قصة رجل ارهق بلد المليار .. وجعله يدفع ثمن الافراج عنه الى الان
الميثاق نيوز- اسلام اباد: على مدى ثمانية أيام عام 1999، تابع العالم بخوف وترقُّب تحويل خاطفين مسار رحلة للخطوط الهندية إلى أفغانستان حيث احتجزوا الركاب كرهائن في أحداث درامية لم تنته إلا بموافقة نيودلهي الإفراج عن ثلاثة مقاتلين كشميريين. بعد نحو 20 عاما، لا تزال الهند تدفع ثمن قرارها هذا.
وكان بين المقاتلين الذين أُفرج عنهم مسعود أظهر الذي أسس لاحقا جماعة "جيش محمد" التي تبنت قبل أيام الهجوم الأكثر دموية الذي تشهده كشمير الخاضعة للإدارة الهندية منذ ثلاثة عقود.
وقتل أكثر من 40 جنديا من القوات الخاصة المساندة للجيش الهندي في الهجوم الانتحاري الذي وقع في 14 فبراير، ما أشعل فتيل أزمة دبلوماسية جديدة بين الجارين النووين، الهند وباكستان.
وتعتبر جماعة "جيش محمد" المتمركزة في باكستان واحدة من مجموعات مسلحة عدة مناهضة للهند تقاتل في كشمير وتعتبر خارجة عن القانون. لكن يشتبه بأن هذه المجموعات تنشط في الهند لصالح إسلام أباد. ويعتقد كذلك أن أظهر الذي لم يصنّفه المجتمع الدولي يوما بأنه إرهابي، مقيم في باكستان.
ولا يزال مكانه غير معروف رغم أن موقع وزارة الخزانة الأميركية الإلكتروني ينشر عنوان سكنه على أنه في مدينة بهاولبور في إقليم البنجاب.
محفّز ومجنّد
وولد أظهر في ولاية البنجاب عام 1968 حيث كان والده أستاذ مدرسة ابتدائية، بحسب المحلل الأمني أمير رنا الذي أجرى أبحاثا متعمقة تناولت المجموعات الباكستانية المسلحة.
ودخل أظهر في البداية كشمير الهندية بجواز سفر برتغالي، وفق ما أفاد محللون أمنيون هناك وكالة فرانس برس، وتواصل مع عدد من المجموعات المسلحة.
وبات شخصية اعتاد الناس على رؤيتها في شوارع سريناغار، بينما عرف بخطاباته النارية وبالتوسط بين مختلف المجموعات التي انضمت للتمرد.
وقال مسؤول متقاعد لفرانس برس إن "قيمته الأبرز بالنسبة للمجموعات المسلحة تكمن في دوره كمحفّز ومجنّد، لكن الأهم هو أنه أظهر قدرة جيدة على أن يوفّق بينها أثناء الخلافات".
واعتقلت السلطات الهندية أظهر عام 1994 بتهم تتعلق بالإرهاب. وذكرت تسريبات أنه تفاخر أمام سجانّيه بأنهم لن يتمكنوا من إبقائه قيد التوقيف.
وفي مرحلة ما، حفر مع غيره من الموقوفين نفقا. وعندما حان وقت الهروب، أصرّ أظهر على الخروج أولا، بحسب ما قال مسؤول أمني لفرانس برس. "لكنه علق في النفق الضيّق بسبب بنيته الضخمة، ففشلت المحاولة برمتها".
وبقي في السجن إلى أن خُطفت رحلة الخطوط الهندية التي كانت متجهة من كاتماندو إلى نيودلهي ليلة عيد الميلاد عام 1999، لتهبط في نهاية المطاف في مدينة قندهار الأفغانية التي كانت خاضعة آنذاك لحكم حركة طالبان.
وقيل إن أحد الخاطفين هو شقيق أظهر الأصغر ويدعى إبراهيم أطهر.
"عدم كفاية الأدلة"
وذكرت تقارير أن أظهر التقى زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن ومؤسس حركة طالبان الملا محمد عمر في أفغانستان عقب إطلاق سراحه، بحسب رنا.
وشكّل "جيش محمد" عام 2000، وفق المحلل. وبعد عام من ذلك، اتُهمت الجماعة بشن هجوم على البرلمان الهندي قتل المسلحون على إثره عشرة أشخاص، وهو ما دفع الهند وباكستان إلى حافة الحرب.
واعتُقل أظهر ووضع قيد الإقامة الجبرية، لكن محكمة في لاهور، عاصمة البنجاب، أمرت بالإفراج عنه نظرا لـ"عدم كفاية الأدلة" ضده.
ومع توجيه المجموعات الباكستانية المحلية بنادقها نحو الدولة بعد هجمات 11 سبتمبر 2011 التي وقعت في الولايات المتحدة، كان أظهر بين عدد قليل من المقاتلين الذين تواروا عن الأنظار، بحسب رنا.
وشنّت الجماعة هجوما جديدا في 2016 إذ اتهمتها نيودلهي باستهداف قاعدة عسكرية في كشمير الهندية أسفر عن مقتل سبعة جنود وتسبب مجددا بتصاعد حدة التوترات.
وتم وضع أظهر مجددا قيد "التوقيف الاحتياطي"، لكن من دون أن يتم توجيه تهم رسمية إليه.
وفي يوليو الماضي، خاطب أنصاره في مظفرأباد، عاصمة القسم الخاضع للسيطرة الباكستانية من كشمير، من مكان مجهول عبر الهاتف قائلا إن لديه مئات العناصر ممن هم على استعداد للقتال حتى الموت.
ودفع الخطاب السلطات الهندية لتشديد الاجراءات الأمنية في المطارات تحسبا لعملية خطف أخرى.
لكن تلك كانت آخر مرة يصدر أي شيء عن أظهر.
معارضة صينية
وإضافة إلى باكستان، تحظر الأمم المتحدة والهند "جيش محمد" بينما تصنّف الولايات المتحدة الجماعة على أنها منظمة إرهابية.
إلا أن أظهر لم يُدرج على لوائح الإرهاب رغم مساعي نيودلهي المتكررة لإقناع مجلس الأمن الدولي بتصنيفه كذلك. لكن الصين، حليفة باكستان، حالت دون حصول ذلك مرارا.
وقال دبلوماسيون لوكالة فرانس برس هذا الأسبوع إن كلا من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة تدرس التحرّك مجددا في مجلس الأمن الدولي لإدراج أظهر على قائمة الإرهاب التابعة للأمم المتحدة، لكنها لا تزال تواجه معارضة من الصين.
- المقالات
- حوارات