
قال بان الوضع في البلد ملئي بالتعقيدات والمتناقضات مما يتطلب الانتقال الى استراتيجيه وخطط جديده للتغلب على كل التعثرات التي شهدتها اليمن منذ عقد من مقاومة الكهنوت، مؤكدا بإن موقف مراد الثابت الى صف الجمهوريه والثوابت الوطنيه محفور في ذاكرة التاريخ ولن يتزحزح .. مشيرا بان المشروع الطائفي السلالي العنصري في اليمن على وشك السقوط ولم يبقى سوى اعادة قراءة المشهد وحرف البوصله كامله نحوه.
فالى تفاصيل الحوار :
الشيخ / صادق القردعي رئيس حركة أحفاد القردعي ل الميثاق نيوز :
_ على درب الثائر الحر ماضون في استكمال تطهير اليمن من المشروع الطائفي السلالي العنصري البغيض
_ قسمآ بدم وتضحيات الجد الراحل لن نعود الا حاملين رآية النصر
ــــــحاوره / محمد الجعماني ـ
*شخصيه استثنائيه منذ المهد*
*س/ من خلال قراءتنا التاريخية للمناضل البطل الشهيد علي ناصر القردعي، حدثنا وحدث القارئ الكريم لمحة بسيطة عن سيرته الذاتية المحفورة في ذاكرة اليمنيين* ؟
*
_ بين عامي 1885/ 1948 تشكلت حياة حافلة بالنضال وسيرة تاريخية وطنية خاصة بالبطل الشهيد الشيخ / علي ناصر القردعي، المولود في منطقة رحبة من حواضر مأرب، كأحد وجهاء وأعيان ومشائخ قبيلة مراد ذات العمق التاريخي والاجتماعي، لم تكن حياته جزءاً من نمط بيئته ولحظتها السائدة؛ بل تفردت بسيرورتها ومغايرتها وتمردها واختلافه واقعها ونمط تفكيرها وسلوكها كلياً عن من حوله ، حيث شق ذلك البطل طريقاً خاصاً به ، تميزت بالزعامه والشجاعة والاقدام .. أصبح شخصية تتميز بكاريزما قيادية ومواقف ثابته تؤكد ما لشخصيته من حضور، وما لوعيه من بُعد وطني وإنساني، ورسم ملامح حياة حافله بالأحداث والمواقف الشجاعه ، رافضاً حياة الذل والقبول بالاوضاع السياسية والاجتماعية التي كانت تعيشها البلاد آنذاك.
والى ان كونه قائدا حكيما وفارسآ مغوارا وبطلا لايشق له غبار.. ايضآ كان شاعراً بليغاً وصاحب حكمة وحنكة وقدرة على إحكام الرأي والمشورة والتأثير بآرائه وقناعاته على الآخرين حتى قادته تلك المسيرة النضالية لأن يختمها بحدث تاريخي قبل طل الموازين في البلد ممهدا لثورتي 1948 والتي اتت امتداد لثورة ال 26 من سبتمبر 1962م
*الخلاص من الكابوس*
*س/ كيف تمكن الشهيد البطل ورفاقه من قتل الإمام يحيى حميد الدين ؟*
_ بعد ازدياد طغيان الإمام وتفشي جبروته على رقاب اليمنيين ، ولم تكن لديه أية نوايا لإصلاح سلطته أو التخلي عن طريقة حكمه القاسية.. تولدت لحظتها حالة من اليأس والإحباط في أوساط المجتمع، وخاصة في اوساط النُخب القريبة من الإمام أو أولئك الأحرار الذين أحسوا بخطر ذلك الطغيان و أضراره البالغه على اليمن واليمنيين . حينها اخذ الأحرار على عاتقهم ذلك الهم الوطني المتمثل بالقضاء على تلك السلطة، وتخليص الشعب من شرورها ، ومن أجل الوصول الى الهدف المنشود كان لابد من القضاء على راس الطاغيه وهذه كانت رغبة وقناعة كل الاحرار الذين اجتمعو وناقشو ووزعو المهام ، حيث ?ُلف الشيخ الشهيد بعملية الإطاحة برأس الإمام، فآعد الخطه ونصب هو ورفاقه كميناً محكماً في الطريق التي كان مؤكد ان يسلكها الامام وحراسته وهم في طريقهم للنزهه بمنطقة حزيز بصنعاء ، وبينما كان الطاغيه يسير بسيارته استوقفته كومه من الاحجار المتناثره في الطريق، وهذه كانت عباره عن اشعار او تنبيه قصد منها الشهيد ان يبلغ الطاغيه بان هناك خطر قادم على حياته وعليه ان يستعد وحراسته للمواجهه فنزل الحراسه لإزالة الأحجار المنصوبه في طريق موكبة ساعتها وثب القردعي ومن معه عليه وأردوه قتيلاً هو ومن معه، بينما فشلت بقية الفرق من استكمال العمليه الثوريه وفق الخطه المرسومه.
