غادر اليمن عقب الانقلاب الحوثي وأعادته وصيته للدفن في موطنه: صادق الباشا.. رجل العدين الأبرز
الميثاق نيوز - قبل ثلاثة ايام احتشد الآلاف من أبناء منطقة العدين ومحافظة إب (وسط اليمن )؛ لمواراة جثمان عضو مجلس الشورى، عضو اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام واحد مؤسسيه في ثمانيات القرن الماضي الشيخ صادق علي محسن باشا، عن عمر قارب الثمانين عاماً.
يعتبر أهالي العدين الشيخ صادق شخصاً متميزاً، استطاع أن يكسر قاعدة المنافسة المشيخية في ما كان يعرف بقضاء العدين المشتمل على أربع مديريات، هي: العدين، مذيخرة، الحزم، والفرع، فبينما كان المشيخ في العدين متعدداً موزعاً بين أسر قبائل رئيسية، تمكن الباشا أن يتفرد، إلى حد كبير، بالتمثيل المشيخي لقضاء العدين على مدى يزيد على ثلاثين عاماً.
ويشير عديد من أهالي المنطقة إلى أن تميز الباشا لم يكن مستنداً فقط إلى الإرث المعنوي والمادي لأسرته بني الجماعي، وإنما كان إلى جانب ذلك كامناً في دهاء تمتع به الرجل أتاح له قدراً من المرونة في التعاطي مع مختلف الظروف والمراحل، والاستفادة من تجاربه.
تربى الشيخ صادق في بيت والده الشيخ علي محسن باشا، الذي كان له حضوره في تاريخ صراع القبيلة ضد التسلط السياسي، ابتداءً مع الوجود التركي، ثم الإمامة في عهد الإمامين يحيى وأحمد، وبدعم الثورة السبتمبرية قبل أن تدخل القبيلة في صراع مع سلطة الجيش المصري وتنحاز لمشروع المصالحة الوطنية الذي قادته المملكة العربية السعودية بين الملكيين والجمهوريين.
دوره الاجتماعي
توفي الأب في وقت مبكر من عمر الدولة الجمهورية، فتولى “صادق” الدور الاجتماعي للعائلة، وصقل تجاربه بالإسهام في مهام الدولة من خلال مجالس التطوير (مجالس محلية) في السبعينيات ثم الثمانينيات، كما قاد الواجهات الاجتماعية في العدين مع سلطات صنعاء ضد أنشطة الجبهة الوطنية الديمقراطية التي تشكلت من اليسار ضمن صراعات معسكرات العالم ومسمياتها “الرجعية والشيوعية”.
وفي العام 1982 كان من بين أعضاء المؤتمر التأسيسي للمؤتمر الشعبي العام، ورأس فرعه في العدين في التسعينيات، واستمر في منصبه سنداً للدولة حتى العودة بجثمانه من العاصمة الأردنية عمان الأربعاء الفائت.
آثرت أسرة بني باشا الانخراط في أنشطة الدولة، وتعاطت مع كل جهود الدولة تنظيم المجتمعات ومشاركات مناطق البلاد في الإدارة السياسية، وأصبح الشيخ أمين علي محسن باشا عضواً في مجلس الشورى، أول تجربة برلمانية في النصف الأول من سبعينيات القرن الماضي، ولا يزال لليوم نبيل صادق باشا، ومحمد أمين باشا، عضوين في مجلس النواب.
ومع تباشير قيام الوحدة اليمنية أواخر الثمانينات، شهدت دولة الرئيس علي عبدالله صالح أول اختلاف بين تحالف الإخوان المسلمين القبلي و“الدولة”، وبعد كلمته في مجلس الشوري التي رفض فيها بقايا صراعات الإسلام السياسي واليسار، أكد الرئيس صالح أنه سيغادر براً إلى عدن لإقامة الوحدة.. كان صادق الباشا على رأس الآلاف من أهالي العدين الذي هتفوا إلى جانب إخوانهم من أبناء محافظة إب مؤيدين إعادة تحقيق الوحدة.
وعقب الوحدة، وإعلان التعددية والمسار الديمقراطي الانتخابي، أثبت الباشا قدرة على التكيف مع الظرف السياسي الجديد، وقاد المؤتمر إلى الفوز بالنفوذ السياسي في مواجهة أطراف العملية السياسية يومها من الاشتراكي والإصلاح، وكان من الصعب الحصول على مقعد برلماني أو محلي دون تأشيرة المرور من الباشا.
وآثرت أسرة بني باشا الانخراط في أنشطة الدولة، وتعاطت مع الخطوات الديمقراطية الأولى منذ بداياتها بعضوية الشيخ أمين علي محسن باشا في مجلس الشورى، أول تجربة برلمانية في النصف الأول من سبعينيات القرن الماضي، وحتى الآن بعضوية نبيل صادق باشا، ومحمد أمين باشا في مجلس النواب الحالي.
ورغم الصراع الذي كان يشنه نشطاء الإخوان ضد من كانوا يسمونها “مشيخة الباشا”، فقد استمر الشيخ في علاقته برئيس الهيئة العليا للإصلاح كتوازن قبلي، ولكنه لم يشارك أبناء الشيخ بعد ذلك في تصعيدهم الموقف ضد دولة الرئيس صالح وصولاً إلى ثورة 2011، التي كانت إحدى ساحاتها في محيط نفوذ الشيخ رافعاً الشعارات ضده. وتجنب الشيخ الخوض في أي نشاط سياسي، لكنه بعد أن اقتحم الحوثي مؤسسات العاصمة صنعاء غادر اليمن، وبقي متنقلاً بين مصر، ولبنان، والأردن مع بعض أولاده خلال الأربع السنوات المنصرمة حتى توفاه الأجل، وعادت جثته، حسب وصيته، ليوارى جثمانه جوار قبر والده الشيخ علي محسن باشا في عزلة الجوالح بمديرية مذيخرة، محافظة إب.
- المقالات
- حوارات