د. أحمد عبيد بن دغر
سيئون قبلة الشرعية
١٠ أبريل ٢٠١٩
يذهب الجميع إلى هناك، الرئيس، وأعضاء البرلمان، والحكومة، وقادة العمل السياسي وممثلي السلك الدبلوماسي، وإعلاميين، ومثقفين، وحتى مواطنين أرادوا العيش لحظة الحدث. يذهب الجميع إلى سيئون، مدينة السلام والأمان والتسامح والوئام الأخوي بين أبناء اليمن. ليشهدوا جمعياً حدث العودة، عودة مجلس النواب إلى الحضور في قلب النظام السياسي بعد غياب دام أربع سنوات. فقد خلالها البعض من أعضائه الذين يمثلون دوائر إنتخابية مهمة.
رفضت عدن أستقبال المجلس، وللحقيقة رفضت القلة من أبناء عدن أستقبال المجلس، فلم تكن عدن يوماً ما سوى حاضنه وطنية لكل اليمنيين وقبلتهم، وأمانهم عندما يعز عليهم الأمان، لكنه التطرف، التطرف ذاته الذي حرم عدن من أن تكون عاصمة حقيقية لليمن في ظروف الحرب، فتفيد وتستفيد وكان ذلك ممكناً رغم مآسي الحرب.
لقد حصلت عدن على فرصة تاريخية، لتضيف إلى تاريخها المجيد مجداً جديداً، وإلى مكانتها العظيمة مكانة أعلى، كان يمكن لعدن أن تتغير وتغير معها اليمن، كان يمكن لها أن تصمد في وجه العدوان الحوثي، وقد صمدت، ثم تهاجم وتقود المعركة حتى النصر على أعداء اليمن، لكن ذلك لم يحدث، فهاجر اليمنيون بمالهم، ومعارفهم وقدراتهم إلى عواصم العالم التي أستقبلتهم بترحاب وآوتهم وكانت لهم الملجأ والمسكن.
وترددت المكلا في استقبال الرئيس والمجلس والحكومة وليس من سبب للتردد من استقبال مجلس النواب غير خطأ السياسة، وسياسات الخطأ التي تنفذ في المحافظات المحررة، دون بعد نظر، أوعمق تفكير، بل بأخطار محتملة جسيمة على وحدة اليمن، وأخطار فادحة على الجزيرة. فمن ذا سيساعد على صحوة تنقذ الأمة من الوقوع في المحذور، إن نجحت سياسة التقسيم التي تبدو سياسية اليوم، وتاريخه غداً. وكارثية أبداً.
وكان يمكن لسيئون أن تجد صعوبة في إستقبال المجلس وقادة البلاد لولا نجدة أخوية من المملكة، ونظرة ثاقبة، وسياسة حكيمة يتمتع بها الملك وولي عهده فأمنوا الذهاب إلى هناك، ووفروا طرقاً ومسالك آمنه، وأقول كان القرار السعودي حكيماً لأن اليمن كان يحتاج إلى المجلس، ولأن المعركة مع العدو وحلفائه تحتاج إلى المجلس، ولأن الشرعية كان ينقصها المجلس المعبر عن إرادة الشعب. ولأن سيئون كانت تستحق إستضافة المجلس، لكرم أهلها، وسعة في سكنها، وروح من العطاء تسكن أفئدة شبابها، شُكراً لسيئون، وشُكراً لأهلها.
لقد خرجنا من أزمة المجلس، لحكمة أدركها الرئيس. وسمو في المواقف ارتقت إليها الأحزاب، ودعم أخوي لا تنقصه القدرة والإرادة، لكن الدولة ليست رئاسة وحكومة وبرلمان فقط. هي هرم من البناء المدني والعسكري، قاعدته شعب يقرر في مصيرة، وهيئات عليا ومحلية، ومؤسسات تعبر عنه، وهذه ليست سوى المجالس المحلية، الأقاليم في الدولة الأتحادية القادمة.
علينا أن نعيد الحياة إلى المجالس المحلية التي أهملناها، فيكتمل بنيان الدولة. أليست هذه أفضل من العصابات وأمراء الحرب الذين يعيثون فساداً، أنها الدولة لا تؤخذ إلَّا في كليتها، ولا تترك إلا في كليتها، والحكمة تتطلب التوافق مرة أخرى، المراعي للظروف الراهنة، توافق يعزز وحدة الموقف، ويدعم جهود المقاومة والتحالف بقيادة المملكة لاستعادة الدولة ودحر العدو. وبالنتيجة يرسخ حضور السلطة الشرعية في المناطق المحررة. ويعيد للدستور بعضاً من هيبته.
- المقالات
- حوارات