*حياة حافلة بمقارعة الظلم والاستعمار*
*س / ما هي الأدوار البطولية الذي قام بها القردعي خلال فترة نضاله ؟*
_ حياة الشهيد البطل حافله بالادوار البطوليه سواء في مواجهة وتحريض وتاليب القبائل اليمنيه على الحكم الامامي البغيض في شمال الوطن
او مواجهة الاستعمار البريطاني من جنوبه والتي بفضل الله تمكن الشهيد ورفاقه الابطال من دحر المحتل وتحرير بيحان ثم محافظة شبوه .
*زلزال القوافي واستشعار الامام لخطورة الموقف*
س/ حدثنا كيف وظف الشعر الى جانب بندقيته ضد حكم الإمامة ؟
_ كفطرة بدوية وسليقة عربية تجد أن كل فارس شجاع يحدث تداخل عنده بين سلوكه وخياله، فتنشطر حياته بين الفعل والقول، وهكذا كان الشهيد يصدح بفعل الرفض والمقاومة حيناً ويحمل شعره همومه الوطنية ورؤيته للواقع، وكما تعلم فإن الشعر كان الوسيلة المتاحة التي يمكن إيصال رسائل التذمر والاستهجان للحكم الإمامي، وقد سلك هذا الطريق معظم الأحرار وأولهم القردعي، ودارت عدة مساجلات شعرية بينه وبين الإمام وكانت شاهداً على وضوح رؤيته وموقفه الثابت منه،
لذلك كان الامام يستشعر خطورة الشهيد من واقع ابياته الشعريه المزلزله ، ومن ناحية أخرى فقد حرص القردعي على رسم ملامح الكهنوت وتفنيد مشروعه بلهجة عامية شديدة التصريح دون مواربة، ثم أنه ترك كثيراً من الأراجيز التي تبعث الحماس وتقوي العزيمة وترفع المعنويات قبل وبعد مقتل الإمام والتي تنم مجملها عن اعتداد قائلها بها واتخاذها سلاحاً معنوياً بجانب بندقيته، وتحظى تلك المآثر الخالدة باهتمام شعبي كونها تعبر عن مكنون الوعي الجمعي، ولك أن تتصور حكمته الشعرية التي قالها إبان اكتشافه حيلة دفع الإمام به إلى شبوة لمهاجمة محمية الإنجليز، وكانت خطة الإمام التخلص منه وهي ذاتها رغبة المستعمر فقال:
قدهم على شور من صنعاء إلى لندن
متخابرة كلهم سيد ونصراني .
*هناك دراسات و توثيق ونتمنى الاهتمام*
س/ هناك العديد من القصائد الشعرية الوطنية التي تجلى بها الشهيد، هل تم طباعة القصائد التي كان يرددها ويصدح بها؟
_ لقد شهد الإرث الشعري للشهيد في المرحلة الأخيرة اهتماماً كبيراً وعناية فائقة سواءً سيرته البطولية أو شعره بمختلف مواضيعه، وقد شمل ذلك الاهتمام الجمع بين تاريخ الشخصية وشعرها المؤكد لها، وتعد الدراسة التي أعدت من قبل الدكتور علي عزي قائد وأمل الزمر، والتي فازت بجائزة وزارة الأوقاف، فإلى جانب الدراسة تم ضم الديوان الشعري في نهاية الكتاب بشكل منفصل، كما أن كتاب الباحث مقبل العمري وأحمد شبرين الذي سبق هذه الدراسة ضم الكثير من أشعاره وأراجيزه، وهذا أمر مهم يعيد الاعتبار لشعر القردعي ويحفظه من الضياع، علماً بأن غالبية شعره ما يزال تناقل حفظه يتم شفاهياً من جيل لآخر كجزء من الهوية والتراث اللامادي اليمني، حيث يردد في معظم مناطق اليمن، وقد حظي باهتمام كبير بعد انقلاب الإماميين الجدد من قبل اليمنيين كونه يبعث الإرادة ويشد العزيمة ويذكرهم بكل مساوئ الإمامة وما تكنه من حقد دفين وعنصرية مقيتة بحق لليمنيين .
