
في لقاءٍ وصفه المراقبون بأنه "انعكاس للحراك السياسي المكثف" الذي تقوده الرئاسة اليمنية، استقبل فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، اليوم الاثنين، وفدًا رفيع المستوى من المكتب السياسي للمقاومة الوطنية برئاسة النائب الأول للشيخ ناصر باجيل، في إطار المشاورات الموسّعة مع القوى الفاعلة على الساحة اليمنية لرسم خريطة طريق للمرحلة المقبلة.
اللقاء، الذي حضره رئيس الوزراء سالم بن بريك ومدير مكتب الرئاسة اللواء صالح المقالح، ركّز على مناقشة استحقاقات المرحلة الحاسمة من تاريخ اليمن، بما في ذلك التحديات الاقتصادية، وتعزيز الأمن والاستقرار، وضرورة توحيد الجهود لاستعادة مؤسسات الدولة وبناء "يمن جديد" قائم على المواطنة المتساوية وتجريم العنصرية.
الحوار الوطني هو ضمانة الجمهورية
أكد الرئيس العليمي أن مثل هذه اللقاءات تُعدّ "ركيزة أساسية" في استراتيجية مجلس القيادة الرئاسي لتعزيز الشفافية والشراكة مع القوى السياسية، مشيرًا إلى أن التشاور الواسع مع الأحزاب والمكونات الوطنية هو "خطوة لا غنى عنها لتوحيد الكلمة في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها الوطن".
وأشاد بدور المقاومة الوطنية، بقيادة عضو مجلس القيادة الرئاسي العميد طارق صالح، في مواجهة "المشروع الإمامي المدعوم من إيران" ، مُبرزًا تدخلاتها الإنسانية المنسقة مع السلطات المحلية في المحافظات المحررة، والتي وصفها بأنها "نموذج يحتذى به للتعاون بين القوى الوطنية والحكومة الشرعية".
وقال فخامته: "إن معركة استعادة الدولة ليست معركة عسكرية فقط، بل هي معركة وجودية تشمل بناء مؤسسات قوية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وحماية الهوية العربية للشعب اليمني".
التحديات الاقتصادية.. من أزمات إلى فرص
وجّه الرئيس العليمي انتباه الحاضرين إلى التحديات الاقتصادية والتمويلية التي تواجهها الحكومة الشرعية، مشيرًا في هذا الصدد إلى أن الأزمة الراهنة ليست نتيجة سياسات داخلية، بل نتيجة "هجمات إرهابية متكررة وتعقيدات متراكمة" ، استنزفت موارد الدولة وعرقلت جهود التنمية.
لافتا إلى أن دعم التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، إضافة إلى شراكات مع الشركاء الإقليميين والدوليين، كان "عاملاً مُنقذًا" في تجاوز مرحلة حرجة من تاريخ اليمن، داعيًا إلى "تحويل التحديات إلى فرص" عبر تعزيز الموارد الذاتية وتحسين إدارة الإيرادات العامة.
وأضاف: "التعافي الاقتصادي لن يتحقق دون شراكة حقيقية بين الحكومة والقوى السياسية، ودون اعتماد مبادئ الشفافية والحوكمة كأساس للإصلاحات الشاملة".
النجاحات الأمنية.. من ضبط الخلايا إلى تفكيك المخططات
في سياق متصل، أشار الرئيس إلى الإنجازات الأمنية النوعية التي حققتها الأجهزة المعنية مؤخرًا، من ضمنها تفكيك خلايا إرهابية مرتبطة بالمليشيات الحوثية والتنظيمات المتطرفة، وإحباط مخططاتها التخريبية في المحافظات المحررة.
ووصف هذه العمليات بأنها "ضربة قاصمة للمشروع الإيراني في اليمن"، مشيدًا بيقظة الأجهزة الاستخبارية وتعاون المواطنين في دعم الحملات الأمنية، التي وصفها بأنها "درع واقي لحماية الجبهة الداخلية".
المقاومة الوطنية: شريك استراتيجي في معركة الجمهورية
من جانبه، قدّم وفد المكتب السياسي للمقاومة الوطنية عرضًا مُوجزًا حول جهود تعزيز الاصطفاف الجمهوري ، ومقترحات لتحسين التنسيق بين القوى الوطنية في صنع القرار، بما يعكس إرادة الشعب اليمني.
كما ناقش الوفد مع الرئيس العليمي رؤية المقاومة للتعامل مع المتغيرات السياسية والاقتصادية، وسبل التخفيف من المعاناة الإنسانية عبر بناء شراكات وطنية واسعة تُكمّل مسيرة المرحلة الانتقالية المرتكزة على المرجعيات المعتمدة.
وحدة الصف هي المفتاح
في ختام اللقاء، شدّد الرئيس العليمي على أن "الشراكة الحقيقية" تكمن في تحقيق تطلعات الشعب في "التحرير والعدالة"، مشيرًا إلى أن بناء الدولة العادلة يبدأ بـ"توحيد الصفوف ونبذ الخلافات".
ودعا إلى "خطاب إعلامي موحد" لدعم جهود الحكومة في إعادة بناء المؤسسات، وتحسين الإيرادات، والمضي قدمًا في الإصلاحات الشاملة، مؤكدًا أن "الانتصار على الانقلاب الحوثي ومشاريعه التوسعية لن يتحقق إلا عبر جبهة وطنية متماسكة".
يأتي هذا اللقاء في ظل تصاعد التوترات العسكرية في الجبهات، وتصاعد حدة الانتهاكات الحوثية، بما في ذلك الهجمات على المنشآت النفطية واختطاف السفن في البحر الأحمر.
كما يعكس توجهًا جديدًا نحو "إعادة ترتيب البيت الوطني"، في محاولة لتجاوز الانقسامات التي أفرزتها السنوات الماضية، وتوحيد الجهود لمواجهة المشروع الإيراني في اليمن.
ويرى مراقبون أن اللقاء يُعدّ خطوة أولى نحو تشكيل جبهة وطنية موسعة تجمع بين القوى السياسية والعسكرية، لدعم جهود الأمم المتحدة لتحقيق السلام المستدام، القائم على المرجعيات المعتمدة، وفي مقدمتها القرار 2216.

- المقالات
- حوارات