
شنت الولايات المتحدة حملة جوية واسعة ضد جماعة الحوثي في اليمن، مستهدفة مواقع عسكرية وصفتها بـ"الحيوية"، وذلك في إطار عمليات تهدف إلى حماية الملاحة الدولية والرد على التهديدات المتزايدة التي تشكلها الجماعة المدعومة من إيران.
هذه التطورات تأتي وسط تصاعد المواجهات في البحر الأحمر، حيث واصلت الجماعة تنفيذ هجمات على السفن التجارية والعسكرية، مما زاد من تعقيد المشهد الأمني الإقليمي.
تصعيد المواجهة في البحر الأحمر
أعلنت القيادة المركزية الأمريكية أن الضربات الأخيرة تأتي ضمن "سلسلة من العمليات الدقيقة" التي تهدف إلى تقويض قدرات الحوثيين وإعادة حرية الملاحة في الممرات البحرية الاستراتيجية.
في المقابل، رد الحوثيون بتكثيف هجماتهم، مستهدفين سفنًا عسكرية وتجارية، إضافة إلى إطلاق صواريخ باتجاه الأراضي المصرية وإسرائيل.
ويضع هذا التصعيد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمام اختبار جديد، خاصة بعد تأكيده أن بلاده "لن تتهاون" مع التهديدات التي تطال المصالح الأمريكية وحلفاءها. ترامب شدد على أن الحملة العسكرية "ألحقت ضرراً بالغًا" بالحوثيين، متوعدًا بتصعيد أكبر حتى "القضاء التام" على الجماعة.
التحديات التي تواجه الضربات الجوية الأمريكية
رغم القدرات الجوية المتطورة التي تمتلكها واشنطن، يواجه الجيش الأمريكي تحديات كبيرة في القضاء على الحوثيين عبر الضربات الجوية وحدها.
فخلال السنوات الماضية، أظهرت الجماعة قدرة على التكيف مع الضغوط العسكرية، حيث طورت ترسانة متقدمة تشمل طائرات مسيرة وصواريخ باليستية طويلة المدى، بدعم تقني وعسكري من إيران.
كما أن تجربة التحالف العربي بقيادة السعودية، الذي اعتمد على الضربات الجوية بشكل مكثف منذ عام 2015، أثبتت صعوبة تحقيق نصر حاسم ضد جماعة تستخدم تكتيكات حرب العصابات وتستفيد من التضاريس الوعرة والمخابئ تحت الأرض.
الحسابات الإقليمية والدولية
التصعيد الأمريكي في اليمن يأتي في وقت يشهد توترًا متزايدًا بين واشنطن وطهران، حيث تحاول الأخيرة النأي بنفسها علنًا عن الهجمات الحوثية، رغم التقارير الاستخباراتية التي تؤكد دعمها العسكري للجماعة.
كما تراقب موسكو وبكين تطورات المواجهة عن كثب، خاصة أن نجاح أو فشل الحملة الأمريكية قد يؤثر على مسار المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، بالإضافة إلى تداعياته على التوازنات الإقليمية، لا سيما في العراق وسوريا ولبنان.
اختبار جديد للقوة الأمريكية في المنطقة
مع استمرار الضربات الجوية، يبقى السؤال الرئيسي هل يمكن للولايات المتحدة أن تحسم المواجهة مع الحوثيين عبر القوة الجوية وحدها؟ التجارب السابقة تشير إلى أن تحقيق انتصار استراتيجي في مثل هذه النزاعات المعقدة يتطلب أكثر من مجرد قصف جوي، خاصة عندما يكون الطرف المستهدف قادرًا على الصمود والتكيف مع الضغوط العسكرية.
في ظل هذه التطورات، يبقى البحر الأحمر ساحة مفتوحة لاختبار قدرة واشنطن على فرض معادلات جديدة في الصراع، في وقت تترقب فيه العواصم الإقليمية والدولية ما ستؤول إليه هذه المواجهة، وما إذا كانت ستؤدي إلى إعادة تشكيل موازين القوى في المنطقة.

- المقالات
- حوارات