الرئيسية - محافظات وأقاليم - إعادة تشكيل القوة الأمريكية.. هل يُنذر بزلزال في الشرق الأوسط؟
إعادة تشكيل القوة الأمريكية.. هل يُنذر بزلزال في الشرق الأوسط؟
سياسة ترامب  والشرق الاوسط
الساعة 12:05 صباحاً (الميثاق نيوز -تقرير خاص- مركز الشرق الأوسط)

في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتحولات غير مسبوقة في السياسة الأمريكية، يبدو أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تقود الشرق الأوسط نحو مفترق طرق خطير.

بين الضربات العسكرية المفاجئة وإغلاق مؤسسات دبلوماسية حيوية، تساؤلات كبيرة تطرح نفسها حول مستقبل الاستقرار في المنطقة. فهل تعزز هذه الخطوات الأمن القومي الأمريكي أم أنها تفتح الباب أمام "خلل استراتيجي" قد يعيد المنطقة إلى دوامة جديدة من العنف والفوضى؟ يتساءل الباحث في معهد الشرق الأوسط  براين كاتوليس في تحليله الأسبوعي للسياسة الخارجية الأمريكية.

تصعيد عسكري وضربات استباقية
شهد الأسبوع الماضي سلسلة من التحركات العسكرية التي أثارت جدلاً واسعاً. فقد شنت الولايات المتحدة غارات جوية ضد الحوثيين في اليمن، متذرعة بتزايد تهديداتهم للملاحة الدولية في البحر الأحمر.

وزارة الدفاع الأمريكية أكدت أن هذه العمليات "غير محدودة زمنياً"، ولن تتوقف إلا إذا أعلن الحوثيون وقف هجماتهم على السفن والطائرات الأمريكية.

وفي الوقت نفسه، جاءت الغارات الإسرائيلية الجديدة على غزة لتنهي اتفاق وقف إطلاق النار الذي كان يُنظر إليه باعتباره بصيص أمل في سماء مشتعلة.

وبينما واصلت واشنطن دعمها اللامحدود لإسرائيل، تبخرت آمال تحقيق تهدئة طويلة الأمد مع استئناف القتال الدامي.

حتى الرسائل الدبلوماسية لم تكن أكثر تفاؤلاً. فرغم المحاولات الأمريكية للتواصل مع إيران بشأن البرنامج النووي، يبدو أن طهران لا تزال بعيدة عن الانخراط في أي حوار بناء.

وفي المقابل، صعّدت واشنطن لهجتها، حيث أشار مستشار الأمن القومي مايكل والتز إلى أن "جميع الخيارات مطروحة على الطاولة"، مما يزيد من التكهنات حول احتمالية عمل عسكري أمريكي ضد إيران.

تفكيك أدوات القوة الناعمة
لكن الأزمة لا تقتصر على التصعيد العسكري فقط. فبينما تتجه إدارة ترامب نحو تعزيز القوة الصلبة، تبدو القوة الناعمة – التي كانت ذات يوم ركيزة أساسية للسياسة الخارجية الأمريكية – في طريقها إلى الزوال.

على مدى عقود، لعبت المؤسسات مثل "الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية" (USAID) و"معهد الولايات المتحدة للسلام" دورًا محوريًا في تعزيز التنمية والاستقرار العالمي. لكن اليوم، ومع قرارات إلغاء العقود وتسريح الموظفين، تواجه هذه المؤسسات خطر الزوال.

حتى "صوت أمريكا"، المنصة الإعلامية التي تسعى لنشر الديمقراطية ومواجهة دعاية الخصوم، لم تسلم من هذا التوجه.

علاوة على ذلك، تلوح في الأفق خطط لإغلاق بعثات دبلوماسية رئيسية وتسريح آلاف الموظفين المدنيين في البنتاغون. هذا التخفيض الكبير يعني أن الولايات المتحدة ستكون أقل قدرة على التأثير في الأحداث العالمية عبر الوسائل الدبلوماسية، مما يجعلها تعتمد بشكل متزايد على القوة العسكرية كوسيلة أولى وأخيرة.

رسائل متضاربة وتناقضات استراتيجية
واحدة من أبرز نقاط الضعف في نهج إدارة ترامب هي التناقضات التي تظهر في سياساتها. فمن جهة، تعلن الإدارة عن جهود لتحقيق السلام في أوكرانيا والشرق الأوسط، ومن جهة أخرى، ترسل رسائل تصعيدية واضحة من خلال الضربات الجوية وتهديداتها المباشرة. محادثات ترامب مع بوتين حول إنهاء الحرب الأوكرانية لم تحقق أي تقدم يُذكر، بل أعقبتها هجمات روسية جديدة على أوكرانيا.

في الشرق الأوسط، يبدو المشهد أكثر تعقيدًا. فبينما تتحدث واشنطن عن دعم الاستقرار، تأتي خطواتها العملية لتقويض هذا الاستقرار. فهل يمكن تحقيق السلام بأسلحة الدمار بدلاً من الحوار والتفاهم؟

مستقبل المنطقة على المحك
مع استمرار تآكل أدوات القوة الناعمة وتزايد الاعتماد على القوة العسكرية، تبدو المنطقة وكأنها تقف على صفيح ساخن. الصين وروسيا وإيران تستغل هذه الفجوة لتوسيع نفوذها، بينما تفقد الولايات المتحدة قدرتها على لعب دور الوسيط الموثوق به.

ختامًا، يبقى السؤال الأكثر إلحاحًا: هل سيؤدي هذا النهج المتقلب وغير المتوازن إلى استقرار طويل الأمد أم أنه سيغرق المنطقة في المزيد من الفوضى؟ الإجابة ربما ليست بعيدة، لكن الثمن قد يكون باهظًا للغاية.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
تواصل معنا