الرئيسية - صحة - اصابة 2 مليون مواطن بامراض نفسية والفقر السبب الرئيسي
اصابة 2 مليون مواطن بامراض نفسية والفقر السبب الرئيسي
الساعة 09:01 صباحاً (نيوزيمن)

اصابة 2 مليون مواطن بامراض نفسية والفقر السبب الرئيسي

الميثاق نيوز - متابعات
تحولت مشكلة الفقر إلى معضلة حقيقية في اليمن، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، خلفت مئات المرضى النفسانيين والمشردين الذين يواجهون الحياة بدون أي سلاح يجعلهم قادرين على العيش سوى عطف الآخرين وشفقتهم.

وقد خلقت مشكلة الفقر ندبات عميقة في نفوس الآلاف من اليمنيين، وجعلت الكثير من العوارض النفسية تلازمهم طيلة الوقت، مجبرة بعضهم لممارسة سلوكيات خاطئة وإجرامية من أجل تحصيل لقمة العيش.

زلزال مدمر لمنظومة القيم المجتمعية

يقول د . محمد الكامل -دكتور علم الاجتماع- جامعة صنعاء، في حديث لـ"نيوزيمن"، "إن الفقر له تأثير على انتشار الجريمة وعلى الحالات النفسية والأخلاقية، ومصداق لذلك مقولة (لو كان الفقر رجلاً لقتلته) كتأكيد لما للفقر من مخاطر نفسية وأخلاقية واجتماعية".

ويضيف أن "الفقر والاحتياج والعوز، أمر مدمر للمجتمع وله تأثيراته على كل نواحي الحياة ومنظومة القيم والسلوكيات في أي مجتمع حي، والمجتمع اليمني الذي يعاني من الفقر بنسب متفاوتة ازدادت خلال الأربع السنوات الأخيرة، جعل منظومة القيم في تهاوٍ مستمر، ويظهر ذلك جلياً في التعاملات والسلوكيات الملحوظة بكل وضوح".

ويعرج الدكتور الكامل على أهم آثار الفقر وخطورة ما يتمخض في رحم المجتمع حين يصاب أفراده بالفقر والتفقير بالقول: "ففي مجال الأخلاق والسلوك: فإن الفقر سبب رئيس يقف وراء الرذائل والفواحش؛ إذ يكون الفقر في حال غياب الإيمان أو ضعفه أقوى من مراقبة الله والخوف منه والاستجابة لنداء الضمير، لذا قيل: "صوت المعدة أقوى من صوت الضمير".

وبحسب الدكتور الكامل فإن انتشار السرقة، الرشوة... وغيرها، أحد أهم نتائج الفقر والإفقار المتعمد للمجتمع، وفي "ظل غياب المعالجات الحقيقية للحد من الفقر نؤسس لمجتمع سيء لن تنجو منه اليمن أرضاً وإنساناً".

ويرى أن القيم الخاطئة والمغلوطة والتبريرات التي تؤكل بها أموال الناس بالباطل وتنمي روح الأنا والجشع والظلم في المجتمع كل هذه الأخلاق لا تُرتكب غالباً إلا في حالة الحاجة والفقر وعدم سد الحاجات الأساسية.

وبسؤال "نيوزيمن" عن كيفية إصلاح المجتمع في الوقت الذي يصعب فيه إصلاح الوضع المادي؟ قال الدكتور محمد الكامل: "كشخص منطلق من علم الاجتماع أؤمن بأن كل أفراد المجتمع يجب أن يشاركوا لتصليح وحل الظواهر السلبية، فالعمل على مستوى القيادة فقط لا يصلح الأمور كما يجب برأيي، فسبل المواجهة بهذا الموضوع يجب أن تكون شعبية عن طريق ورشات عمل، منتديات فكرية وأعمال على كافة الأصعدة.

ضحايا الفقر.. قنابل موقوتة

بدورها تقول أستاذة الرعاية الاجتماعية منى الرياشي، في حديث لـ"نيوزيمن"، إن الفقر له آثاره السلبية التي لا حصر لها على المجتمعات، إلا أن الخطر الأكبر للفقر من وجهة نظري، يكمن في تأثيراته السلبية على العلم؛ حيث نجد المواطن الفقير لا ينظر إلى الأمور بنظرة الإنسان الطبيعي، ولا يراها من منظورها السليم، فيركز جُلَّ أولوياته لسد احتياجاته الأساسية من مأكل ومشرب وملبس ودواء".

