
جددت الجمهورية اليمنية أمام مجلس الأمن الدولي تأكيدها أن تحقيق السلام والاستقرار في اليمن والمنطقة لا يمكن أن يتم إلا بإنهاء ما وصفته بـ"الانقلاب الحوثي" واستعادة مؤسسات الدولة، مشددة على أن السلام الحقيقي لا يُبنى على إدارة الأزمة، بل على معالجة جذورها ومحاسبة الجهة التي تعرقل جهود التسوية.
جاء ذلك في بيان ألقاه مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عبد الله السعدي، خلال جلسة مجلس الأمن المفتوحة حول الوضع في اليمن، حيث حملت الحكومة اليمنية جماعة الحوثي مسؤولية استمرار الحرب، ووصفت ممارساتها بأنها "إرهابية وممنهجة"، داعية المجتمع الدولي إلى اتخاذ مواقف أكثر حزماً لوقف ما قالت إنه "استهتار بالقانون الدولي والمواثيق الإنسانية".
وأشار البيان إلى أن أحد عشر عاماً مرت منذ انقلاب الحوثيين على الدولة والإجماع الوطني، وما زالت الجماعة المدعومة من النظام الإيراني؛ ترفض السلام، وتقوّض كل المبادرات، وتستخدم المدنيين وقوداً لمغامراتها العسكرية، وتزرع ملايين الألغام، وتجند الأطفال، وتفرض حصاراً اقتصادياً خانقاً، وتنهب الموارد العامة، وتستهدف خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مما يهدد الأمن الإقليمي والدولي على حد سواء.
وأضاف البيان أن الحوثيين لا يتعاملون مع السلام كخيار استراتيجي، بل كوسيلة للمراوغة، وأنهم يتعاملون مع أنفسهم كأنهم "فوق البشر"، في محاولة لإخضاع الشعب اليمني لمشروعهم الانقلابي المتطرف، الذي يخدم- بحسب البيان - أجندة إقليمية خارجية.
وفي إدانة قوية، أكد البيان أن الحوثيين اقتحموا مقار منظمات دولية، بينها اليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومصادرة ممتلكاتها، كما اختطفوا واحداً وعشرين موظفاً دولياً، انضمّوا إلى آخرين لا يزالون محتجزين منذ سنوات، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، وتهديد مباشر لحياة العاملين في المجال الإنساني وأسرهم.
وحذّرت الحكومة اليمنية من أن استمرار وجود مكاتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بات يشكل خطراً حقيقياً على أمن موظفيها، ودعت إلى نقل هذه المكاتب إلى العاصمة المؤقتة عدن، لضمان بيئة عمل آمنة ومستقرة، ولضمان وصول المساعدات إلى جميع الفئات المحتاجة دون تمييز أو قيود.
وشدد البيان على أن البيانات والإدانات لم تعد كافية، وأن الوقت قد حان لتحرك دولي عاجل وملموس، يشمل وقف تهريب الأسلحة إلى الحوثيين، وتجفيف مصادر تمويلهم، وفرض عقوبات رادعة على قادتهم، وتأمين إطلاق سراح جميع المختطفين من موظفي المنظمات الدولية.
وفي الشأن الداخلي، أكد البيان أن الحكومة اليمنية تواصل تنفيذ إصلاحات اقتصادية وإدارية شاملة، بهدف استقرار العملة الوطنية، ورفع كفاءة مؤسسات الدولة، وتحسين الخدمات الأساسية، مشيراً إلى أن الدعم العاجل من الشركاء الدوليين- وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة - يظل عاملاً حاسماً في التخفيف من المعاناة الإنسانية، وتمكين الحكومة من الوفاء بواجباتها تجاه الشعب اليمني.
وختم البيان بالتأكيد على أن اليمن لا يزال منفتحاً على كل المبادرات الجادة لوقف الحرب، لكنه شدد على أن السلام المستدام لا يمكن أن يتحقق دون إنهاء الانقلاب، واستعادة الدولة، واحترام المرجعيات الثلاث المعترف بها دولياً - وفي مقدمتها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 - الذي لا يزال، بحسب البيان، "خارطة الطريق الوحيدة المتفق عليها لحل الأزمة اليمنية".

- المقالات
- حوارات