س /من خلال الأحداث التي شهدها اليمن ضد الإمامة الكهنوتية، أين كانت اسرة القردعي منها؟
*دفعت اسرة القردعي اثمان باهضه*
_ إن كنت تقصد سابقاً قبل ثورة سبتمبر وما بعدها، فلم يكن الشهيد القردعي وحده من الأسرة من خاض جولات النضال ضد الكهنوت، فكثير من أقربائه وأرحامه كانوا بجانبه وارتقوا شهداء وجرحى ، وبعضهم تم اعتقالهم في عهد الإمام يحيى ومن بعده أحمد، كما تعرضت الأسرة للتنكيل والتشريد ودفعت اثمان باهضه ضريبة مواقفها الشجاعه في سبيل الدفاع عن الجمهوريه والثوابت الوطنيه للبلد.
*على خطى الشهيد الحر نمضي*
أما إن كنت تقصد في سياق الأحداث الأخيرة وانقلاب الحوثي وعودة أذيال الإمامة فما زالت الأسرة تحذو درب الجد الأكبر ومؤسس النضال في الأسرة والقبيلة واليمن كلها، وما زلنا حاضرين وصامدين جنبا الى جنب مع اخواننا ابطال الجيش الوطني في الميادين والثغور والجبال بجبهات مارب والجوف في مأرب والجوف، فمنا شهداء وجرحى .
*الاهمال الحاصل للثوار واحفادهم نتج عنه اخفاق في جسد الجمهوريه*
*س/ رأينا معظم أحفاد أبطال الثورات اليمنية سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر يتبوأون المناصب، ويحظون باهتمام ورعاية الدولة بينما لم نر قردعياً واحداً يحظى بمرسوم رئاسي؟ فهل هذا جحود أم انكم لا تكترثون لهذه الأمور ؟*
_ دعني أوضح فكرة مهمة في هذا السياق بالتحديد، ليس لأننا من ضمن المعنيين به وإنما لتفسير الصورة بعمق، الحقيقة المُرة أن أحفاد الأحرار والرموز الوطنية التي كان لها أدوار بطولية في هذه الثورات، لم تحظ بأي اهتمام أو رعاية من قبل الأنظمة التي حكمت طيلة خمسة عقود، وقد همش الأحرار أنفسهم من بقوا أحياءً بعد تلك الانتصارات، وهناك أمثلة كثيرة لا يتسع السياق لذكرها، ومن تم احتواء أحفادهم هم قلة قليلة كفعل رمزي لتلميع وجه الحكام فقط، أما الغالبية فقد همش تاريخهم وأهمل أحفادهم، وتم تناسي بطولاتهم، وهذا الأمر ككل ترك أثراً لا مباشراً في الوعي الوطني الجمعي والهوية اليمنية، حيث تناسي الفاعل بدوره يؤدي لتلاشي قيم الفعل، أي أن إهمال الثوار وأحفادهم شكل إخفاقاً في تمجيد تلك المكاسب الوطنية الثورية التي تمثل أساس الوطنية والهوية والتاريخ والذات اليمنية، ولذا حين أطلت الإمامة برأسها من جديد لم يكن لدى الشعب المرجعية الوطنية القوية القادرة على صد عودة المشروع الإمامي، فحدث ما حدث وانزلق الكثير في صفوفها لأن الصلة كانت باهتة مع مبادئ الثوابت الوطنية، والوعي كان هشاً فتسهل الأمر للعدو كما أراد ..
أما أسرة القردعي فهي خير مثال لإثبات ذلك الجحود والنكران، وكنا ندرك أن قيمتنا تكمن في اعتزازنا وفخرنا ببطولة الشهيد وليس بنيلنا مناصب حكومية، ولذا فبعد استعادة الشعب لتاريخه وهويته في هذا العقد استشعر أن القردعي أول حلقة من حلقات المجد والفخر التي يجب إحيائها والاحتفاء بها في هذه اللحظة الحرجة من تاريخ اليمن المعاصر
*اصطفاف ومصفوفة اصلاحات*
*س / كيف تقرأون مشهد اليمن اليوم بعد عشر سنوات من مقاومة الكهنوت* ؟
_ مشهد اليمن اليوم مليء بكثير من التعقيدات والتناقضات ويتطلب وضع استراتيجيات جديدة تضاهي وتتغلب على كل التعثرات التي شهدها عقد من مقاومة الكهنوت، حيث يفترض إعادة قراءة المشهد بشكل مختلف ومعالجة كافة الاختلالات التي نعانيها سياسياً وعسكرياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً؛ لأن بقاء تلك العوائق سيؤثر على مسار المعركة الوطنية ويعيق انتصارها ويطيل أمد الحرب، وهذا الأمر يستدعي ألا نترك مساحة لها لكي تنحرف البوصلة وتفقدنا التوازن، ويتمكن العدو الحوثي من الاستفادة منها، فإصلاح الوضع الاقتصادي المنهك لحياة المجتمع، وتوحيد الصف السياسي الجمهوري ، واشتراك كافة القوى الوطنية في الإسهام بفاعلية في دحض المليشيات، وإرساء الثوابت الوطنية وأهمها ترسيخ مبدأ الدفاع عن الجمهورية كيقين ثابت وعدم الانجرار لتمييع الفكرة وإرخاء الهمة، ستحدث كل هذه التغيرات تحولاً في صنع نصر جمهوري لاستعادة الدولة والتخلص من جمود اللحظة المتجمدة وتحريك المياه الراكدة في صلب المعركة الفاصلة بين الجمهورية والإمامة الجديدة .
