يعود استغلال مليشيا الحوثي الانقلابية للأطفال في حروبها العدائية التي توجتها بالانقلاب على السلطة الشرعية في اليمن في سبتمبر 2014، إلى العام 2004، وهو العام الذي وجهت فيه أولى رصاصاتها إلى نحر الدولة بمشاركة أطفال كانت قد أثرت فيهم وفي أولياء أمورهم عقائديًا تحت غطاء تنظيم الشباب المؤمن.
ويفيد أقدم تقرير صدر عن جريمة تجنيد الأطفال في اليمن، عن مؤسسة سياج غير الحكومية لحماية الطفولة أن 50 بالمائة من مقاتلي جماعة الحوثي في الحروب الست التي خاضتها ضد القوات الحكومية بين 2004 و 2010، في محافظة صعدة، كانوا من الأطفال.
وقال رئيس المنظمة أحمد القرشي "إن الإحصائية التي أجرتها المنظمة عام 2009 بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة عن الأطفال في النزاعات المسلحة بصعدة كشفت أن 50% من المحاربين في صفوف الحوثيين كانوا أطفالا دون سن الـ18".
وفي العام ذاته (2009)، قالت مريم الشوافي، مديرة منظمة شوذب للطفولة والتنمية، وهي منظمة محلية غير حكومية إن "الحوثيين يستخدمون الأطفال لتجنيد زملائهم في المدرسة. فهم يرسلون منشورات وكتب لكي يقرأها الأطفال ويقولون أن الانضمام للشباب المؤمن هو وسيلة للتقرب إلى الله".
وأشارت تقديرات رسمية نشرتها الأمم المتحدة في العام 2010 إلى أن 20 بالمائة من المقاتلين الحوثيين هم من الأطفال، إلا أن مراقبين ومنظمات محلية مهتمة بالطفولة قالت، في حينه، إن الرقم أكبر مما أعلنته الأمم المتحدة بكثير.
وفي 2011، وهو العام الذي بدأت المليشيا الحوثية بنقل معاركها إلى خارج محافظة صعدة، أدرج التقرير السنوي للأمم المتحدة حول الأطفال الجنود، جماعة الحوثي في"قائمة العار" المكونة – حينها - من 57 مجموعة مسلحة حول العالم تقوم بتجنيد الأطفال أو ارتكاب انتهاكات أخرى في أوقات الحرب ضد صغار السن.
تقرير الأمم المتحدة أشار إلى أن الميليشيا الحوثية قامت بنشر الأطفال في القتال وأسندت إليهم مهاماً لوجستية على خط الجبهة في حين يتم استغلال الفتيات اللاتي تم تجنيد بعضهن بعد إجبارهن على الزواج من أفراد الميليشيا- في طهي الطعام أو حمل الإمدادات العسكرية والإمدادات الأخرى.
ووفقًا لتقرير صحفي نشره موقع "مأرب برس" الإخباري في ديسمبر 2011، ووثقه بالصور، فقد استخدم الحوثيون أطفالًا دون سن السادسة عشر خلال اجتياحهم لمحافظة حجة، شمال اليمن، وأشار التقرير إلى أن ما يقارب 150 إلى 180 من الحوثيين قتلوا خلال معارك سيطرتهم على المحافظة، معظمهم دون سن الثامنة عشرة، إضافة إلى مئات المصابين، وهو ما دفع الأهالي لدعوة المنظمات الحقوقية والجهات المعنية للذهاب إلى الجبهات لتوثيق ما يحدث من جرائم بحق الطفولة.
ومع انفتاح شهية مليشيا الحوثي للسيطرة على كامل البلاد، وامتداد معاركها إلى عدة محافظات يمنية منذ 2012، شددت المليشيا قبضتها على المناطق التي كانت تسيطر عليها، واستقطبت آلاف المقاتلين الجدد بالترغيب تارة وبالترهيب تارة أخرى، إلا أن معظمهم كانوا من الأطفال الذين تركوا المدارس للالتحاق بالمتارس.
وبعد سقوط العاصمة صنعاء في قبضة المليشيا في 2014، وتوسع سيطرتها على معظم محافظات البلاد، زادت حاجتها إلى مقاتلين جدد، وكان الشباب والأطفال المغرر بهم هم الهدف في حملات التجنيد التي فتحت لها معسكرات في كل المحافظات الخاضعة لسيطرتها، وتضاعفت حاجة الحوثيين لمقاتلين جدد بعد انطلاق عاصمة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية لدعم الشرعية في اليمن في 2015 لتستخدم أساليب الإكراه في حملاتها المكثفة للتجنيد.
وخسرت مليشيا الحوثي الآلاف من مقاتليها منذ اليوم الأول لإعلان الجيش الوطني والمقاومة الشعبية البدء بعمليات تحرير البلاد من قبضتها، واستنزفت الجبهات التي فُتحت في محافظات عدة منذ 2015 قوات المليشيا التي فقدت غالبية مقاتليها العقائديين والمدربين، لتعوضهم بالأطفال أو بـ "المحاربين الصغار" كما وصفتهم صحيفة نيويورك تايمز في أحدث تقاريرها عن هذه الجريمة.
في أحدث إحصائية كشفتها الحكومة عن جريمة الحوثيين في تجنيد الأطفال، قالت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل الدكتورة ابتهاج الكمال، إن الحوثيين قاموا "بتجنيد ما يزيد عن 23 ألف طفل، بصورة مخالفة للاتفاقيات الدولية، وقوانين حماية حقوق الطفل، منهم ألفان و500 طفل منذ بداية العام الحالي 2018".
وأشارت إلى إن استمرار مليشيا الحوثي بتجنيد الأطفال والزج بهم في المعارك، واختطافهم من المدارس والضغط على الأسر وأولياء الأمور لإرسالهم إلى المعارك تمثل جرائم حرب، ومخالفة لكل القوانين الدولية الخاصة بالطفل.
وفي تقريرها عن تجنيد الأطفال الصادر في أكتوبر 2010 قالت منظمة وثاق للحقوق والحريات في اليمن إنها وثقت تجنيد مليشيا الحوثي الانقلابية لـ 2500 طفل دون سن الـ15، معظمهم من: صنعاء وذمار وعمران والمحويت وحجة، خلال الفترة من يناير حتى سبتمبر 2018، وتوزيعهم على الجبهات المشتعلة، للمشاركة بشكل مباشر في العمليات القتالية، بصورة مخالفة للاتفاقيات الدولية، وقوانين حماية حقوق الطفل.
وتشير التقارير الأممية والمحلية إلى أن مليشيا الحوثي ضربت بكل دعوات المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية عرض الحائط، بعدما كثفت مؤخرا عمليات استقطاب وتجنيد الأطفال اليمنيين، الذين تستخدمهم في العمليات القتالية بعد أن تدربهم على استخدام كل أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة.
وعلى الرغم من الإدانات المحلية والدولية المتواصلة لجريمة مليشيا الحوثي إلا أن المليشيا تواصل بوتيرة عالية عمليات تجنيد الأطفال والزج بهم في المعارك، عبر اختطافهم من دور الأيتام والمدارس، والضغط على الأسر وأولياء الأمور لإرسال أبنائهم إلى المعارك، في خطوة اعتبرها مراقبون "جرائم حرب"، وتخالف كل القوانين الدولية الخاصة بالطفل.
- المقالات
- حوارات