الرئيسية - تحقيقات - نجوم صالح ومستنقعات الحوثي.. اليمن وقراره بين عهدين (إنفوجرافيك )
نجوم صالح ومستنقعات الحوثي.. اليمن وقراره بين عهدين (إنفوجرافيك )
نجوم الزعيم صالح ومستنقعات الحوثي ..اليمن بين عهدين
الساعة 08:50 مساءاً (وكالة 2 ديسمبر)

صعد الحوثيون مع مقدم الذكرى الثانية لانتفاضة 2 ديسمبر من مساعيهم في تشويه تاريخ الرئيس علي عبد الله صالح، قائد الانتفاضة، مدللين على إفلاس شعبي وسياسي يجتاحهم.

 

عوضا عن مخاطبة اليمنيين بإنجازات حقيقية متقدمة على عهد الرجل لجأت المليشيا إلى محاولة النيل من وطنية صالح وتاريخه، والمزايدة بإنجازها المزعوم في تحرير القرار اليمني من الوصاية الخارجية، عبر حرب أضعفت اليمن إلى حد كبير وجعلته رهينة أنامل العبث الإيراني، التي لم يجد اليمنيون منها سوى أدوات القتل والدمار.

 

في العام 1978 وصل صالح إلى سدة الحكم في ما كان يعرف باليمن الشمالي وسط حالة من عدم الاستقرار الداخلي السياسي، وضعف اقتصادي فتح البلد على مصراعيه لنفوذ سياسي خارجي يكاد يتحكم في كل شاردة وواردة في البلد.

 

أدرك صالح باكرا أن اليمن بحاجة إلى تصفية مشكلات أساسية تساعدها على استقلال قرارها في الداخل والخارج، دون جرها إلى شطحات وصدامات تستنزف طاقاتها، فشرع في قيادته لحوار ذي اتجاهين، الأول مع سلطة الجنوب اليمني وذراعها الداخلي، الجبهة الوطنية، وإنهاء عملياتها المسلحة في الشمال، والثاني تبني حلم سياسي راود القيادات الجمهورية منذ الستينيات ونجاح الثورة السبتمبرية، في لملمة شعث المكونات السياسية، وهو ما تحول إلى حقيقة تتجاوز ما يمكن اعتباره مصالحة وطنية شاملة إلى إقامة جبهة سياسية موحدة بين مختلف القوى تمثلت في تأسيس المؤتمر الشعبي العام في 1982.

 

خلقت هذه الخطوات السياسية مناخا للاستقرار مكن من التفرغ، إلى درجة مهمة، للبناء المؤسسي للدولة اليمنية وتدعيم سلطاتها على كافة التراب الوطني، بما فيها المؤسستين الأمنية والعسكرية كضرورة لتأكيد حضور الدولة في الداخل، والإسهام في مساندة خطوات الاستقلال بالقرار اليمني.

 

بذكائه الفطري عرف صالح أن الاستقلال السياسي الحقيقي، وجعْل العلاقات بالخارج مبنية على المصالح المشتركة لا التبعية، يظل بلا معنى فعلي إن بقي القرار الاقتصادي أسير الخارج، ورهنا بالمساعدات الخارجية، فكان توجهه إلى استخراج النفط، وتصدير أول شحنة يمنية عام 1986، وإلغاء فاتورة استيراد الفاكهة وتشجيع الزراعة المحلية، فتوفر مورد مهم يغني موازنة الدولة عن المساعدات الخارجية إلى حد كبير، ويسمح بتمويل داخلي للتنمية، فانتقل اليمن إلى وضع اقتصادي مستقر عزز السلام السياسي وسحب القرار اليمني كاملا إلى السلطات اليمنية، لينطلق إلى قيادة البلد نحو إنجازات سياسية واقتصادية جديدة، تصمنتها أهداف الثورة اليمنية، الجمهورية في 26 سبتمبر 1962.

 

في العام 1990 قاد صالح ورفاقه في الجنوب إعادة تحقيق الوحدة اليمنية بعد قرون من التفكك، ومعها كسب الشعب اليمني خطوات سريعة وواسعة باتجاه الديمقراطية.

 

واستطاع الحفاظ على الوحدة، والقضاء على مؤامرة الانفصال في 1994 بمدة قياسية.

 

وفي العام التالي امتص مؤامرة احتلال إرتيريا لجزر حنيش وزقر، وأعاد الأرخبيل إلى الحضيرة اليمنية دون توريط اليمن واليمنيين في حرب لا يستبعد استغلالها في إنهاك البلدين الجارين.

 

ودرج مع دول الجوار على سياسة سلمية أثمرت معالجة المشكلات الحدودية مع المملكة العربية السعودية، برا وبحرا، ومع عمان، وإرتيريا.

 

ومرة أخرى وفر صالح قاعدة سياسية لإطلاق موجة اقتصادية وتنموية جديدة، شملت بعد الوحدة مساحة جغرافية تزيد على نصف مليون كيلو متر مربع، فتوالت الاستخراجات النفطية في شبوة وحضرموت، وأقيم أحد أهم المشاريع الاستراتيجية اليمنية في مجال الغاز الطبيعي المسال.