*ارادة حقيقيه وعزيمه لاتلين*
*س/ كيف تنظرون لواقع اليمن في ظل هذه التحديات الخطيرة؟*
_ كما أشرت في الجواب السابق فإن مقابلة تلك التحديات الخطيرة والتربصات الجسيمة بإرادة حقيقية وعزيمة وطنية وعدم الرضوخ لمتاهة اللاحرب واللاسلم سيدفع بهذا الواقع إلى منعطف جديد تكون فيه الغلبة للجمهورية والدولة والمشروع الوطني الجامع، أما بقاء اليمن في باحة هذا الواقع المتجمد والإخفاقات المتكررة والتشرنقات السياسية والوضع الاقتصادي الرديء فهذا خطر مرعب يهدد مستقبل وطن وحياة شعب تعبث بهما مليشيات سلالية عميلة تستثمر كل إخفاقاتنا لتحقيق انتصارها علينا .
*تنشيط الهويه الوطنيه*
*س/ أقامت الحركه مؤخراً حفلاً خطابياً وفنياً كبيراً بمناسبة مرور 77 عاما من الثورة الدستورية؟ ما دلالة هذه الاحتفائية؟ وما حملته من رسائل؟*
_ لهذا الحفل عدة دلالات منها تنشيط الهوية الوطنية، وإعادة الاعتبار للرموز الوطنية واستلهام تاريخها ونضالها في ما نحن فيه الآن من صراع وجودي مع الإمامة، مما يعزز الصلة بين الشعب وبين الاندفاع في سبيل إنقاذ هذا الوطن من السقوط في براثن السلاليين، وتأكيد أن الحرية ثمنها باهض، وإن الاستهانة بفقدانها سيكلفنا حاضراً تعيساً ومستقبلاً مظلماً، وعلى الشعب إدراك أنه المعني باستعادة دولته ومكاسبه وحريته وكرامته.
ومن ناحية أخرى كانت فرصة ان الحركه قدمت رؤيتها الوطنية التي والتي اتت استشعارا منها ب مخاطر اللحظة وايضا اسهمت بمقترحات من شانه إعادة اللحمة الوطنية ، ونساهم ايضا بوعينا السياسي وإخلاصنا النضالي ورؤيتنا الكفاحية في الاشتراك بمسؤولية حمل الهموم الوطنية والانحياز لمشروع الدولة والانشغال عن كثب بالاتصال المباشر والفعلي بالقضايا المصيرية التي يخوضها اليمن شعباً وقيادة .
*استعداد غير مسبوق للقبائل*
*س/ قبائل اليمن اليوم في خندق واحد للدفاع عن مكتسبات الثورة والجمهورية، فهل سنسمع يوماً ما عن تشكيل قبلي مسلح واسع يكون لمراد السبق في تنظيمه و قيادته ؟*
_ هذا وارد ومحتمل، والمعطيات تفرض حدوث ذلك، وليس شرطاً أن تكون مراد سباقة في ذلك، لكن مراد حاضرة في المعركة وفي التأهب وفي الاحتشاد، وفي اتقاد النفير العام الذي عزمت عليه كافة القبائل هذه الفترة، ومراد كمذحج وحمير وحاشد وبكيل معنية عن كثب بالاستعداد والجاهزية لخوض معركة فاصلة وتقديم دور فاعل وجبار في هذا المصير إن تقرر، ولن يساورها الشك أو التردد قيد إنملة في الوثوب على العدو مهما كلفها ذلك من مال ورجال، فتاريخها الطويل يثبت أن دورها ريادي في كل المنعطفات التاريخية واللحظات الحساسة فهذا ديدنها وشفرة مجدها وعزتها وفخرها.
*إخلاص وشفافيه*
س/ كيف تنظرون لمستقبل اليمن؟
_ مستقبل اليمن مظلم مالم نصنعه نحن الشعب، ونعمل من أجل منع هيمنة الظلام والظلم عليه مستقبلاً، فاستشعار الخطر بمسؤولية وإخلاص وشفافية نضالية وثورية سيجعل الناظر يستطيع تمييز ملامح ذلك المستقبل، وتغيير استراتيجيته لإعاقة وصوله إلينا بمؤشراته وأبعاده التي تبدو لنا من الآن، ولا تنبئ بخير وسلام واستقرار إطلاقاً .
