تقرير: ايهاب الشرفي
درة الجزر البحرية في المحيط الهندي ، ونقطة إلتقاء بحار العالم ، يصفها الكثير ب"جزيرة النعيم المنسية" المتمثلة بأرخبيل جزيرة سقطرى ، و التي تصدرت المشهد اليمني في الآونة الأخيرة ، في ظل تزايد متنامي للتصريحات المستفزة و التواجد الإماراتي في الأرخبيل ، الأمر الذي أثار ردود أفعال غاضبة من إعلامين وصحفيين و ناشطي مواقع التواصل الإجتماعي اليمنيين بالداخل والخارج ، وكذا من بعض مسؤولي الحكومة الشرعية ، كان أبرزهم رئيس الوزراء السابق بن دغر ، و وزير الخدمة المدنية السابق عبدالعزيز جباري و وزير الدولة المستقيل صلاح الصيادي .
مشكلة سقطرى الحقيقية
وتتمثل المشكلة الحقيقية لجزيرة سقطرى التي تبلغ مساحتها (3650 كم2) بالإضافة إلى إحتواها على أغرب وأندر الحيوانات والطيور والأشجار التي لا توجد مثيل لها بالعالم ، في موقعها البحري الإستراتيجي شديد الأهمية ، الذي يعتبر نقطة إلتقاء المحيط الهندي ببحر العرب مع البحر الأحمر من باب المندب ، حيث تبعد عن الشواطئ اليمنية بـ300 كم ، فيما تبعد عن شواطئ الصومال بـ80كم ، وبحسب العقيدة العسكرية الأمريكية ، أن من يسيطر على هذه النقطة يملك مفاتيح السيطرة على البحار السبعة الرئيسية في العالم ، انطلاقا من المحيط الهندي ومن باب المندب وبحر العرب .
ولهذا السبب حرصت القوات البريطانية على إحتلال الأرخبيل إبان إحتلالها لمدينة عدن عام 1893م ، الأمر ذاته عمل على تنفيذه البرتغاليون عام 1507م ، لضمان استمرار نفوذهم البحري في المحيط الهندي وشرق آسيا بعد إكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح عام 1488 ، رغم الأهمية الكبرى التي تلعبها سقطرى ، إلا أنها لم تتلقى الإهتمام أو التعمير والتنمية ، وظلت ولاتزال تعيش حالة بدائية حتى يومنا هذا.
صراع دولي
ويعتقد الكثير من أبناء اليمن ، أن الصراع الدولي بين قوى النفوذ العظمى للسيطرة على البحار ألقى بظلاله على الجزيرة ، خاصة بعد نشوب أزمة شبه جزيرة القرم في اوكرانيا المطلة على مضيق البسفور و البحر الأبيض المتوسط ، و كذا الإجتياح الإقتصادي والمصالح الصينية في القرن الأفريقي ودول أفريقية أخرى متعددة ، الأمر الذي جعل من أرخبيل سقطرى محل تنافس شديد بين القوى البحرية والبرية ومعركة نفوذ شرسة داخل منطقة المحيط الهندي والدوائر المحيطة به ، تتداخل فيه قوى عظمى مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا وغيرها من دول العالم التي تسعى لإيجاد مكان لها أو على الأقل إعادة رسم دورها في خريطة المنطقة والعالم .
أرخبيل جزيرة سقطرى الذي صنفته منطمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة على أنها واحدة من مناطق الإرث الطبيعي للإنسان ، و الفائزة بجائزة اليونسكو عام 2008م كواحدة من أغرب الجزر على وجه الأرض ، أصبح فجأة محط أنظار القطريين والإيرانيين والإماراتيين والروس والصينيين وغيرهم من قوى الصراع في العالم ، لأسباب مختلفة منذ قيام ثورة 2011م في اليمن التي أطاحت بالرئيس السابق علي عبد اللـه صالح ، فيما الحكومات اليمنية المتعاقبة أبدت تقاعسها و عجزها الشديدين تجاه هذه الجوهرة الفريدة ذات القيمة السياحية الضخمة .
فرص إستثمارية
وبالرغم من مكانة الجزيرة والأرخبيل بشكل عام ، و تصارع دول العالم على موقعها الإستراتيجي الهام ، إلا أنها لم تلقى نصيبها من التطور والإزدهار ولم تستغل بالشكل السليم من قِبل الحكومات اليمنية أو حتى المستعمرين لها ، و تتمتع جزيرة سقطرى بمناخ صيفي حار تسوده رياح قوية وعواصف متقلبة في الفترة من يونيو إلى سبتمبر من كل عام ، و تشهد أجواء معتدلة خلال الفترة من أكتوبر إلى مايو ، و يعيش أهالي سقطرى حالة من الفقر و الحاجة فيما يعتمد الأهالي بشكل كبير على صيد الأسماك والحيوانات وعلى المنتجات النباتية المقدسة مثل اللبان والصبر السقطري والمر والبخور وغيرها ، في الوقت الذي تزخر فيه الجزيرة بمقومات إستثمارية كبيرة تجعل منها مزارا بشريا على مدار العام .