وتضيف أن هذا يجعل الأهالي الفقراء المسؤولين عن أبناء وأسرة يرون أنه من الأفضل أن يترك أبناؤهم مدارسهم؛ من أجل مساعدتهم في أمور المعيشة".

وتتابع: "وهذا ما نراه بكل أسف يتزايد كل يوم في مجتمعنا اليمني الذي فرضت عليه الأحداث حالة فقر أكبر مما كان عليه سابقاً، ولذا نشاهد أطفالاً في عمر الزهور يتحملون مسؤوليات أسر بأكملها مضطرين في سبيل ذلك لترك مقاعدهم الدراسية ليتوجهوا للعمل أو التسول في جولات الشوارع كما نلاحظ بكل أسف".

وتشير أن هذا الأمر أكسب الأطفال سلوكيات شائنة وتعلم السرقة والتنمر بشكل مخيف مما يجعلهم قنابل موقوتة داخل المجتمع ما لم يتم معالجة الأمر واحتواؤهم وإعادة تأهيلهم نفسياً، بالإضافة لارتفاع حالات الطلاق بسبب الانفعالات العصبية الناجمة عن تأثيرات الواقع المؤلم الذي وصلنا له في بلادنا وكل ذلك يتهدد المجتمع بالتفكك أكثر مما هو عليه الآن.

الفقر.. المسؤول الأول عن الأمراض النفسية

من جهته يؤكد الطبيب النفسي عصام الكمال في حديثه لــ"نيوز يمن" أن الفقر وحالة العوز التي يمر بها المجتمع انعكست بشكل مباشر على المواطن بحالات مرضية متعددة خصوصاً عند أولئك الذين اعتادوا العيش في مستوى دخل متوسط أو مرتفع وتفاجأوا بالوضع المتدهور يوماً بعد آخر، مما أدخلهم في حالات نفسية وعصبية شديدة الخطورة أوصلت كثيراً منهم إلى أسرة المستشفيات النفسية.

وقال إن السبب الأول للحالات النفسية التي تتردد على عيادته خلال الثلاث السنوات الأخيرة ومن بداية 2018 على وجه الخصوص، هو الفقر، وكلما زاد الفقر والجوع زاد المرض النفسي كالاكتئاب والوسواس القهري والإدمان، نعم الإدمان حين يلجأ بعض الأشخاص للهروب من الواقع المؤلم الذي يلم بهم إلى مصيبة الإدمان". 


ويكمل: "يعد الفقر بحسب أعلى هيئة متخصصة ومسؤولة عن الصحة النفسية في العالم، المسؤول الأول عن الأمراض النفسية والعقلية، لذلك نجد أن الأمراض العقلية والنفسية أكثر انتشاراً بين الفقراء وهذا يزيد من معاناة الأسر والطبقات الفقيرة، وهذا ما لمسته في عيادتي أو في مستشفى الرشاد للطب النفسي التي أعمل بها أيضاً، لذا أستطيع أن أقول لك نحن نواجه كل أسبوع 3- 6 حالات جديدة بأمراض مختلفة مثل الوسواس القهري، الاكتئاب الحاد، والقلق واضطرابات العلاقات الاجتماعية وتدني القدرة على التكيف مع الحياة واللجوء للمخدرات والخمور، والبعض يصل للمستشفى أو للعيادة وهو في حالة جسدية مزرية بسبب خجل الأهالي في اليمن تحت مفهوم "العيب" من المرض النفسي مما يفاقم حالة المريض ويبدأ في إيذاء نفسه وتتحول الحالة من اكتئاب حاد إلى فقدان تام للسيطرة "الجنون".

أكثر من مليوني مريض نفسي

وبسؤال "نيوزيمن"، عن إحصائية تقديرية للمرضى النفسيين في صنعاء على الأقل خلال هذه الفترة أكد الكمال، أن العدد كبير، ولكن لا يصل إلى المستشفيات أو العيادات إلا الشيء القليل بسبب ثقافة "العيب" التي يعيشها المجتمع تجاه المرضى النفسيين.

وأكد أن وزارة الصحة بذاتها لم تهتم بهذه الشريحة من المرضى، وعادة ما يوكل أمرهم إلى السجون المركزية وهو ما دفع الأهالي للخوف والعيب على ذويهم المرضى.

وأشار إلى أن عدد المرضى النفسانيين كان يقدر بنصف مليون مريض نفسي قبل ثمانية أعوام، لكن الواقع يؤكد أن هذا الرقم قد تضاعف مرات، خصوصاً في فترة الحرب التي يمر عليها أكثر ما يقارب أربعة أعوام.

علاقة متينة بين الفقر والإجرام

وعن تأثير الفقر في سلوكيات المجتمع وانتشار الجريمة يقول الضابط في إدارة البحث الجنائي في إدارة أمن أمانة العاصمة لـ"نيوزيمن": "هناك علاقة متينه بين الفقر والإجرام وهذا ما نلاحظه في إدارة البحث الجنائي والمباحث العامة وكافة مراكز الشرطة والأمن في العاصمة صنعاء وغيرها من المدن، من خلال البلاغات المتزايدة عن حالات السرقة والسطو على ممتلكات الغير والتقطع والاختطاف بغرض الابتزاز المادي وليس الانتقام القبلي أو الثأر الشخصي، بالإضافة انه وصلتنا عدد من البلاغات حول حالات الانتحار ولعل أبرزها ما حدث في مناخة حين انتحر أحد الآباء مع طفله الذي لم يتجاوز عمره عامين، ففي النصف الأخير من عام 2018 تم توثيق العديد من حالات الانتحار ربما تجاوزت 18 حالة في مختلف المحافظات.

ويشير إلى أن متوسط أعمار المنتحرين ما بين (24 - 35) عاماً ليس آخرها انتحار شاب بعمر 27 عاما في مطلع ديسمبر 2018 أمام مرأى ومسمع من الناس أمام المؤسسة الاقتصادية اليمنية في باب اليمن.

من جانبه يقول نشوان الحبابي -ضابط تحريات– "انتشرت الجريمة بشكل مخيف جراء الفقر وأقول مخيف بسبب الأساليب المتعددة التي يستغلها ذوو المال لإغراء المعوزين والمحتاجين.

ويضيف في حديث لـ"نيوزيمن"، "خلال الفترة الماضية تم إلقاء القبض على عدد من خلايا ترويج المخدرات والحشيش وسرقة السيارات والموترات في العاصمة صنعاء وكان أغلب المنتمين إليها أطفال دفعتهم الحاجة للوقوع في براثن تلك العصابات التي سيرتهم كما تشاء، وكذلك بعض النساء والفتيات اللواتي اعتدن على مستوى معيشي لا بأس به ولكن ما وصلت إليه أوضاعهن دفعهن للبحث عن المال بطرق غير مشروعة، فوقعن في براثن عصابات المخدرات والترويج والبعض منهن امتهن الرذيلة ليس لأنهن سيئات الخلق وإنما بسبب الواقع المزري الذي وصلنا".

ويكمل: "خلال شهر سبتمبر المنصرم تم إبلاغنا عن حالة خطف لأحد أبناء التجار في العاصمة وطلب المختطفين فدية مالية بمبلغ 60 مليون ريال، اضطر التاجر لدفاعها وبعد ذلك ابلغ السلطات الأمنية وبعد تحر ومتابعة تفاجأنا بسقوط عدد من الخلايا الاجرامية المتنوعة من نصب واحتيال وتزوير عملة ومخدرات وحشيش ودعارة، حتى وصلنا للرأس الكبير الذي يدير ذلك بما فيها عصابة الاختطاف، مستغلاً فقر الأسر وتشرد الأطفال ليحقق ما يريده، لذا يعد فقر المجتمع مصيبة لنا كناس أسوياء، بينما يعتبر ورقة رابحة لذوي الأنفس الشريرة فمن خلال الفقر والحاجة يمررون ما يريدون"

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص