أخترع «فاضل الشرقي» بطولة من وهم!؛ ومن يكون «فاضل»؟. إنه «أبو عقيل» مشرف مرتزقة إيران في محافظة وسط اليمن، تُدعى «ذمار» وهي مدينتي التي أخذت اسمها عن الملك الحميري الأعظم «ذمار علي»، احتلها الحوثيون بعد أيام من اغتصاب صنعاء دون أن تنبس ببنت شفه!
قال «فاضل» وهو الوحيد في هذا الكوكب الذي لم يأخذ بعضًا من اسمه كما يقول المثل، «إن أجهزة المخابرات اليمنية عذبته بسبب انتمائه إلى الحوثيين»، وأردف شامتًا مغترًا متكبرًا «الأيام دول»، لكنه نسي أمرًا مهمًا أنه لم يُعتقل ولم يُعذب ولم يمسسه بشر وقد كان بغيًّا عصيًّا، وكان «صبيًّا» نحيلًا يدور في أروقة مكتب المحافظ الأسبق لصعدة اللواء يحيى العمري بدرجة متعاون، تولى بعض المهام البسيطة في إيصال رسائل المحافظ إلى بعض الإدارات العامة مقابل أعطيات قليلة، وقيل أن المحافظ العمري كان يركله لغبائه، ولم يجد «فاضل» حرجًا من التدحرج مثل كُرة قدم مقابل إسعاد قدم سيده.
مع الكثير من الركلات، تعوّد «الصبي» على الأقدام، فتعلق بها، وتعلقت به، ثم طارت به قدم فولاذية إلى مرمى سيده الجديد «عبدالملك الحوثي»، ومن هناك بدأ ينسج قصصًا عن بطولاته في السجن الذي لم يدخله، لكنه كان مصرًا على أن يتذكر لون قميصه وقوات الأمن تضربه بالعصي!، وصوت أمه وعينيها!؛ قصة تشبه قصص المناضلين لشخص وقع على مدينة عظيمة مثل مدينتي كما تقع الخطايا والذنوب.
يتذكر كذبة نسجها في خياله ليوعظ بها الناس، ونسي قرابة 347 شخصًا قتلوا سحلًا وتعذيبًا في مدينة صعدة وحدها بعد أسابيع من استيلاء جماعته العنصرية عليها في أعقاب فتنة العام 2011، ومتجاهلًا أكثر من ثلاثة آلاف بيت هدمته الميليشيا على رؤوس ساكنيها في أغلب عموم اليمن، وما يقارب 7562 مختطفًا في أقبيتهم السرية.
لم يعد أحد في هذه الأرض يقاتل من أجل المساواة كما يفعل اليمنيون رفضًا لنظرية الاستعلاء العلوي الذي مثلته الحوثية بأبشع صورة وأشدها دموية وإهانة، يكاد كل يماني في ذلك النضال الحقيقي يرتقي إلى مصاف المؤمنين الربوبيين، أولئك الذين يقاتلون من أجل إعلاء كلمة الله في الحرية والشورى والعدل واقتصاد الناس وخيرهم.
أقرأ قصة «فاضل» ويمر من أمامي سيل أسماء بكت عوائلهم عليهم، وانتحبت وعلا نشيجها على عيالها الذين قتلهم «الصبي المجهول» في غُرف التعذيب الوحشية، وأزقة الموت الملطخ بالفجائع والأفعال الدنيئة.
الكذب لا يصنع الرجال، وحين يحاول المعدوم أخلاقيًا الانتصار لنفسه بحكاية ساذجة ساخرة فإنه يسقط في داخله، يعرف أنه يهوي إلى قاع مجهولة مثله، لكنه يسعى لانتزاع ما تبقى منه ببضع كلمات زائفة، فتجذبه أصابع الضحايا الحقيقيين إلى قرار الجحيم، فينكفئ على نفسه، يتدحرج وسط الزيف مثل كرة قدم، وكما كانت الأقدام تركله في الماضي القريب، صارت الألسن تلوكه بسخرية مثل شتيمة وقحة.
وإلى لقاء يتجدد
- المقالات
- حوارات