 

موجة تنموية مسنودة بعائدات النفط والغاز تجلت، حسب بيانات رسمية منشورة، في مختلف المجالات بينها ما يتعلق بالخدمات الأساسية.

 

في مجال التعليم، حتى 2010، بلغت المنشآت التعليمية أكثر من 15 ألف منشأة، ووصلت مراكز محو أمية الكبار نحو 3500 مركز، والمعاهد الفنية 71 معهدا، فيما الجامعات الحكومية 9 جامعات تضم 107 كليات، والأهلية 18 جامعة.

 

في المجال الصحي، وصل عدد المستشفيات حتى 2007 إلى 229 مستشفى مقارنة ب 75 في العام 1992، والمراكز الصحية 1379 مقارنة ب 370، وبلغت وحدات الرعاية الأولية 2609 مقارنة ب 940 في نفس الفترة.

 

وفي مجال الطرق، في 2010 قاربت أطوالها 35 ألف كيلومتر، منها أكثر من 16 ألفا، إسفلتية.

 

أما المنشآت الصناعية، فارتفعت من 33 ألفا سنة 1996 إلى أزيد من 42 ألفا ما بين منشأة كبيرة ومتوسطة وصغيرة، الكبيرة منها زادت من 373 إلى 1069 في الفترة ذاتها.

 

وفي المجال الزراعي، وصلت المساحة المزروعة في عهد صالح إلى ما يقارب المليون وربع المليون هكتار، ما يمثل 81 بالمئة من المساحة الصالحة للزراعة في اليمن.

 

وفي مجال خدمات المياه العامة، قارب المنتج منها 153 مليون متر مكعب في 2010، وعدد المنتفعين من الشبكة العامة أكثر من خُمس السكان اليمنيين، مع التنويه إلى أن سكان الريف في اليمن يشكلون 70 بالمئة من العدد الكلي للسكان.

 

وفي مجال الطاقة الكهربائية، ارتفع إنتاج الكهرباء العامة من 714 ميجاوات في العام 1990 إلى 1568 في العام 2010 بنسبة نمو تجاوزت 119 بالمئة، وزاد عدد المشتركين من 423 ألف إلى مليون و 667 ألفا بنمو 294 بالمئة، ووصل عدد المستفيدين من الكهرباء في الريف اليمني إلى 47 بالمئة، أي ما يقارب نصف سكان الريف.

 

مقابل الإنجازات السياسية والاقتصادية في عهد صالح، أدخل الحوثيون البلد في دوامة عزلت اليمن خارجيا، وفككته سياسيا حتى بات من الناحية العملية تتقاسمه ما بين خمس وست إدارات حكم على امتداد الجغرافيا اليمنية، وقضوا على الديمقراطية، مستبدلين لها بسلطة بوليسية قمعية في مناطق سيطرتهم، وبدلا من حقول الحبوب نشر الحوثيون حقولا تحوي مليون لغم، على امتداد عشرات الآلاف من الكيلو مترات، تصطاد يوميا ضحايا بينهم نساء وأطفال. كما أزاحت الحرب الحوثية ثلث الأطفال في سن التعليم من المدارس، وأخرجت 2500 مدرسة، ونصف المنشآت الصحية من الخدمة، ومعظم الطرق تآكلت، والخدمات الأساسية شبه معدومة، وصادرت المرتبات، وجففت مصادر الدخل بتعطيل الاستثمار العام وخلق بيئة طردت رؤوس الأموال الخاصة إلى الخارج، وانحدر متوسط دخل الفرد من أزيد من 1200 دولار في أواخر عهد صالح إلى أقل من 400 دولار وهو رقم يقارب متوسط الدخل في العام 1994. وإلى ما سبق بلغت نسبة الفقر في العهد الحوثي 88 بالمئة، وزادت البطالة إلى 63 بالمئة العام الماضي.

 

بينما انتهج الرئيس الشهيد علي عبدالله صالح سياسة السلام، وأنقذ اليمن من حروب كان من الممكن أن تطول إلى فترات لا يعلمها إلا الله، سواء داخلية، الجبهة الوطنية، وصيف 94، أو خارجية، مع الجنوب قبل الوحدة، والسعودية، وإرتيريا، التي توترت العلاقات بين اليمن وكل منها في مناسبات مختلفة، جميعها كانت كفيلة بإبقاء اليمنيين في مستنقع معالم ظلمات العهد الإمامي المتخلف في معظم مناحي الحياة، قاد الحوثي حروبا منذ 2004 ضد سلطات الدولة أسفرت عن عشرة آلاف قتيل، وخسارة مليارات الدولارات، وعند تمكنه في 2011 استمر في إشعال حروب داخلية في صعدة، الجوف، عمران، أرحب، وصنعاء وغيرها من المناطق، مدها عقب انقلابه في 2014 إلى كل أرجاء اليمن، ثم إلى حرب خارجية مع أهم جيران اليمن وداعميها، استنزفت دماء ما يقارب 300 ألف قتيل من الشباب اليمنيين، و55 مليار دولار حتى اللحظة، ومعها جرفت آمالهم لسنوات وربما لعقود قادمة في السلام والاستقرار والتنمية، وأعادت اليمن إلى مربعات من الضعف جعلتها مرتعا لنفوذ خارجي فاعل ومتعدد. 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص