ورفضها كل الجهود والمساعي لإحلال السلام ووقف الحرب وانهاء المعاناة الإنسانية.
واضاف أن الحكومة اليمنية اقرت بناء على توجيهات مجلس القيادة الرئاسي إعداد استراتيجية وفق آليات مدروسة تشمل المسارين القانوني والاقتصادي وتضمن عدم تأثير قرار تصنيف الميليشيات الحوثية جماعة إرهابية على النشاط التجاري والقطاع الخاص، وسلاسة تدفق السلع الغذائية، كما تعمل على تنفيذ جملة من الإصلاحات في مجال البناء المؤسسي والخدماتي ومحاربة الفساد وحماية الحقوق والحريات، بما في ذلك تفعيل دور الأجهزة القضائية والرقابية، بالإضافة إلى تقييم مستوى تنفيذ خطة الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية، وتفعيل أداء مؤسسات الدولة والعمل على تسريع تنفيذ هذه الإصلاحات بما ينعكس إيجاًبا على الاقتصاد الوطني والجهود الحكومية خلال هذه المرحلة، وترتيب الأولويات بما يتناسب مع الاحتياجات الملحة والتخفيف من معاناة المواطنين.
وجدد التأكيد على دعم الحكومة اليمنية الكامل لخطة الأمم المتحدة لمعالجة وضع خزان النفط صافر لتفادي الكارثة البيئية والإنسانية والاقتصادية ودعوتها إلى سرعة الانتقال إلى تنفيذ هذه الخطة، وترحيبها إعلان الأمم المتحدة بدأ العمل الميداني لتفريغ الخزان في الربع الأول من العام 2023.. مشدداً على ضرورة مواصلة الضغط على الميليشيات الحوثية لتجنب استمرارها في التلاعب بهذا الملف واستخدامه كورقة ابتزاز سياسية.
- المقالات
- حوارات