
في خطوة مفاجئة تعكس تحوّلًا في اللهجة الدبلوماسية بين طهران وواشنطن، أجرت إيران والولايات المتحدة جولة محادثات غير مباشرة في العاصمة العُمانية مسقط، وُصفت من الطرفين بـ"الإيجابية" و"البنّاءة"، وسط أجواء إقليمية شديدة التوتر وتقدم متسارع في البرنامج النووي الإيراني.
الجانبان اتفقا على استئناف المحادثات الأسبوع المقبل، ما يعكس رغبة في كسر الجمود الذي يطبع العلاقة منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018.
محادثات عبر وسيط واحد... والهدف: أساس للتفاوض
المحادثات جرت عبر وساطة عُمانية، حيث كان كل وفد في غرفة منفصلة وتولّى وزير الخارجية العُماني نقل الرسائل. هذه الصيغة جاءت استجابة لطلب إيراني، فيما اقتصر اللقاء المباشر الوحيد على مصافحة سريعة بين وزير الخارجية الإيراني عباس أراغتشي والمبعوث الأمريكي ستيفن ويتكوف بحضور الوسيط العُماني.
أراغتشي قال في تصريح للتلفزيون الرسمي الإيراني:
"نحن نقترب من صيغة تفاهم مبدئية. إذا ثبتت في الجولة المقبلة، ننتقل مباشرة إلى مفاوضات فعلية. لسنا هنا لمحادثات شكلية".
البيت الأبيض من جهته وصف الحوار بأنه "بناء للغاية"، معتبرًا أن "التواصل المباشر بين المبعوثين يمثل خطوة إيجابية، رغم تعقيد القضايا المطروحة".
تصعيد في النووي وتهديد عسكري من ترامب
عودة المحادثات تأتي بعد إعلان مفاجئ من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل أيام، أكد فيه بدء اتصالات مع إيران عبر قنوات عُمانية. اللافت أن هذه الجولة تُعد الأولى من نوعها مع إدارة ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض.
لكن المناخ ليس خاليًا من الضغوط. ترامب هدّد صراحة باستخدام القوة العسكرية في حال فشل المفاوضات، بينما رفعت إيران نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 60%، ما يثير مخاوف الغرب من اقتراب طهران من إنتاج أسلحة نووية.
ملفات الخلاف: العقوبات والصواريخ والنفوذ الإقليمي
مصدر عُماني مطّلع على المحادثات أشار إلى أن المباحثات ركزت على ثلاث نقاط:
– خفض التصعيد في الإقليم
– تبادل السجناء
– تخفيف محدود للعقوبات مقابل التزامات نووية
لكن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية نفى التطرق إلى هذه التفاصيل، ما يعكس حساسية الموقف داخل طهران.
في المقابل، تصر إيران على أن برنامجها الصاروخي غير قابل للتفاوض، في وقت ترى فيه واشنطن وحلفاؤها أن الأنشطة النووية تجاوزت بكثير الحدود السلمية.
تفويض من أعلى مستوى... ومخاوف من انزلاق شامل
مصدر إيراني كشف أن المرشد الأعلى علي خامنئي منح أراغتشي "تفويضًا كاملًا" لإدارة الملف النووي، في إشارة إلى مدى الجدية التي تنظر بها طهران إلى هذه المحادثات.
لكن القلق يظل قائمًا. أي فشل في الحوار قد يؤدي إلى تصعيد واسع، خصوصًا في ظل الحروب المستعرة في غزة ولبنان، والهجمات المستمرة في البحر الأحمر، والتوتر القائم مع إسرائيل.
تحذيرات طهران كانت واضحة: "أي دولة تشارك في هجوم أمريكي ضد إيران ستدفع الثمن".
نافذة دبلوماسية ضيقة ومفتوحة على المجهول
رغم الأجواء الإيجابية، تبقى المحادثات محاطة بشكوك متبادلة، ومفتوحة على سيناريوهات متعددة، من الانفراج الجزئي إلى التصعيد العسكري الشامل.
السؤال الذي يبقى معلقًا؛ هل تنجح عُمان مجددًا في فك عقدة الاتفاق النووي، أم أن الحسابات الداخلية والدولية ستغلق نافذة الحوار قبل أن تُفتح بالكامل؟

- المقالات
- حوارات