الهجوم الغريب على رجل الدولة الدكتور رشاد العليمي مستشار رئيس الجمهورية بتلك الطريقة التي شاهدناه لا تستهدف شخص الرجل، بقدر ما تستهدف مواقفه المعروفة من سلسلة احداث كبيرة شهدتها البلاد وكان أبشعها وأكبرها واكثرها جرما بحق اليمنيين جريمة الإنقلاب في 21 سبتمبر 2014 وما ترتب عليها من اوضاع ونتائج اوصلتنا الى هذا الحال الكارثي حيث يتهاوى بلدنا يوميا في متاهة لا نهاية لها من الأخطار والتحديات والتمزق.
الدكتور رشاد رجل دولة، اتفقنا معه أو اختلفنا، فقد اختار طريق الدولة في مواجهة عصابة الانقلاب في الوقت الذي اختار آخرين المشاركة في الجريمة وسفك دماء اليمنيين وتقويض ماهو قائم من مؤسسات الدولة ونسف أسس التعايش والسلام بين اليمنيين والمساهمة في صناعة كل المآسي التي شهدتها بلادنا وشعبنا تعصبا لادعاءات كهنوتية وطائفية قبل أن يتخلص منهم الحوثي ويحولهم الى ضحايا وشلل موزعة على العواصم والقارات.
حينما كنا في مجلس النواب وكان الدكتور رشاد العليمي نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للداخلية، كان المسؤول الأقرب الى المجلس، وكنا نطلق عليه صديق المجلس لالتزامه بالحضور و تقديم الاجابات عن أي اسئلة، ولا يغادر الا وقد اقنع باجاباته الاغلبية الساحقة للمجلس
أختار الدكتور رشاد الطريق الصعب منذ 21 سبتمبر 2014 وهو طريق الشرعية، فهو الابن المخلص للدولة، يدور معها حيث دارت مهما كان طريقها صعبا، ورفض الرضوخ او منح تحالف الانقلاب الذي ضرب التعايش بين اليمنيين أي لحظة رضا او قبول بالجريمة التي ارتكبوها بحق اليمنيين وبلادهم ولهذا ناله الكثير من التجريح والاساءات الشخصية وكان من بين قلائل الذين يستهدفهم الانقلاب بالاسم ويشن عليهم الحملات فقط لانه رفض أن يكون جزءا من تلك الجريمة ومازال هدفا حتى اللحظة حيث لفقوا له الكثير من الاتهامات المضحكة ووصموه بالتهمة الجاهزة لكل من يعارض سياسة ولي نعمتهم التي نخرت التحالف العربي من داخله وقادتنا لهذا الوضع بعد خمس سنوات.
يمثل الدكتور رشاد حالة اجماع يمنية نادرة في هذه المرحلة الخطيرة حيث يسود التمزق والانقسامات والتجاذبات ورغم أنه قيادي في المؤتمر الشعبي العام برئاسة الرئيس عبدربه منصور هادي، لكن علاقته وثيقة بمختلف القيادات السياسية اليمنية سواء على المستوى الحزبي أو العلاقات الشخصية، وكان له دور كبير في التوصل الى تشكيل تحالف سياسي يجمع مختلف القوى السياسية والاجتماعية اليمنية المساندة للشرعية الذي نتمنى له أن يكون اطارا جامعا لمكونات الشرعية وأن ينشط أكثر لمواجهة الكثير من التحديات التي تواجه بلادنا .
تعرفت على الدكتور رشاد العليمي للمرة الاولى حينما كان مدير للأمن في تعز حيث كان من أفضل القيادات الأمنية الذين مروا على المحافظة بالإضافة للدكتور عبدالقادر قحطان.
علاقة الدكتور بجميع الناس طيبة وأبوابه مفتوحة لكل اليمنيبن شمالا وجنوبا وشرقا وغربا بلا تمييز، ويهتم لأمر جميع اليمنيين والمحافظات اليمنية واوضاعها ويرتبط بعلاقات شخصية متينة مع قياداتها ورموزها ووجاهاتها حتى الذين لا يعرفون الرجل، لا يترددون في الاتصال به للاستشارة برأيه أو مساعدتهم في انهاء قصايا أو مشاكل ادارية.
وعندما كنت محافظا لتعز في وقت عصيب ومعقد في الأشهر الأولى للحرب حيث كانت كل مؤسسات الدولة منهارة وجميع الأجهزة الأمنية منعدمة والمحافظة محاصرة ومغلقة الابواب من كل اتجاه، حتى بدأنا كل شيئ من الصفر كان الدكتور رشاد رفيق درب وصديق لم يوفر نصيحة أو جهد الا واسداها لي، وسعينا معا لدى الحكومة الشرعية والرئاسة ولدى الاشقاء في المملكة العربية السعودية لمساعدتنا في فك الحصار عن تعز واعادة تنظيم أجهزة الأمن وبناءهاء ودمج المقاومة الشعبية في الجيش، واستعادة قاعدة بيانات جهاز الخدمة المدنية واعادة تسليم مرتبات موظفي الدولة.
كان مع تعز في كل وقت ولم يخذلنا بجهد او مشورة او مسعى، وهو شخص طالما كان متعصبا لفكرة الدولة، ويرفض أي أنشطة او تحركات تريد تأسيس مليشيات او تشكيلات لاستخدامها لحسابات خاصة ومشبوهة، وأكثر حرصا على بناء أجهزة أمنية وعسكرية احترافية ولاؤها لله والوطن والشعب اليمني، ولهذا ظل هدفا لكل تلك الانواع من الحملات التي تعبر عن افلاس اصحابها القيمي والأخلاقي وافتقارهم لنبل الخصومة وشرفها وانحدار تقاليد الاختلاف الى قاع سحيق من السقوط.
مثلنا جميعا يصيب الدكتور رشاد ويخطئ في الطريق الطويل من أجل تخليص بلادنا من شرور مليشيا الانقلاب الحوثي وهيمنة ايران وذيولها التي تقدم لها الخدمات المجانية في المنطقة ويدفع الثمن من خلال هذه الحملات لأنه اختار طريق الدولة والشرعية حين اختار آخرون طريق الانقلاب وشن الحرب على اليمنيين والتحالف مع ايران وتحويل بلادنا الى ساحة حرب اقليمية كبيرة وهم مصرين على البقاء في نفس الطريق وان اختلفت التحالفات فلا زالوا يعملون ضد وجود دولة عادلة لجميع اليمنيين ويقفون ضد الشرعية التي يتعلق بها اليمنيين كآخر قشة تنقذهم من التمزق والتقسيم .
من صفحة الكاتب على فيسبوك
- المقالات
- حوارات