تتغاضى المنظمة الأممية عن الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها الحوثيون ضد المدنيين الأبرياء والأطفال والنساء، والتي تشمل القتل العشوائي، وقصف المدن والقرى الآهلة بالسكان، وزراعة الألغام ونهب الممتلكات، واقتحام وتفجير المنازل، والاعتقال العشوائي، والإخفاء القسري، ووضع المعتقلين في أماكن مستهدفة بقصف الطائرات كدروع بشرية، وتجنيد الأطفال، والاعتداء الجسدي على أمهات المعتقلين... وغيرها من الانتهاكات.
ليس هذا فحسب.. بل تبذل الأمم المتحدة كل جهدها لإنقاذ المليشيا وإبقاء سيطرتها على ميناء الحديدة الذي يعد أبرز المنافذ الذي من خلاله تحصل المليشيا على الأسلحة الإيرانية وتورد لصالحها مليارات الريالات لتزود بها جبهات القتال، رافضة في الوقت نفسه صرف مرتبات أكثر من مليوني موظف يمني.
واستؤنف الهجوم على الحديدة بشكل جدي بعد توقف في القتال وإعطاء وقت بهدف السماح للمبعوث الأممي مارتن غريفيث، لإيجاد حل سياسي. لكن ذلك الوقت انتهى بعد أن رفضت قيادة الحوثيين الحضور إلى جنيف لإجراء محادثات سلام طال انتظارها.
ويعتبر ميناء الحديدة أثمن ما تملكه مليشيا الحوثي، إذ يمثل 70٪ على الأقل من مساعدات اليمن والتدفق غير الشرعي للأسلحة الإيرانية إلى المقاتلين الحوثيين. وطوال فترة احتلال الميناء، أساءت مليشيا الحوثي بشكل روتيني إدارة شحنات المساعدات الإنسانية إلى الميناء، مع تطبيق ضرائب ابتزازية. كما قامت المليشيا بنهب الموارد الإنسانية والإغاثية المخصصة للمدنيين في جميع أنحاء اليمن.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يعطل فيها الحوثيون جهود السلام.
ويؤكد مراقبون محليون ودوليون أنه أصبح من الواضح الآن أنه لا يمكن إيجاد حل سلمي للنزاع إلا من خلال انتزاع السيطرة على الحديدة من قبل القوات اليمنية والتحالف، كما هو مقرر بموجب قرار الأمم المتحدة رقم 2216.
وتقول جولي لينارز، المديرة التنفيذية لمركز أبحاث الأمن الإنساني (لندن) في موقع (The Reaction) البريطاني "بما أن الدبلوماسية فشلت، فإن انتزاع الحديدة ومينائها هو السبيل الوحيد لتحريك العملية السياسية".
وشددت لينارز، أنه يجب أن يكون انتزاع السيطرة على الحديدة من قبضة المتمردين أولوية قصوى للتخفيف من معاناة الشعب اليمني وتوفير زخم جديد لإيجاد حل طويل الأمد للصراع.
صحيفة "ذا نيو يوروبيان" البريطانية، ذهبت أبعد من تحرير الحديدة، ورأت أن الحرب في اليمن لا يمكن أن تنتهي قبل إنهاء وجود النظام الإيراني، الذي يدير ويحرك جماعة الحوثي بالطريقة التي تناسب أجندته، حتى على حساب الأرواح اليمنية، ودليل ذلك هو تهرب الحوثيين -بتعليمات إيرانية- من محادثات السلام مؤخرا، برغم التزام الأطراف الممثلة للتحالف العربي.
وقالت إن الحوثيين ليسوا إلا استنساخا من وكلاء إيرانيين كثر، انتشروا في لبنان والعراق وغيرهما من بلدان الشرق الأوسط.
واستخدم المتمردون فترة الهدوء في القتال لتعزيز مواقعهم، بما في ذلك زرع الألغام الأرضية في جميع أنحاء المدينة. في وقت سابق من هذا العام، نشرت هيومن رايتس ووتش تقريراً يقول إنه منذ بدء النزاع، كانت الألغام الأرضية مسؤولة عن قتل أو تشويه "مئات المدنيين"، ووضعت اللوم بشكل ثابت على الحوثيين.
ورغم التصريحات الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة على استئناف المفاوضات، استبعد مراقبون سياسيون يمنيون تمكن الجهود الأممية التي يقودها غريفيث من إيصال الأزمة اليمنية إلى أي نقطة انفراج قريبة، في ظل عدم الواقعية التي تتسم بها تلك الجهود.
وقال مصدر أممي مطلع إن غريفيث يسعى لكسب المواقف الإقليمية والدولية لصالح خطته للسلام في اليمن وتحويلها في نهاية المطاف إلى قرار دولي ملزم لأطراف الصراع اليمني، غير أن محاولاته ما زالت تصطدم بتعنت الميليشيات الحوثية التي تتشبث ببقائها في ميناء ومدينة الحديدة وموافقتها على منح الأمم المتحدة دورا رقابيا ولوجستيا في الميناء، فقط.
- المقالات
- حوارات