غادرت عدن، ولا ادري متى سأعود!.
ربما كنت اخر المغادرين لهذه المدينة العظيمة.. جاهدنا حتى اللحظة الاخيرة لاجل البقاء على امل ان ينصلح حالها لكن الاحداث اثبتت الا جدوى من اي امال تُعقد هنا و هناك.
عدن بوضعها الحالي مدينة لم تعد صالحة للعيش.
يجوبها الغوغاء واللصوص والقتلة.
وتُلطخ جدرانها بدماء الابرياء.
ويُقتل الناس بدم بارد وبلا سؤال..!
وتوزع اتهامات الخيانة على المارة كقطع خبز ساخنة.
ويُنثر القانون على ارصفة الطرقات دوسا ومهانة.
وينتصب اناسا غرباء على جانبي كل طريق ملوحين بالقتل لكل مخالف.
ذات يوم حينما نصبوا نقاط تفتيش وبحثوا في الاصول والأجِنة تبدى قبح المشروع وجنونه.
وهاهي نيرانه تلتهم الجميع.
هذه الحقيقة.
ودونها الوهم.
عشت في عدن في أقسى الظروف واصعبها لكن حينما امتدت ايادي الغدر لتنال من الصحفيين ادركت أنني التالي.
عدن التي غنى لها احمد قاسم وشدى لها محمد عبده زيدي.
تلك التي قال عنها ابوبكر سالم:" كل شيء مقبول الا فراقك ياعدن.
هذه المدينة لم يعد لها اثر ولا وجود..
هل سيتغيّر حال المدينة؟
قطعا ليس الان.
سيتواصل قتل الناس وستتقاتل المليشيات عند فجر كل يوم.
وستلوك الناس روايات متعددة لحدث واحد ووحيد.
ستُطفى الكثير من المنازل انوارها وسيذوي التعدد ولن ترى من الرؤوس الا فوهات البنادق.
وسترفع الشعارات على كل سور وفوق كل بيت.
الشعارات ولا شيء غيرها.
وسيفتشون في حدقات اعين الناس عن النظرات التي تتُهم بأنها تخون.!
وعدن بلادولة.
وبلا مؤسسات.
وفاقد الشيء لايعطيه.
دققوا في ملامح هذه المدينة الحزينة وستُدركون ان تنوعها غاب وان الكثير الكثير غادر بلا موعد عودة.
احمل حقيبتي الان في منطقة نائية باحثا عن سُبل استقرار في مدينة يمنية اخرى.
وسنعود الى عدن حينما تعود الى ذاتها ونفسها.
حينما تعود عدن الآمنة المستقرة.
عدن التي تكره البندقية.
مدينة النظام والقانون والمؤسسات.
المدينة التي علمت الناس معنى "الدولة".
عدن التي يعرفها كل ابناء اليمن.
عدن التي تحب ولا تكره..
والى ذلك الحين.
من تحت كل سماء ومن فوق كل ارض سنواصل قول الحقيقة للناس.
الحقيقة التي يعرفونها ولايملكون قدرة المجاهرة بها.
الحقيقة التي يؤمنون بها.
وسنقولها نيابة عنهم..
وليلآ لعدن
آمل الا يطول..
فتحي بن لزرق
14يونيو 2020
- المقالات
- حوارات