
منذ سيطرتها على صنعاء، تحاول مليشيا الحوثي الإرهابية أن توهم الداخل والخارج بأنها تمتلك قاعدة جماهيرية واسعة، وأن ميدان السبعين يمتلئ بالمؤيدين لها طوعًا ورغبة. لكن الحقيقة التي يعرفها الجميع أن تلك الحشود لم تأتِ إلا تحت ضغط الترهيب والإجبار، أو عبر الإغراءات واستغلال مقدرات الدولة المختطفة، إلى جانب أساليب الابتزاز والملاحقة والرصد.
المفارقة أن الحوثي، من يدّعي دومًا تمثيل الشعب كله، يعيش قلقًا مستمرًا من أن يُسمح لخصومه السياسيين بتنظيم أي فعالية، خصوصًا حزب المؤتمر الشعبي العام؛ فهو لا يخشى -كما يزعم- من "مؤامرات" أو "انقلابات"، بقدر ما يرعبه مشهد جماهيري حقيقي يكشف حجمه الضئيل والصفري لدى الشعب الرافض له ولمشروعه التدميري الطائفي الإيراني، ويعرّي صورته المزيفة أمام العالم.
الحقيقة أن المؤتمر، إذا ما احتشد في السبعين لإحياء ذكرى التأسيس، سيُظهر للعالم الفارق الهائل بين جمهور حقيقي يتدفق من تلقاء نفسه، وجموع مرهقة وجائعة تُساق بالعصا أو تُشترى بالمغريات. وهذا ما يرعب الحوثي أكثر من أي سلاح أو معركة، لأن الحشود الجماهيرية المعيار الأوضح لقياس الشرعية الشعبية، وهي ما يفتقده بشكل مطلق.
إن خوف الحوثي من حشود المؤتمر ليس خوفًا من منافسة، بل من لحظة انكشاف؛ لحظة تسقط فيها الصورة المصنوعة من الزيف والدعاية والإعلام، وتظهر الحقيقة عارية؛ أنه مجرد جماعة أقلية مسلحة تعيش على الوهم وتستمد وجودها من القمع، لا من التفاف شعبي.
ولهذا؛ يشن الحوثي حملاته واختطافاته ضد قيادات المؤتمر وكل مناهضيه، ويقذف بالتهم جزافًا عن "المؤامرات" و"الخيانة للخارج"، فيما هو يوقّع مع واشنطن الاتفاقيات التي تضمن بقاءه جاثمًا على قلوب اليمنيين. ويستميت في احتكار الساحات، لأنه يعلم أن السماح للناس بالتعبير الحر كفيل بإنهاء المسرحية كلها، وإسقاط آخر أوراقه أمام العالم.
لقد عاش الحوثي حالة من هذه القلق والرعب بعد حشود العزاء في وفاة الشيخ ناجي جمعان، ثم الشيخ زيد أبو علي، حيث سبب له القياديان المؤتمريان حالة من الجنون، فعاتب أتباعه، وحاكم بعضهم، بل واختطف آخرين، لمجرد أنهم سمحوا بحدوث مثل هذا التدفق الجماهيري الذي لم يكن في حساباته. وإلى اليوم لا يزال يعيش ارتباكًا من تلك الواقعة، فما بالك بفعالية جماهيرية ضخمة كإحياء ذكرى تأسيس المؤتمر؟
كتب/ ماجد المعمري

- المقالات
- حوارات