وإن فاتنا التوقيت، 4 أغسطس، لم يفت الوقت بعد ولا أغسطس؛ للتوقيع في جدارية اليمن الجمهوري، وإيداع شهادة ولاء ووفاء، باسم معلم الأحرار وعالم وعلامة وعلم الثوار اليمنيين- خلال دروب النصف الأول والخمسينية الأولى من القرن العشرين المؤدية إلى 26 سبتمبر 62م- الشيخ عبدالله علي الحكيمي.
مرت ذكرى وفاة/ استشهاد “شيخ الأحرار” عبدالله علي الحكيمي (4 أغسطس 1954م متأثرا بسم سربته الإمامة ليدس في طعام الشيخ بسجن المستعمر الإنجليزي الذي دبر له تهما ومحاكمة كيدية في عدن)؛ بصمت، ولا يكاد يكون أحد قد تذكره أو ذكر بالمناسبة إحياء وتخليدا لذكرى واحد من آباء الحركة الوطنية اليمنية وأعظم حامليها إلى أرجاء الدنيا وأسماع العالم صوتا وصيتا وكلمة وموقفا.
كم نحن بعيدون عنا وعن قضيتنا ومعركة اليمن المصيرية ولا تفوقها في الأهمية والخطورة قضية أو تبزها معركة؟
أكثر من مؤسف وأكبر من مجرد سهو أو إهمال؛ أن يفوت موعد كهذا ومناسبة مشابهة على اليمنيين دونما التفات، ورغم الحاجة وتوكيدها مضاعفة إلى الإحياء والاحتفاء.
جدير بهذا ان يقال تجاه اليمنيين وصفوتهم أو نخبهم؛ بالنظر إلى ما هم فيه وبلادهم، وقد تشابهت أو تكاد معطيات اليمن بين زمنين وعصرين، عصر شيخ الأحرار وعصر الناس هذا، وبالقياس على الأقل إلى نضالات وتضحيات وكفاح الآباء لاستخلاص اليمن واليمنيين من قبضة الكهنوت والطغيان والظلم والظلام، وما أحوج المتأخر إلى استحضار همّ المتقدم والأخير إلى استيقاد همة الأول.
من “دين الله واحد” إلى “دعوة الأحرار” لخص وأوجز الشيخ عبدالله علي الحكيمي في كتابين قضايا وسيرة وسيرورة الروح الوطنية والإنسانية بين دفتي الحرية والتحرير؛ حرية الإنسان وتحريره من كهانة ووصاية واستبداد وطغيان لصوص الأديان والأوطان.
السلام على صاحب جريدة “السلام” أول منبر وإصدار صحفي يمني وعربي باللغة العربية في بريطانيا وأوروبا، قبل استئنافه إصدارها من عدن بعد التضييق عليه من السلطات بسعي حثيث من مندوب وممثل الإمامة والإمام في لندن.
ويمكن تتبع تفاصيل ومرويات كثيرة بين عدن ولندن وكارديف توثق تواطؤ واتفاق الانجليز والإمامة ضد الحكيمي بشخصه وبما يمثله من رمزية للحركة الوطنية اليمنية.
والسلام على صاحب مشروع وبرنامج تجميع وتوحيد جهود الثوار والأحرار في إطار واحد ضمانة للإثمار؛ رئيس “الجمعية اليمنية الكبرى”، ورئيس “الاتحاد اليمني”، العائد من شهرة ومجد المكانة والتقدير في أوروبا وشمال افريقيا، ليؤسس أول مدرسة وكتاب للصبية والأطفال في بيته العائلي بقريته في الأحكوم بالحجرية، الأمر الذي جلب عليه نقمة الإمامة ودس ووشاية عاملها في التربة، بما أن النور والتنوير والتعليم أعدى أعداء الجهل والظلام.
من سجنه في عدن كتب الشيخ الحكيمي إلى ابنه عبدالرحمن: “ولا تنسَ أن حياة الأحرار في خطر دائم، فاثبت وثبّت الأهل”.
رحمة الله وسلامه لروح الشيخ عبدالله علي الحكيمي.
- المقالات
- حوارات