*معآ لمقارعة كل اشكال الظلم*
س/ كلمة أخيرة؟
الشيخ / صادق القردعي رئيس حركة أحفاد القردعي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
*شخصيه استثنائيه منذ المهد*
*س/ من خلال قراءتنا التاريخية للمناضل البطل الشهيد علي ناصر القردعي، حدثنا وحدث القارئ الكريم لمحة بسيطة عن سيرته الذاتية المحفورة في ذاكرة اليمنيين* ؟
*
_ بين عامي 1885/ 1948 تشكلت حياة حافلة بالنضال وسيرة تاريخية وطنية خاصة بالبطل الشهيد الشيخ / علي ناصر القردعي، المولود في منطقة رحبة من حواضر مأرب، كأحد وجهاء وأعيان ومشائخ قبيلة مراد ذات العمق التاريخي والاجتماعي، لم تكن حياته جزءاً من نمط بيئته ولحظتها السائدة؛ بل تفردت بسيرورتها ومغايرتها وتمردها واختلافه واقعها ونمط تفكيرها وسلوكها كلياً عن من حوله ، حيث شق ذلك البطل طريقاً خاصاً به ، تميزت بالزعامه والشجاعة والاقدام .. أصبح شخصية تتميز بكاريزما قيادية ومواقف ثابته تؤكد ما لشخصيته من حضور، وما لوعيه من بُعد وطني وإنساني، ورسم ملامح حياة حافله بالأحداث والمواقف الشجاعه ، رافضاً حياة الذل والقبول بالاوضاع السياسية والاجتماعية التي كانت تعيشها البلاد آنذاك.
والى ان كونه قائدا حكيما وفارسآ مغوارا وبطلا لايشق له غبار.. ايضآ كان شاعراً بليغاً وصاحب حكمة وحنكة وقدرة على إحكام الرأي والمشورة والتأثير بآرائه وقناعاته على الآخرين حتى قادته تلك المسيرة النضالية لأن يختمها بحدث تاريخي قبل طل الموازين في البلد ممهدا لثورتي 1948 والتي اتت امتداد لثورة ال 26 من سبتمبر 1962م
*الخلاص من الكابوس*
*س/ كيف تمكن الشهيد البطل ورفاقه من قتل الإمام يحيى حميد الدين ؟*
_ بعد ازدياد طغيان الإمام وتفشي جبروته على رقاب اليمنيين ، ولم تكن لديه أية نوايا لإصلاح سلطته أو التخلي عن طريقة حكمه القاسية.. تولدت لحظتها حالة من اليأس والإحباط في أوساط المجتمع، وخاصة في اوساط النُخب القريبة من الإمام أو أولئك الأحرار الذين أحسوا بخطر ذلك الطغيان و أضراره البالغه على اليمن واليمنيين . حينها اخذ الأحرار على عاتقهم ذلك الهم الوطني المتمثل بالقضاء على تلك السلطة، وتخليص الشعب من شرورها ، ومن أجل الوصول الى الهدف المنشود كان لابد من القضاء على راس الطاغيه وهذه كانت رغبة وقناعة كل الاحرار الذين اجتمعو وناقشو ووزعو المهام ، حيث ?ُلف الشيخ الشهيد بعملية الإطاحة برأس الإمام، فآعد الخطه ونصب هو ورفاقه كميناً محكماً في الطريق التي كان مؤكد ان يسلكها الامام وحراسته وهم في طريقهم للنزهه بمنطقة حزيز بصنعاء ، وبينما كان الطاغيه يسير بسيارته استوقفته كومه من الاحجار المتناثره في الطريق، وهذه كانت عباره عن اشعار او تنبيه قصد منها الشهيد ان يبلغ الطاغيه بان هناك خطر قادم على حياته وعليه ان يستعد وحراسته للمواجهه فنزل الحراسه لإزالة الأحجار المنصوبه في طريق موكبة ساعتها وثب القردعي ومن معه عليه وأردوه قتيلاً هو ومن معه، بينما فشلت بقية الفرق من استكمال العمليه الثوريه وفق الخطه المرسومه.
*حياة حافلة بمقارعة الظلم والاستعمار*
*س / ما هي الأدوار البطولية الذي قام بها القردعي خلال فترة نضاله ؟*
_ حياة الشهيد البطل حافله بالادوار البطوليه سواء في مواجهة وتحريض وتاليب القبائل اليمنيه على الحكم الامامي البغيض في شمال الوطن
او مواجهة الاستعمار البريطاني من جنوبه والتي بفضل الله تمكن الشهيد ورفاقه الابطال من دحر المحتل وتحرير بيحان ثم محافظة شبوه .