و من أهم مقومات الفرص الإستثمارية في الجزيرة ، المجال (السياحي) ، حيث الطبيعة البكر والأشجار والحيونات النادرة والخصوصية الطبيعية التي منحتها الجغرافيا لهذه الجزيرة ، والمناظر الخلابة وحمامات الإستجمام الطبيعية والأعشاب الطبية النادرة والشواطئ الرملية البيضاء الممتدة لأكثر من 300 كيلومتر ، وتداخل الجبال والأشجار مع البحر ، في كل مناطق سقطرى خصوصا في الأشهر ذات المناخ المعتدل ، وكذالك مجال (الصيد) حيث تتنوع الحياة البحرية حول سواحل ، من أسماك وقشريات وبرمائيات و سلاحف نادرة الوجود ، بالإضافة إلى تطوير (الزراعة) زراعة الأشجار المقدسة ذات القيمة العالية إقتصاديا في محاصيل البخور واللبان والصبر والمر وما تحمله معها من إمكانات كبيرة في تصنيع الأدوية والمستحضرات الطبية ومستحضرات التجميل ، الأمر الذي سيعود على البلاد جميعها بمليارات الدولارات وسيشل من حالة الفقر الذي تمر به اليمن لتصبح واحدة من دول العالم المتقدم .
قرار تحويل سقطرى إلى محافظة
مرت سقطرى بالعديد من المتغيرات بحسب التقلبات السياسية عبر التاريخ ، وحتى القرن العشرين كانت سقطرى جزءا من سلطنة المهرة وعاصمتها إلى العام 1967م عندما أستقل الجنوب اليمني عن بريطانيا ، وعقب تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990م ، قررت الحكومة اليمنية حينها ضم سقطرى إلى حضرموت في العام 1999م ، و عقب الثورة اليمنية 2011م تعالت مطالب الشارع اليمني ، وبداء الإهتمام الحكومي والشعبي يتنماء تجاه سقطرى ، بإعتبارها مكسب قومي لا يقل أهمية عن بقية الموارد الطبيعية كالنفط و الغاز .
وإستجابة للمطالب الشعبية وتنامي المطامع الدولية ، توصلت الحكومة اليمنية وهي تراقب هذا الوضع إلى قناعة بأن سقطرى تستحق أن تصبح محافظة قائمة بذاتها حتى تستطيع جني الثمار التي يمكن أن يدرها موقعها الجغرافي ومميزاتها الطبيعية والبيئية والجمالية ، حيث صدر القانون بإستحداث محافظة أرخبيل سقطرى في 18 ديسمبر 2013م ، تتكون من مديريتين هما مديرية حديبو وبها العاصمة مدينة حديبو ومديرية قلنسية وعبد الكوري ، إلا أن الهدف من تحويل الأرخبيل إلى محافظة لم يلقى النور بفعل نشوب الحرب الأهلية وإنقلاب الحوثيين و صالح على حكم الرئيس هادي ، ودخول اليمن بحرب عبثية منذ أربعة اعوام وحتى الان ، وتجدر الإشارة هنا إلى أن سكان سقطرى يتحدثون اللغة المهرية الخاصة بهم ذات الأصول حميرية، وهي لغة يمنية قديمة .
موقع إستراتيجي شديد الأهمية
و تزايدت خلال السنوات القليلة الماضية وإلا الآن الأهمية الإستراتيجية لجزيرة سقطري ، بالتزامن مع تنامي الصراع الدولي و محاولة الأطراف المتصارعة على النفوذ في العالم زيادة قبضتها على مداخل البحار الرئيسية ، والسيطرة والتمركز على الجزر والميضقات البحرية والموانئ والمواقع الإستراتيجية ، الأمر الذي يجعل من سقطرى محل صراع دولي عميق وعرضة للإحتلال أو السيطرة إنطلاقا من مبدأ أن من يملك السيطرة والنفوذ في المحيط الهندي يستطيع أن يكون المهيمن على البحار السبعة الرئيسية في العالم تجاريا وعسكريا.
