حذر كاتبان سعوديان بارزان في مقالين نُشرا بجريدة "الرياض"، من مخاطر التفكك اليمني، مؤكدين تمسك المملكة بثوابت دعم وحدة اليمن وسيادته، ورفض أي مشاريع انفصالية باعتبارها تهديدًا استراتيجيًا للأمن الإقليمي.
وجاءت التصريحات متزامنة مع تصاعد الخطاب الانفصالي للمجلس الانتقالي في جنوب اليمن، في ظل تنسيق سعودي-يمني لمواجهة محاولات تفكيك الدولة.
في المقال الأول، ركز الدكتور فايز الشهري على دور النخب اليمنية في إطالة أمد الأزمة عبر تحويل الدولة إلى "ساحة مكاسب" بدلًا من كونها إطارًا وطنيًا جامعًا.
وأشار إلى أن السعودية، كـ"جار أكبر"، التزمت بدعم الشرعية اليمنية ووحدة التراب الوطني، لكن جهودها واجهت عراقيل بسبب "الحسابات الضيقة" للنخب المحلية وتدخل الأطراف الخارجية.
ورأى أن الحل الحقيقي يبدأ بإعادة بناء الثقة عبر مشروع وطني يتجاوز منطق المحاصصة إلى مفهوم المواطنة، مع التأكيد على ضرورة أن تتحمل النخب اليمنية مسؤولية إنهاء المأساة الإنسانية.
أما المقال الثاني للدكتور علي الخشيبان، فاعتبر فيه أن فكرة انفصال الجنوب اليمني "خيار مستحيل جيوسياسيًا"، محذرًا من تداعياته الكارثية على الاستقرار الإقليمي. وأوضح أن المملكة، كـ"عامل استراتيجي محوري"، لن تسمح بفرض واقع جديد يهدد الفضاء الأمني للجزيرة العربية، خاصة مع وجود مليشيات الحوثي المدعومة إيرانيًا ومخاطر تمدد نفوذ قوى معادية عبر الانقسام.
وشدّد على أن القضية الجنوبية يجب حلها ضمن إطار الشرعية اليمنية، وفق مخرجات الحوار الوطني والتسوية السياسية الشاملة، وليس عبر التفكيك.
الموقف السعودي المُستقر:
من خلال قراءة المقالين، يتضح أن السياسة السعودية تجاه اليمن تقوم على ثلاثة محاور ثابتة اولها الوحدة الجغرافية والسياسية من خلال رفض أي تقسيم لليمن تحت أي ذريعة، باعتباره يُهدد الأمن القومي السعودي ويُعيد ترتيب القوى الإقليمية لصالح أطراف معادية.
وثانيهما الحل اليمني-اليمني عبر دعم الحلول السياسية القائمة على الحوار بين المكونات اليمنية، مع ضمان حقوق الجنوب عبر الآليات الشرعية (كاتفاق الرياض ومخرجات الحوار الوطني)، وليس عبر فرض الأمر الواقع.
ثالث المحور يتمثل في الشراكة الدولية وذلك بالتنسيق مع المجتمع الدولي (خاصة الولايات المتحدة) لمنع أي تحركات انفصالية، في ظل توافق إقليمي ودولي على أولوية وحدة اليمن.
تحذيرات من سيناريوهات خطيرة:
حذّر الكاتبان من أن الانجراف نحو الانفصال قد يُعيد إنتاج سيناريوهات أشبه بالصومال أو السودان، حيث تتحول الأراضي اليمنية إلى ساحة للاحتكاك الإقليمي، ويُفقد دور الحكومة الشرعية، ويتعاظم نفوذ المليشيات.
وأشار الخشيبان إلى أن الرياض تنظر إلى الاستقرار اليمني كجزء لا يتجزأ من أمنها القومي، مما يدفعها إلى تبني موقف حازم ضد أي مشاريع تفكيكية، حتى لو تطلّب الأمر تدابير مالية وسياسية صارمة (كما حدث مؤخرًا بتجميد حقائب الانتقالي الجنوبي).
يستخلص مما سبق أن السعودية، التي قدمت دعمًا سياسيًا وماليًا ولوجستيًا هائلًا للشرعية اليمنية منذ 2015، لا تزال ترى في اليمن الموحد الكيان الوحيد القادر على امتصاص الأزمات وحماية مصالح المنطقة.
ومع تصاعد الضغوط الداخلية والخارجية، يُظهر الخطاب السعودي الرسمي والفكري تمسكًا بعدم التنازل عن الوحدة اليمنية، حتى كلف الأمر مواجهة حلفاء سابقين في التحالف.
والرسالة واضحة؛ لا مجال للتلاعب بثوابت الأمن الإقليمي، واليمن المُوحد هو الضامن الوحيد لمستقبل مستقر لأبنائه وجيرانه.
- المقالات
- حوارات