*زلزال القوافي واستشعار الامام لخطورة الموقف*
س/ حدثنا كيف وظف الشعر الى جانب بندقيته ضد حكم الإمامة ؟
_ كفطرة بدوية وسليقة عربية تجد أن كل فارس شجاع يحدث تداخل عنده بين سلوكه وخياله، فتنشطر حياته بين الفعل والقول، وهكذا كان الشهيد يصدح بفعل الرفض والمقاومة حيناً ويحمل شعره همومه الوطنية ورؤيته للواقع، وكما تعلم فإن الشعر كان الوسيلة المتاحة التي يمكن إيصال رسائل التذمر والاستهجان للحكم الإمامي، وقد سلك هذا الطريق معظم الأحرار وأولهم القردعي، ودارت عدة مساجلات شعرية بينه وبين الإمام وكانت شاهداً على وضوح رؤيته وموقفه الثابت منه،
لذلك كان الامام يستشعر خطورة الشهيد من واقع ابياته الشعريه المزلزله ، ومن ناحية أخرى فقد حرص القردعي على رسم ملامح الكهنوت وتفنيد مشروعه بلهجة عامية شديدة التصريح دون مواربة، ثم أنه ترك كثيراً من الأراجيز التي تبعث الحماس وتقوي العزيمة وترفع المعنويات قبل وبعد مقتل الإمام والتي تنم مجملها عن اعتداد قائلها بها واتخاذها سلاحاً معنوياً بجانب بندقيته، وتحظى تلك المآثر الخالدة باهتمام شعبي كونها تعبر عن مكنون الوعي الجمعي، ولك أن تتصور حكمته الشعرية التي قالها إبان اكتشافه حيلة دفع الإمام به إلى شبوة لمهاجمة محمية الإنجليز، وكانت خطة الإمام التخلص منه وهي ذاتها رغبة المستعمر فقال:
قدهم على شور من صنعاء إلى لندن
متخابرة كلهم سيد ونصراني .
*هناك دراسات و توثيق ونتمنى الاهتمام*
س/ هناك العديد من القصائد الشعرية الوطنية التي تجلى بها الشهيد، هل تم طباعة القصائد التي كان يرددها ويصدح بها؟
_ لقد شهد الإرث الشعري للشهيد في المرحلة الأخيرة اهتماماً كبيراً وعناية فائقة سواءً سيرته البطولية أو شعره بمختلف مواضيعه، وقد شمل ذلك الاهتمام الجمع بين تاريخ الشخصية وشعرها المؤكد لها، وتعد الدراسة التي أعدت من قبل الدكتور علي عزي قائد وأمل الزمر، والتي فازت بجائزة وزارة الأوقاف، فإلى جانب الدراسة تم ضم الديوان الشعري في نهاية الكتاب بشكل منفصل، كما أن كتاب الباحث مقبل العمري وأحمد شبرين الذي سبق هذه الدراسة ضم الكثير من أشعاره وأراجيزه، وهذا أمر مهم يعيد الاعتبار لشعر القردعي ويحفظه من الضياع، علماً بأن غالبية شعره ما يزال تناقل حفظه يتم شفاهياً من جيل لآخر كجزء من الهوية والتراث اللامادي اليمني، حيث يردد في معظم مناطق اليمن، وقد حظي باهتمام كبير بعد انقلاب الإماميين الجدد من قبل اليمنيين كونه يبعث الإرادة ويشد العزيمة ويذكرهم بكل مساوئ الإمامة وما تكنه من حقد دفين وعنصرية مقيتة بحق لليمنيين .
س /من خلال الأحداث التي شهدها اليمن ضد الإمامة الكهنوتية، أين كانت اسرة القردعي منها؟
*دفعت اسرة القردعي اثمان باهضه*
_ إن كنت تقصد سابقاً قبل ثورة سبتمبر وما بعدها، فلم يكن الشهيد القردعي وحده من الأسرة من خاض جولات النضال ضد الكهنوت، فكثير من أقربائه وأرحامه كانوا بجانبه وارتقوا شهداء وجرحى ، وبعضهم تم اعتقالهم في عهد الإمام يحيى ومن بعده أحمد، كما تعرضت الأسرة للتنكيل والتشريد ودفعت اثمان باهضه ضريبة مواقفها الشجاعه في سبيل الدفاع عن الجمهوريه والثوابت الوطنيه للبلد.
*على خطى الشهيد الحر نمضي*
أما إن كنت تقصد في سياق الأحداث الأخيرة وانقلاب الحوثي وعودة أذيال الإمامة فما زالت الأسرة تحذو درب الجد الأكبر ومؤسس النضال في الأسرة والقبيلة واليمن كلها، وما زلنا حاضرين وصامدين جنبا الى جنب مع اخواننا ابطال الجيش الوطني في الميادين والثغور والجبال بجبهات مارب والجوف في مأرب والجوف، فمنا شهداء وجرحى .
*الاهمال الحاصل للثوار واحفادهم نتج عنه اخفاق في جسد الجمهوريه*
*س/ رأينا معظم أحفاد أبطال الثورات اليمنية سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر يتبوأون المناصب، ويحظون باهتمام ورعاية الدولة بينما لم نر قردعياً واحداً يحظى بمرسوم رئاسي؟ فهل هذا جحود أم انكم لا تكترثون لهذه الأمور ؟*
_ دعني أوضح فكرة مهمة في هذا السياق بالتحديد، ليس لأننا من ضمن المعنيين به وإنما لتفسير الصورة بعمق، الحقيقة المُرة أن أحفاد الأحرار والرموز الوطنية التي كان لها أدوار بطولية في هذه الثورات، لم تحظ بأي اهتمام أو رعاية من قبل الأنظمة التي حكمت طيلة خمسة عقود، وقد همش الأحرار أنفسهم من بقوا أحياءً بعد تلك الانتصارات، وهناك أمثلة كثيرة لا يتسع السياق لذكرها، ومن تم احتواء أحفادهم هم قلة قليلة كفعل رمزي لتلميع وجه الحكام فقط، أما الغالبية فقد همش تاريخهم وأهمل أحفادهم، وتم تناسي بطولاتهم، وهذا الأمر ككل ترك أثراً لا مباشراً في الوعي الوطني الجمعي والهوية اليمنية، حيث تناسي الفاعل بدوره يؤدي لتلاشي قيم الفعل، أي أن إهمال الثوار وأحفادهم شكل إخفاقاً في تمجيد تلك المكاسب الوطنية الثورية التي تمثل أساس الوطنية والهوية والتاريخ والذات اليمنية، ولذا حين أطلت الإمامة برأسها من جديد لم يكن لدى الشعب المرجعية الوطنية القوية القادرة على صد عودة المشروع الإمامي، فحدث ما حدث وانزلق الكثير في صفوفها لأن الصلة كانت باهتة مع مبادئ الثوابت الوطنية، والوعي كان هشاً فتسهل الأمر للعدو كما أراد ..
أما أسرة القردعي فهي خير مثال لإثبات ذلك الجحود والنكران، وكنا ندرك أن قيمتنا تكمن في اعتزازنا وفخرنا ببطولة الشهيد وليس بنيلنا مناصب حكومية، ولذا فبعد استعادة الشعب لتاريخه وهويته في هذا العقد استشعر أن القردعي أول حلقة من حلقات المجد والفخر التي يجب إحيائها والاحتفاء بها في هذه اللحظة الحرجة من تاريخ اليمن المعاصر
*اصطفاف ومصفوفة اصلاحات*
*س / كيف تقرأون مشهد اليمن اليوم بعد عشر سنوات من مقاومة الكهنوت* ؟
_ مشهد اليمن اليوم مليء بكثير من التعقيدات والتناقضات ويتطلب وضع استراتيجيات جديدة تضاهي وتتغلب على كل التعثرات التي شهدها عقد من مقاومة الكهنوت، حيث يفترض إعادة قراءة المشهد بشكل مختلف ومعالجة كافة الاختلالات التي نعانيها سياسياً وعسكرياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً؛ لأن بقاء تلك العوائق سيؤثر على مسار المعركة الوطنية ويعيق انتصارها ويطيل أمد الحرب، وهذا الأمر يستدعي ألا نترك مساحة لها لكي تنحرف البوصلة وتفقدنا التوازن، ويتمكن العدو الحوثي من الاستفادة منها، فإصلاح الوضع الاقتصادي المنهك لحياة المجتمع، وتوحيد الصف السياسي الجمهوري ، واشتراك كافة القوى الوطنية في الإسهام بفاعلية في دحض المليشيات، وإرساء الثوابت الوطنية وأهمها ترسيخ مبدأ الدفاع عن الجمهورية كيقين ثابت وعدم الانجرار لتمييع الفكرة وإرخاء الهمة، ستحدث كل هذه التغيرات تحولاً في صنع نصر جمهوري لاستعادة الدولة والتخلص من جمود اللحظة المتجمدة وتحريك المياه الراكدة في صلب المعركة الفاصلة بين الجمهورية والإمامة الجديدة .