ومن المتوقع أن تعلب جزيرة سقطرى خلال الفترات القليلة المقبلة دورا محوريا في تشكيل التحولات السياسية والعسكرية ومناطق نفوذ قوى الصراع العالمية ، بالوقت الذي شهدت فيه الجزيرة من عام 2010م ، عددا من التطورات التي حددت إلى درجة كبيرة شكل وطبيعة الدور الذي تلعبه هذه الجزر بالسياسة اليمنية ، وكذا في التوازنات العالمية الجديدة غرب المحيط الهندي وباب المندب وبحر العرب ومضيق هرمز والبحر الأحمر ، في ظل التحولات الإستراتيجية وتنامي تنافس القوى العالمية تجاريا وعسكريا ، والصراع المتزايد في بحر الصين ومضيق كيرتش بأوكرانيا و الحشد العسكري المتسارع في البحر الأبيض المتوسط .
قاعدة عسكرية أمريكية بسقطرى
ونظرا للموقع الجغرافي شديد الأهمية الذي تتمتع فيه جزيرة سقطرى فإن الولايات المتحدة سارعت في 2010م ، إلى عقد صفقة عسكرية مع الرئيس السابق علي عبد اللـه صالح ، تقضي بمنحهم تسهيلات غير مسبوقة في الجزيرة لإقامة قاعدة عسكرية متكاملة بحرية وجوية واستخباراتية ، مقابل زيادة وأشنطن المساعدات العسكرية الأمنية لليمن أكثر من الضعف، لتبلغ أكثر من 150 دولار أمريكي ، عُرفت فيما بعد بإسم (صفقة صالح- بتريوس) .
جاء ذالك في إطار تنفيذ الولايات المتحدة إستراتيجية عالمية لمكافحة الإرهاب والقرصنة ومحاصرة وضرب أنشطة تنظيم القاعدة في اليمن والعالم ، في الوقت الذي تعتبر فيه جزيرة سقطرى مفتاحا مهما من مفاتيح الصراعات الجديدة في القرن الراهن ، المتعلقة بمواجهة التهديدات الإرهابية و أعمال القرصنة للسلام العالمي ؛ الأمر الذي سرع من عقد إتفاقية الصفقة مع "صالح" والتي تقضي بإنشاء قاعدة عسكرية أمريكية وأسعة الصلاحيات في جزيرة سقطرى ، تحت مبرر التعاون المشترك لمكافحة الإرهاب .
وشملت الصفقة السماح للولايات المتحدة بإستخدام طائرات بدون طيار ، من قاعدة سقطرى في حربها ضد القاعدة ، وإستخدام صواريخ بحر- بحر وكل أنواع الصواريخ المحمولة بحرا ، وكذالك بناء مهبط طائرات حديث في القاعدة العسكرية الجديدة يكون مهيأ لإستقبال الطائرات الحربية التي قد تشارك في مهمات عسكرية مختلفة ، (وقد طلبت الحكومة اليمنية أن يكون هذا المهبط تحت سلطة الجيش اليمني) ، بالإضافة إلى تزويد القوات الأمريكية بمزيد من الدعم العسكري واللوجيستي في المعارك ضد الإرهاب وعمليات القرصنة وغيرها ، كما شملت الصفقة على تزويد القوات اليمنية بأنواع حديثة من المدرعات منها مدرعات هامفي و طائرات مروحية حديثة.
وردا على هذه الإتفاقية أصدرت البحرية الروسية بيانا أكدت فيه أن روسيا لن تتنازل عن رغبتها في إقامة قاعدة عسكرية في الجزيرة ، وأنها لن تتخلى عن خططها في إمتلاك قواعد بحرية لسفنها في سقطرى والمحيط الهندي ، الأمر الذي ينذر بصراع دولي محتمل واسع النطاق محوره سقطرى و ساحته المحيط الهندي و أفريقيا وجنوب آسيا وغربها ، خصوصا مع تعاظم الصراع البحري بين قوى العالم المختلفة .
تواجد قطري
من جانبها دولة قطر أبدت رغبتها في إيجاد موطئ قدم لها في جزيرة سقطرى ، برزت تلك النوايا جلية للعامة عقب الثورة الشعبية التي أطاحت بحكم صالح عام 2011م ، وشكلت التحركات الرسمية القطرية في جزيرة سقطرى بشكل لافت أبرز الملامح الرئيسية للمطامع القطرية في سقطرى ، حيث نفذت الشيخة "موزة" زوجة أمير قطر السابق في مايو 2013م ، زيارة خاطفة للجزيرة استمرت نحو أربع ساعات فقط ، أطلعت من خلالها بشكل مباشر على جمال الطبيعة وإمكانية إقامة مشاريع إستثمارية في الجزيرة .
