منذ الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانياً يندر سماع أخبار مشجعة عن اليمن فبعد خمسة أعوام دون إحراز أي تقدم يذكر في مساعي إنهاء العنف الدائر وتخفيف الأزمة الإنسانية ومحاولة عادة توجيه مسار البلاد لتفادي مزالق الفشل التام الذي يتعذر إصلاحه ، يمكن أن نتفهم رغبات البعض في الغرب بما فيهم البعض من الكونجرس في إنهاء الصراع الذي استعصى حله حتى الان ، لكن دروس التاريخ علمتنا أن أولئك الساعين لإحداث الأذى وتعميق الخلافات يحققون ما يريدون عندما يتغافل قادة العالم عن أفعالهم وعندما يعتبرون أن نضالات الآخرين لا تعنيهم .
من المؤكد أن الأحداث في صنعاء والحديدة تبدو بعيدة عن واشنطن و نيويورك أو دي موان في آيوا لكن في مجتمعنا العالمي المتشابك يصعب على أي دولة عزل نفسها عما يدور في الدول الأخرى ، عندما لا يُواجَه الإرهاب في مكان ما فإنه يصبح تهديداً لجميع الأماكن ، وعندما يُسمح بانعدام الأمن والاستقرار بأن يعُمّا إحدى الدول فإن الخطر يتعاظم على الدول جميعاً.
لذا فإن ما يحدث في اليمن لا يمكث في اليمن فقط ، ولذلك عندما يسعى الحوثيون المدعومون من ايران إلى الاستيلاء على السلطة من الحكومة الشرعية للرئيس عبدربه هادي منصور لا يكون التهديد محدوداً .
وراية الحوثيين تقول لنا كل ما نود معرفته عنهم حيث كُتب عليها : الموت لأمريكا - الموت لإسرائيل - اللعنة على اليهود .
انهم يدرّسون خطابهم الدنيء بشكل ممنهج لشريحة واسعة من الأطفال في اليمن من خلال مناهج صممت و فرضت في المدارس بالمناطق التي يسيطرون عليها ضمن حملة لغسيل أدمغة جيل كامل من صغار السن من اليمنيين خدمة لأجندة إيران طويلة المدى في بلادي .
إن الحرب ضد الإرهاب الدولي مسؤولية مشتركة وإن شراكتنا جميعاً لمواجهته تحتم علينا ألا نترك للإرهاب شبراً واحداً في أي مكان مهما كان نائياً ، وأي مكان يسعى الأمل جاهداً فيه لاسترداد أنفاسه كما هو الحال في اليمن .
لقد حصل الحوثيون على تقنيات عسكرية إيرانية متطورة بِما فيها الطائرات المسيّرة والقوارب المفخخة بالمتفجرات لاستهداف خطوط الملاحة البحرية وناقلات النفط العابرة ، كما استخدم الحوثيون الصواريخ البالستية المصنعة في إيران لتهديد المدنيين في الرياض بالمملكة العربية السعودية وكذلك في دبي وأبوظبي بالإمارات العربية المتحدة حيث يقطن الكثيرون من مختلف أنحاء العالم بما في ذلك رعايا من الولايات المتحدة يعيشون ويعملون في هذه الأماكن ويسافرون اليها باستمرار.
ورغم أن هنالك قصورا وتحديات أمام الرد الدولي على هذه الهجمات الإرهابية إلا أنه لا ينبغي السماح لأي قصور بأن يقودنا بعيدا عن هدفنا المشترك و هو حماية المدنيين الأبرياءودعم الحكومات في حماية حقوق مواطنيها ومواجهة التطرف والإرهاب أينما وجدها وأينما حاولا أن يجدا لهما ملاذاً
هنالك سبب وراء مساعدة إيران للحوثيين في الانقلاب على الحكومة الشرعية في اليمن ، انه ذات السبب الذي يجعل إيران تدعم حزب الله وهو السبب ذاته الذي جعل الولايات المتحدة تصنف الحرس الثوري الإيراني كتنظيم إرهابي أجنبي
إن إيران دولة إرهابية تسعى لبسط نفوذها عبر توجيه وكلائها من الإرهابيين لاستخدام العنف والاعتداءات وخلق حالة من عدم الاستقرار والضبابية في الدول و بعد أن تسيطر على دولة بعينها تسعى لاستهداف الدول الأخرى
إن عدم التزام الولايات المتحدة وباقي شركائنا الدوليين في السعي للتوصل إلى حل سياسي للأزمة في اليمن يزيد من فرص إيران لتحويل اليمن إلى ملاذ آمن لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب و الدولة الإسلامية في العراق والشام ومنها ستنطلق هجماتهما على المستوى الإقليمي وتتعداه إلى ما هو أبعد من ذلك
لذلك فإن قرار الرئيس ترامب باستخدام الفيتو ضد القرار المشترك لوقف التدخل العسكري للولايات المتحدة في العمليات الجارية في اليمن هو قرار بالغ الاهمية ويعني استمرار الجهود لتحقيق السلام في اليمن ولن يتحقق السلام دون تضافر الجهود وتوفير الدعم القوي من قبل شركائنا الدوليين
وحتى الآن رفض الحوثيون جميع الجهود للتوصل إلى حل سياسي حيث رفضوا الالتزام بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وبجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وأخيرا اتفاق استوكهولم 2018
وإن الرسالة واضحة إلى المجتمع الدولي فهذا التعنت لا يعني إلا أن الطريق الوحيد نحو تحقيق السلام والاستقرار في اليمن لن يتوفر إلا بالانخراط التام من قبل المجتمع الدولي بما في ذلك الولايات المتحدة.