*ارادة حقيقيه وعزيمه لاتلين*
*س/ كيف تنظرون لواقع اليمن في ظل هذه التحديات الخطيرة؟*
_ كما أشرت في الجواب السابق فإن مقابلة تلك التحديات الخطيرة والتربصات الجسيمة بإرادة حقيقية وعزيمة وطنية وعدم الرضوخ لمتاهة اللاحرب واللاسلم سيدفع بهذا الواقع إلى منعطف جديد تكون فيه الغلبة للجمهورية والدولة والمشروع الوطني الجامع، أما بقاء اليمن في باحة هذا الواقع المتجمد والإخفاقات المتكررة والتشرنقات السياسية والوضع الاقتصادي الرديء فهذا خطر مرعب يهدد مستقبل وطن وحياة شعب تعبث بهما مليشيات سلالية عميلة تستثمر كل إخفاقاتنا لتحقيق انتصارها علينا .
*تنشيط الهويه الوطنيه*
*س/ أقامت الحركه مؤخراً حفلاً خطابياً وفنياً كبيراً بمناسبة مرور 77 عاما من الثورة الدستورية؟ ما دلالة هذه الاحتفائية؟ وما حملته من رسائل؟*
_ لهذا الحفل عدة دلالات منها تنشيط الهوية الوطنية، وإعادة الاعتبار للرموز الوطنية واستلهام تاريخها ونضالها في ما نحن فيه الآن من صراع وجودي مع الإمامة، مما يعزز الصلة بين الشعب وبين الاندفاع في سبيل إنقاذ هذا الوطن من السقوط في براثن السلاليين، وتأكيد أن الحرية ثمنها باهض، وإن الاستهانة بفقدانها سيكلفنا حاضراً تعيساً ومستقبلاً مظلماً، وعلى الشعب إدراك أنه المعني باستعادة دولته ومكاسبه وحريته وكرامته.
ومن ناحية أخرى كانت فرصة ان الحركه قدمت رؤيتها الوطنية التي والتي اتت استشعارا منها ب مخاطر اللحظة وايضا اسهمت بمقترحات من شانه إعادة اللحمة الوطنية ، ونساهم ايضا بوعينا السياسي وإخلاصنا النضالي ورؤيتنا الكفاحية في الاشتراك بمسؤولية حمل الهموم الوطنية والانحياز لمشروع الدولة والانشغال عن كثب بالاتصال المباشر والفعلي بالقضايا المصيرية التي يخوضها اليمن شعباً وقيادة .
*استعداد غير مسبوق للقبائل*
*س/ قبائل اليمن اليوم في خندق واحد للدفاع عن مكتسبات الثورة والجمهورية، فهل سنسمع يوماً ما عن تشكيل قبلي مسلح واسع يكون لمراد السبق في تنظيمه و قيادته ؟*
_ هذا وارد ومحتمل، والمعطيات تفرض حدوث ذلك، وليس شرطاً أن تكون مراد سباقة في ذلك، لكن مراد حاضرة في المعركة وفي التأهب وفي الاحتشاد، وفي اتقاد النفير العام الذي عزمت عليه كافة القبائل هذه الفترة، ومراد كمذحج وحمير وحاشد وبكيل معنية عن كثب بالاستعداد والجاهزية لخوض معركة فاصلة وتقديم دور فاعل وجبار في هذا المصير إن تقرر، ولن يساورها الشك أو التردد قيد إنملة في الوثوب على العدو مهما كلفها ذلك من مال ورجال، فتاريخها الطويل يثبت أن دورها ريادي في كل المنعطفات التاريخية واللحظات الحساسة فهذا ديدنها وشفرة مجدها وعزتها وفخرها.
*إخلاص وشفافيه*
س/ كيف تنظرون لمستقبل اليمن؟
_ مستقبل اليمن مظلم مالم نصنعه نحن الشعب، ونعمل من أجل منع هيمنة الظلام والظلم عليه مستقبلاً، فاستشعار الخطر بمسؤولية وإخلاص وشفافية نضالية وثورية سيجعل الناظر يستطيع تمييز ملامح ذلك المستقبل، وتغيير استراتيجيته لإعاقة وصوله إلينا بمؤشراته وأبعاده التي تبدو لنا من الآن، ولا تنبئ بخير وسلام واستقرار إطلاقاً .
*معآ لمقارعة كل اشكال الظلم*
س/ كلمة أخيرة؟
_ نشكر اهتمامكم وتفاعلكم معنا كقوى سياسية وقبلية وإتاحتكم لنا مساحة في ثنايا هذا الحوار للإفصاح عما يختلج صدورنا ويقلق مستقبلنا، وإعلان تأكيدنا على أننا سنظل جنوداً مخلصين وأوفياء في سبيل هذا الوطن وفي سبيل الاقتداء بغايات الشيخ الشهيد / علي ناصر القردعي الذي ترك لنا مجد النضال وسيرة الكفاح ومبادئ الانتصار لقيم الدولة والعدل والديمقراطية والحرية ومقارعة كل اشكال الظلم والطغيان والعنصريه المقيته_

- المقالات
- حوارات