وبحسب تقارير إعلامية قالت أن زيارة الشيخة موزة الى جزيرة سقطرى ، جاءات على خلفية إتفاق تم بين الحكومة القطرية وبين حكومة باسندوة اليمنية ، عقب ثورة فبراير 2011م ، تقضي بمنح القطرين إمتيازات إستثمارية خاصة في جزيرة سقطرى ، وذلك ردا للجميل الذي قدمته قطر في مساعدتها لثورة فبراير ودعمها بكل قوة ماليا و إعلاميا ، وقد تم تدشين عدد من المشاريع القطرية في العام 2014 م خلال الزيارة التي قام بها الشيخ عبدالعزيز بن جاسم آل ثاني إلى الجزيرة ، تضمنت مشاريع طبية وترميم وصيانة مستشفيات ومصنع للثلج ومدرسة ثانوية ، و وضع حجر الأساس لإنشاء اثنين من رياض الأطفال الأولى من نوعها بالجزيرة ، و دور لكفالة 345 أسرة من اليتامى ، كما وضعت الدوحة نظام لمساعدة الأسر الفقيرة وإنشاء بيوت لها في سقطرى .
وتقلص الدور القطري تحديدا في جزيرة سقطرى ، عقب إنقلاب مليشيا الحوثي و صالح على حكم الرئيس هادي في سبتمبر 2014م ، وإطلاق التحالف العربي لعاصفة الحزم في مارس 2015م ، الأمر الذي عمل على الحد من التواجد القطري في أرخبيل سقطرى ، وبحسب مراقبين ، فإن إنحسار الدور القطري والحرب الدائرة في اليمن منذ أربعة اعوام حتى الان و سيطرة الحوثيين على مناطق جغرافية واسعة بالإضافة إلى الإنهيار الإقتصادي و ركاكة الحكومة اليمنية ، ولد فراغ سياسي وعسكري كبير في اليمن ، مكن الإمارات التي تحاول من خلال تواجدها في التحالف العربي ، من ملئ هذا الفراغ بدعم بريطاني إسرائلي ، رغم التدخل الأمريكي الخجول لعرقلة المشاريع التوسعية لثلاثي التحالف السري في اليمن عموما و جزيرة سقطرى بشكل خاص .
مطامع إماراتية
وحرصت الإمارات طوال الفترة الماضية على توجيه ضربات خطيرة تحت الحزام لتشتيت قوى الشرعية في البر اليمني بعيداً عن سقطرى ، رغم أن التصريحات الرسمية تؤكد أن الجزيرة كانت وستظل يمنية ، الأمر الذي أدركه رئيس الوزراء السابق "بن دغر" والذي خاض في مايو 2017م ، معركة سياسية شرسة مع حكومة أبوظبي ، على خلفية ما وصفه بالسيادة الوطنية على جزيرة سقطرى ، حيث طالب بإنسحاب القوات الإماراتية منها وإحلال قوات يمنية بديلة وتمكين الشرعية والسلطة المحلية من ممارسة مهامها الكاملة في الجزيرة و وقف أي إستحداثات أو تغيرات في ملامح الجزيرة .
ويرى الكثير من اليمنيين أن الممارسات الإماراتية على أرض الواقع بعيداً عن الحكومة اليمنية هدفها السيطرة على جزيرة سقطرى وتحويلها إلى جغرافيا إماراتية أو على الأقل فرض الوصاية عليها مستقبلا ، بداء ذالك من خلال إستبعاد القوات اليمنية من حماية المنشأت الحيوية والسيادية في الجزيرة ، بالإضافة إلى التواجد العسكري المكثف للقوات الإماراتية وسيطرتها على المطار وتجريد القوات اليمنية من حقها السيادي على سقطرى ، ومنع دخول اليمنيين إليها إلا بتصريح مسبق من الإمارات وكذا إنشاء ودعم تيارات سياسية وعسكرية مناهضة للحكومة اليمنية ، في الوقت الذي دشنت فيه خطوط جوية مباشرة من دبي والشارقة إلى سقطرى وبالعكس ، و بأسعار إقتصادية لتشجيع المواطنين والمقيمين على السفر إلى الجزيرة اليمنية.
يحدث هذا في الوقت الذي يقف فيه أفراد من العائلات الحاكمة في دولة الإمارات ، أبرزهم الشيخ محمد بن زايد والشيخ سلطان بن خليفة وأبناء الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي ، وراء مساندة أعمال الفوضى وعرقلة المشاريع اليمنية ، والدفع بمستثمرين أجانب ومساندتهم من أجل إقامة مشاريع مجدية وقابلة للبقاء في سقطرى ، بلغ الأمر ذروته بإعتبار الجزيرة ملك إماراتي خالص ، تجلى ذالك من خلال إنشاء شبكة إتصالات إماراتية في الجزيرة وتجنيس أكثر من ثلثي السكان بالجنسية الإماراتية ، حتى أن فواتير المياه والكهرباء أصبحت تُصدر من أبوظبي بحسب سكان محليين ، فيما تنامى الخطاب الإعلامي تجاه سقطرى ومحاولة تزيف التاريخ وطمس الحقائق التاريخية من خلال تنفيذ عدد من الإستحداثات العمرانية على مباني أثرية ، وكانت الصحافة اليمنية مؤخرا وجهت إتهامات مباشرة للإمارات بنهب أشجار وحيوانات نادرة و ترحيلها إلى أبوظبي .
الصراع الإيراني الخليجي
شهدت العلاقات الإيرانية الخليجية في الآونة الأخيرة تطورات ملفتة القت بضلالها على تعاظم الصراع البحري بين الطرفين ، حيث تسعى إيران إلى بناء قوة بحرية إقليمية تكون قادرة على تأكيد دورها القيادي في منطقتي الخليج وشرق البحر المتوسط والمحيط الهندي ، وقد قطعت شوطا كبيرا في هذا السعي عن طريق تطوير قواتها البحرية والقيام بمناورات بحرية وجوية في مياه الخليج و بحر العرب والمحيط الهندي ، كما أن البحرية الإيرانية لعبت دورا بارز في تزويد مليشيا الحوثي بالأسلحة والذخائر.
وفي خضم الحرب العسكرية التي تشارك فيها السعودية والإمارات في إطار التحالف العربي باليمن لمحاربة الحوثي حليف إيران الأبرز جنوب الجزيرة العربية ، وفي ظل تواجد مستمر لقطع بحرية خليجية في سقطرى والسواحل اليمنية في بحري العرب والأحمر ومضيق باب المندب ، عملت البحرية الإيرانية على نشر سفن عسكرية بالقرب من جزيرة سقطرى ومضيق باب المندب بحجة حماية السفن التجارية الإيرانية أثناء عبورها هذه المناطق من وإلى إيران ، فيما ترجح مصارد إعلامية أن تحاول إيران بالإتفاق مع روسيا والصين الحصول على قواعد دائمة أو تسهيلات بحرية في سقطرى أو حولها ، الأمر الذي قد يُقابل بالمثل من خصومها الخليجين ، بغرض المحافظة على وجود بحري مستمر في هذه المنطقة من العالم .
المصالح الروسية الصينية
طريق الحرير الذي يتبناه العملاق الصيني منذ سنوات بغية إيصال المنتجات الصينية إلى دول العالم المختلفة ، والذي قد يشمل جزيرة سقطرى و مدينة عدن و بعض الموانئ في القرن الأفريقي ، يجعل من جزيرة سقطرى موقعا إستراتيجيا شد الأهمية لحماية المصالح والسفن الصينية في المحيط الهندي وبحر العرب المتجه من وإلى أوربا وشمال إفريقيا و بقية دول العالم ، في ظل تنامي الصراع الإقتصادي مع الولايات المتحدة الأمريكية التي ترى من العملاق الصيني تهديدا حقيقيا لمصالحها في العالم .
وتسبب نهوض التنين الصيني المتسارع بمخاوف واسعة لدى دول المنطقة كالإمارات الحليف الأبرز لبريطانيا و إسرائيل و السعودية حليف أمريكا ، لذى تسارع هذه الدول إلى الحصول على موقعها في جزيرة سقطرى ، كما أن التصميم الروسي الذي أشرنا إليه سابقا ، على عدم التخلي عن الوجود البحري بالقرب من سواحل سقطرى ، عمل على تزكية الصراع الدولي المتنامي على جزيرة سقطرى وما حولها .
وبسبب مخزونها المتنوع وخصائصها الطبيعية الفريدة من نوعها ، يمكن القول بأن الأهمية الإستراتيجية لجزيرة سقطري سوف تزداد خلال الفترة المقبلة على خلفية محاولة الأطراف والقوى المتصارعة فرض النفوذ والسيطرة على مداخل البحار الرئيسية في العالم ، لتظل الجزيرة رهينة بين التقلبات السياسية ومطامع الحلفاء والأشقاء و الأصدقاء و الأعداء جميعهم على حدا سوى ، في الوقت الذي يعاني منه سكان الجزيرة من الفقر والمرض وإنعدام البنية التحتية والإهمال الحكومي والدولي للجزيرة وسكانها .
- المقالات
- حوارات